كانت الحركة حثيثة في الساحة على غير عادة. ..سجاد أحمر يتوسطها. ..طرف في باب قاعة العلوم و الآخر عند قاعة الأساتذة. ..و أشرطة بيض على جانبيه كأنها خطوط متوازية. … كانت المحتفى بها داخل قاعتها تلقي درسها بعناية كأنه ليس بالدرس الأخير و لا تعلم بما يجري خارجها و حارستان على الباب تؤديان مهمة الحصار بإتقان. .. تتثاقل الثواني الأخيرة و يرن الجرس. ..عندها كان التلاميذ جاهزين حاملين باقات ورد و لافتات عليها جميل الكلام :شكر و امتنان و دعوات بالخير و دوام الصحة و زيارة البيت العتيق. .. و تخرج "مدام جويدة "و يروعها المشهد و يدفق دمعها و تحضنها الحارستان و تلبسانها تاجا و تتوجانها ملكة. .. تتهادى الملكةعلى السجاد و تمشي مشيتها الأخيرة بين قاعة العلوم و قاعة الأساتذة. ..و يذرف التلاميذ الدموع غزارا. ..مسافة قصيرة تقطعها في زمن ليس بالقصير. ..عجيب أن يصر التلاميذ على مصافحتها و النظر مليا في ملامح وجهها. ..فهي المعلمة و هي الأم. ..و هل يقوى الطفل أن يفارق أمه. .. تصل الملكة الخجولة إلى القاعة. …و تمتزج دموعنا ببسمات باهتة نخفي فيها عميق حزننا و شديد تاثرنا. ..خلاص مدام جويدة توجناك ملكة و نحن جند في مملكتك. .. أيتها الملكة الخجولة. … أية عبارات توفيك حقك بعد أن أفنيت سنين عمرك في أنبل مهنة. ..أي لفظ يليق بكرم خلقك و حسن معاشرتك و طيبة قلبك. …كل من عاشرك و زاملك إلا و رأى فيك خلقا رفيعا و تواضعا سمحا و تفانيا في العمل … سيدتي. …. جميل أن تقترن نهاية مسيرتك بحلول الربيع. ..فقد انقضى فبراير و حل مارس. ..فانطلقي إلى ربيع جديد و فضاء جديد بعزم من حديد. … كامل الصحة و موفور العافية مدام جويدة الفريخة …..تكريم رائع للأستاذة جويدة الفريخة في آخر حصة لها في إعدادية ابن الهيثم. .