وفاة أيقونة السينما العالمية كلوديا كاردينالي    عاجل: صدور قرار يتعلق بمؤسسات إسداء الخدمات بالرائد الرسمي... التفاصيل    عاجل : دوي انفجار قرب إحدى سفن أسطول الصمود العالمي في البحر المتوسط.    تفاصيل الهجوم الذي استهدف اسطول الصمود العالمي    ماذا في ميزانية 2026: التشغيل، الاستثمار والتحول الرقمي في صميم الأولويات    عاجل: الموت يغيّب كلوديا كاردينال عن عمر ناهز 87 عاماً    ثمن نهائي بطولة العالم للكرة الطائرة ..المنتخب يفشل في امتحان التشيك    قيمتها 100 مليار..وثائق مزوّرة فضحت تهريب حبوب الهلوسة    الموت يغيّب الممثلة كلاوديا كاردينالي    منظمة الصحة العالمية ترد على ترامب: لا صلة مثبتة بين الباراسيتامول والتوحد    ماكرون: ترامب لن ينال جائزة نوبل للسلام إلا بإنهاء الحرب في غزة    انطلاق نشاط وحدة بنك الدم بالمستشفى الجامعي بسيدي بوزيد    عاجل/ تفكيك شبكة خطيرة لترويج الكوكايين بهذه الجهة من العاصمة    مسرح الأوبرا يعلن عن فتح باب التسجيل في ورشات الفنون للموسم الثقافي الجديد    تظاهرة "الخروج إلى المسرح" في دورتها السادسة تحمل اسم الراحل الفاضل الجزيري    بطولة العالم لألعاب القوى - عدد قياسي للدول الفائزة بميداليات في النسخة العشرين    كاس العالم لكرة السلة... قطر 2027 : تونس تحتضن تصفيات النافذة الاولى    على متنها 3000 سائح...سفينة كوستا كروازيار ترسو بميناء حلق الوادي    عاجل : هذا هو موعد شهر رمضان 2026 فلكيا    ماتنساوش: مباراة إياب دوري أبطال إفريقيا بين الاتحاد المنستيري والأسود السيراليوني في هذا التاريخ    عاجل/ تعليق الدروس في هذه الولاية..    في بالك ... فما اختبار دم يقيس قداش كل عضو في بدنك تقدم في العمر؟    مدنين: 90 الف طن تقديرات صابة الزيتون الاولية لهذا الموسم    رغم الغياب عن البطولة: الترجي الرياضي يحافظ على الصدارة.. النجم الساحلي في المركز الثالث والنادي الإفريقي في المركز ال6    أوت 2025: شهر قريب من المعدلات العادية على مستوى درجات الحرارة    جندوبة: المطالبة بصيانة شبكة مياه الري لتامين حاجيات القطيع والاعداد للموسم الجديد    بالفيديو.. ماكرون "علق" بشوارع نيويورك فاتصل بترامب.. لماذا؟    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لنجم الفريق    اللاعب التونسي مراد الهذلي يجدد التجربة مع أهلي طرابلس الليبي    "DONGFENG" تمر للسرعة القصوى في تونس…! "DONGFENG" تُقدّم مجموعتها الجديدة من السيارات التي تشتغل بالطاقة المتجددة    الحضانة المشتركة من اجل تعزيز المصلحة الفضلى للأبناء بعد الطلاق    يا توانسة.. هلّ هلال ربيع الثاني 1447، شوفوا معانا دعاء الخير والبركة الى تدعيوا بيه    قبلي: انطلاق دورات تكوينية في الابتكار في النسيج والصباغة الطبيعية لفائدة حرفيات الشركة الاهلية "رائدات"    عاجل/ "كوكا، زطلة وأقراص مخدرة": أرقام مفزعة عن حجم المخدرات المحجوزة في تونس..    عاجل: ظهور سريع للسحب الرعدية يفرض الحذر في كل مكان!    مواطن يقوم بقيادة حافلة..وشركة النقل بين المدن توضّح وتكشف.. #خبر_عاجل    النفطي بمناسبة ذكرى مؤتمر بيجين حول المرأة : تونس تولي اهتماما خاصّا بريادة الأعمال النّسائية    إصدار طابع بريدي إحياء للذكرى 80 لتأسيس منظمة الأمم المتّحدة    الحماية المدنية :594 تدخلا خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ لأوّل مرّة: مسؤول أميركي يعترف ب"هجوم إسرائيلي على تونس"..    كان عندك برنامج آخر الويكاند... شوف الطقس كيفاش؟    الشيبس كل يوم.. تعرف شنوّة اللي يصير لبدنك    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    رئيس الجمهورية يدعو إلى تأمين محيط المعاهد ومقاومة تجّار المخدرات    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسيحيون في بلدان الخليج فرانشيسكو سترازاري ….عزالدين عناية
نشر في صحفيو صفاقس يوم 18 - 03 - 2018

يُعدّ كتابالباحث الإيطالي فرانشيسكو سترازاري من الدراسات القليلة التي تناولت أوضاع المسيحيين في الوقت الراهن في بلدان الخليج العربي،وهو يندرج ضمن اهتمامات الباحث بالمسائل الأمنية والتعايش الديني بين المسلمين والمسيحيين. فقد أصدر في الشأن عددا من المؤلفات منها: "صوب الأرجنتين لمعرفة البابا برغوليو" 2013، و"الكنائس في أكرانيا والقوقاز بعد 1989″ 2011،و"المسيحيون بين الأصولية والحرب في بلاد الرافدين" 2010. والكتاب المخصص لشؤون المسيحيين في الخليج العربي يأتي بشكل عام ضمن مناخ يسود فيه تخوّف على مصائر الأقليات المسيحية في البلاد العربية من الأكثرية المسلمة. ولذلك وجب التنبه إلى ضرورة التعاطي مع المسيحية في الخليج العربي ضمن منطق مغاير، بوصفها مسيحية مهاجرة عابرة ووافدة وليست مسيحية أصيلة، حتى لا تُحشَر ضمن منطق الأكثرية والأقلية.
يستهلّ الباحث بحثه بتقديم عام بقلم جورج إميل عيراني الأستاذ في الجامعة الأمريكية في الكويت، يستعرض من خلاله الخاصيات التاريخية والسياسية لمجمل بلدان الخليج، مبرزا الأوضاع الاقتصادية الجيدة التي ساهمت في جذب المسيحيين وغيرهمنحو هذه البلدان.إذ يفوق عدد المهاجرين في بلدان الخليج 15 مليونا، وتبلغ نِسبهم في قطروالإماراتمثلا أكثر من ثمانين بالمئة، في حين تتنازلفي سلطنة عمان والعربية السعوديةإلى قرابة ثلاثين بالمئة.يتناول عيراني في تقديمه الخصوصيات الدينية والاجتماعيةالمحافظة في الخليج، فضلا عمّا يشهده من تحدياتمتمثّلةفي تسرّب التشدد الديني، ناهيكعن التهديدات والمطامع الخارجية،التي جعلت من تلك البلدان محطّ أنظار العديد من القوى الإقليمية والدولية.
ينطلق الكاتب في بحثه بحديث عام عن الجذور التاريخية للمسيحية في جزيرة العرب، كون هذا الدين يعود تاريخهإلى عهود سابقة لظهور الإسلام. ليتتبّع تلك الجذورمنطلقا من النص الوارد في العهد الجديدعلى لسان بولس "بل انطلقتُ إلى بلاد العرب وبعد ذلك رجعتُ إلى دمشق" (الرسالة إلى مؤمني غلاطية1: 17)، الذي يلمحفيه لخُلوتهالروحية التي يُرجَّح حصولهافي منطقة الأنباط، تحديدا في البتراء. ومع أن المسيحيةقد شهدت فتنة عقدية مبكرة حول شخص المسيح،بين الموحِّدين وأنصار الطبيعة الواحدة للمسيح، البشرية والإلهية،فقد كان جنوب الجزيرةفضاء خصبا لانتشار الأريوسية الموحّدة، النافية لأي بُعد إلهي في شخص المسيح. من جانب آخريُرجِع الباحثعدم تجذّر المسيحيةفي تلك البقاع إلىطابع الترحال المهيمن، فضلا عن عداء يهود الجزيرةالمستحكم للمسيحيين، وما خاضه ذو النواس في أرض اليمن من سعي حثيث لاجتثاث أتباع دين المسيح في مطلع القرن السادس. وبرغم الأوضاع العسيرة التي أَلمّتبالمسيحية في جزيرة العرب،والتي روى القرآن الكريم حدتها في "سورة البروج" تواصَلَ حضور أتباع المسيح حتى فجر الإسلام، في مكة وتيماء ووادي القرى والمدينة. ويذهب سترازاريإلى تواجد تواشج عميق بين الروحانية الإسلامية والرهبنة المسيحية من حيث أشكال التعبد والتقرب إلى الله والتعامل مع نصوص التلاوة سواء في القرآنالكريم أوالمزامير، وهو ما خلّف تقاربا بين التصوف الإسلامي والنسك المسيحي.
بعد ذلك التمهيد التاريخي للمسيحية في الجزيرة،يتناول الكاتبالحضور المسيحيخلال الفترة الحديثة مع تشكل نواتاتالوافدين كما هو الشأنحول ميناء جدة. حيث أُنشئت نيابة بابوية ترعى شؤونالجالية برئاسة أنطونيو بوناجونتا فوغي الإسبانيوالمكلَّف من "بروباغندا فيد"، الأمانة الراعية لشؤون التبشير في حاضرة الفاتيكان. لتغادرتلك الهيئةجدة في فترة لاحقة باتجاه عدن. وفي 28 يونيو 1889 حين تشكّلت النيابة الرسولية للجزيرة العربية كانت تضمّ ما يُعرف اليوم بالكويت واليمن والعربية السعودية والبحرين وقطر وعمان والإمارات العربية وقد تولى مهامها الكابوتشيون، أُتبِع ذلكبتدشين أول كنيسة في المنامة سنة 1939،ليتسارع حضور المسيحيين معمنتصف القرن العشرين بتطور الصناعة البترولية.ونظرا للتطورات الحاصلة في أعداد المسيحيين الوافدين على المنطقة،تم تقسيم النيابة الرسولية للجزيرة العربية إلى فرعين، أحدهما شمل البحرين والكويت وقطر العربية السعودية والآخر ضمّ جنوب الجزيرةوعمان والإمارات واليمن.
في القسم الثاني من الكتاب يتحوّل الباحث إلى عرض أوضاع المسيحيين في الراهن،مستهلا حديثه بالعربية السعودية التي يبلغ عدد المسيحيين فيها، وفق ما يورده،مليونا ونصف المليون جميعهم من الوافدين، وليس من ضمنهم رسميا مسيحيون سعوديون.كما يبيّنسترازاري أنالعربية السعودية لا تربطها علاقات دبلوماسية بحاضرة الفاتيكان وإن كانت تجمعها اتصالات غير مباشرة. مبرزا أن ما يَحُول دون إرساءعلاقات بين البلدين يتلخص في المطالبة من الجانبالمسيحي بحرية العبادة وتشييد دُور خاصة للعبادة، فضلا عن الإلحاح الدائم للسماح بأنشطة اجتماعية تابعة للكنيسة.
سلطنة عمان
بعد تقديم تاريخي واجتماعي للسلطنة، يتناول الكاتب المسيحيةعبر تاريخ عمان الحديث منطلقا من الغزو البرتغالي سنة 1508 وهو ما ترافقبإصرار من الأهالي لتحرير بلدهم من الغزاة الأجانب الذين خلّفوا وراءهم بعض الآثار الدينية مثل الكنيسة الصغيرة في قلعة الميراني. بعد أن تحولت البلاد إلى محمية بريطانية سنة 1891 نالت استقلالها سنة 1971. يورد الباحث أن نسبة المسيحيين من جملة أديان أخرى في السلطنة تبلغ خمسة بالمئة. ويذكر أن تاريخ الكاثوليك في السلطنة يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر حين ناشد جمعٌ من الكهان في عمان القنصل الفرنسي في مسقطلمساعدتهم لفتح بيت للرعاية. مع ذلك بقي عدد المسيحيين إلى غاية العام 1976 محدودا،تاريخ شروع الكابوتشي الأمريكي الكاهن بارث كيستل فيإنشاء كنيسةفي منطقة روي، بعد نيلترخيصمن السلطان قابوس. ومع تطور الصناعة البترولية في السلطنة وتنامي أعداد المسيحيين طلب المونسنيور غريمولي من السلطان السماح له بإنشاء "بيت للصلاة"، وتم تدشين الكنيسة سنة 1981. يذكُر الباحث تعذّر التآلف بين مختلف المذاهب المسيحية، ما دفع إلى إنشاء كنيسة خاصة بالكاثوليك خلال العام 1984. ومع تزايد العمالة الأجنبية وتعدد المطالبات بتوفير أماكن خاصة للعبادة سمحت السلطنة بكنيستين واحدة في بوشاروأخرى في غلا فضلا عن إقامة للرهبان، وتم تدشين المقر سنة 1987 بحضور أربعة آلاف مسيحي. وعلى مستوى عام تبلغ أعداد الكاثوليك في السلطنة زهاء ثمانين ألفا، تسهر عليهم أربع أبرشيات، اثنتان في مسقط (روي وغلا) وثالثة في صحار ورابعة في صلالة، يتولى تسييرها في الوقت الحالي تسعة كهنة. حيث يتمتع المسيحيون بحرية تامة في أماكن العبادة الممنوحة من قِبَل الدولة. وأما من جانبإسداء الخدمات فهي خاضعةلترخيص تمنحهالدولة. يذكر الكاتب أن العلاقات مع السلطات في العموم طيبة ويقدِّر أن نسج علاقات دبلوماسية مع الكرسي الرسولي هو مسألة وقت.
البحرين:
كان يقطن خلال ثلاثينيات القرن الماضي في البحرين قرابة 500 كاثوليكي يشملهمبالرعاية في ثلاث مناسباتسنويةكاهن كرملي يأتي للغرض من بغداد. وقد أُنشئت أول كنيسة في المنامة سنة 1940، لحقها تأسيس مدرسة سنة 1953 بموجب تكاثر أبناء الأسر الوافدة، تتولّى الإشراف عليها راهبات التنظيم الكومبوني. وفي الحقبة المعاصرة شهدت العلاقات مع حاضرة الفاتيكان تطورا ملحوظا حيث استُقبل رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة من قِبل البابا بندكتوس السادس عشر في التاسع من يوليو 2009. ووفق ما يورده الباحثتبلغ نسبة المسيحيين في البحرين عشرة بالمئة من المجموع العام للسكان، أي ما يعادل مئة ألف مسيحيأغلبهم من الفيلبين. وتنتصبفي العاصمة البحرينية كنيسة كبرى يسهر عليها ستة كهنة من الكابوتشيين. كما توجد كنيسة أخرى يؤمها قرابة الألف كاثوليكي في عوالي يسهر عليها كاهن مقيم،وثمة توجّهٌ لتحويل كنيسة عوالي إلى كاتدرائية كبرى للنيابة الرسوليةلشمال الجزيرة العربية، وقد حظي ذلك بتزكية من الجهات الرسمية.
دولة الكويت:
تبلغ نسبة أعداد الكاثوليك في دولة الكويت تسعة بالمئة، ويمثّل الأجانب تقريبا نصف سكان البلاد من ضمنهم 12 بالمئة من المسيحيين، يتوزعون بين العديد من الكنائس، لكن يبقى الكاثوليك الأكثر عددا، حيث يبلغ عددهم 350 ألفا ينتمونإلى مختلف المذاهب،اللاتين والموارنة والأقباطوالأرمن والسريان والكلدان. وتمثّل الكتلة التابعة للطقس اللاتيني القسم الأهمّ، وهي متأتية من الهند والفيلبين والبلدان العربية، فضلا عن أعداد قليلة قادمة من إفريقيا وأمريكا اللاتينية والبلدان الآسيوية.وعلى العموم يمثّل المسيحيون فسيفساء متنوعا يتوزعون بين بلدان عدة ويتكلمون لغات شتى،وقد خلّف ذلك جملة من المشاكل ذات طابع طقسي وتنسيقي، يظهر في التوتر الحاصل بين تجمعات البروتستانت والكاثوليك، التي غالبا ما يسعى القائمون لتطويقها.
في مجال التسيير يشرف آباء سيدة الكرمل على النيابة الرسولية منذ 1953، تصحبهم في الوقت الحاليتنظيمات كنسية أخرى. كما نجد تجمّعات للراهبات وافدة من الأردن ولبنان تشرف على مدرسة فجر الصباح، وتشرف راهبات الكرمل من الهندعلى مدرسة الكرمل، كما يدير الآباءالسالزيان المدرسة الأكاديمية.
خلال سنوات قليلة تطوّرت أعداد الكاثوليك في الكويت من 100 ألف إلى 350 ألفا، ما انعكست آثارهعلى مداولاتالبرلمانبشأن السماح من عدمه لتوسيع الكنائس الحاليةوذلك جراء تخوّفات من أعمال التبشير،كما ثمة خشية من الجانب المسيحي لانتهاء العقد المتعلق بالكاتدرائية بحلول العام 2016، وهي من التحديات العويصة التي تواجه الكنيسة في بعض بلدان الخليج كونها كنيسة عابرة ومؤقتة. يُذكر أن دولة الكويت تربطها علاقات دبلوماسية بحاضرة الفاتيكان منذ العام 1968.
قطر
تُقدَّر نسبة المسيحيين في قطر بتسعة بالمئة من مجموعالوافدين العام. ويعطي مؤلف الكتاب صورة قاتمة عن النظام الاجتماعي السائدفي البلاد كون النهج العام يطغى عليه الطابع الوهابي،ومع أن القانون يمنع التمييز على أساس ديني فهو يحظر أي شكل من أشكال التبشير. خلال ثمانينيات القرن الماضي كان عدد المسيحيين ستة آلاف،وفدوامن بلدان شتى خصوصا من الهند، وفي الوقت الراهن تبلغ أعدادهم 400 ألف، من ضمنهم ربع مليون كاثوليكي على رأسهم ثمانية كهان يتولون شؤون الرعية بشكل رسمي. بحلول العام 2008 أمرَالأمير حمد بن خليفة بإنشاء موضع مخصص يسمى "مركب الأديان" يشمل المسيحيين، وتطورت الأمور بسماح قطر بحضور جماعة من الرهبان يسهرون على شؤون الجالية، حيث يقام في الكنيسة خلال أيام الجمعة والسبت والأحد زهاءأحد عشر قدّاسا في اليوم الواحد بلغات مختلفة يشارك فيها بين عشرين ألفا و ثلاثين ألف مسيحي، كما تنعم الجاليةبجملة من المركبات تسدي خدمات للكنيسة تغطي مختلف الحاجاتالأسرية والتربوية والتعليمية. فضلا عن ذلك ثمة مركزان آخران في الخور ودخان، علما أن قطر تربطهاعلاقات دبلوماسيةبحاضرة الفاتيكان.
اليمن
يناهز عدد الكاثوليك في اليمن أربعة آلاف، تسهر على شؤونهم أربع أبرشيات في صنعاء وعدن وتعز وحديدة،كما توجد دورٌ للرعاية الصحيةأيضاأنشِئت منذ 1973.وقد تمت مصادرة أماكن الرعاية والمدارس أثناء حكم الشيوعيين،وبعد مقتل ثلاث راهبات في الحديدة سنة 1998 أُحيطت أديرة الراهبات بحراسة مشددة من قِبَل السلطات الرسمية.
الإمارات العربية
خلال سبعينيات القرن الماضي حين غدت أبوظبي عاصمة البلاد سمحت السلطات بإنشاء كنيسة ومدرسة وبيت إقامة لرجال الدين. ومع إخلاء عدن من النشاط المسيحي في مطلع العام1974 تحول رجال الدين إلى أبوظبي لتغدو مقرا للنيابة الرسولية.في فترة لاحقة وُضِع حجر الأساس لأول كاتدرائية في مارس 1981وتم تدشينها في فبراير 1983 بحضور عدد من الشخصيات الدينية والسياسية. وفي دبي جرى الترخيص منذ مطلع الستينيات لإنشاء كنيستين أُتبعتبالعديد من المدارس الدينية تتوزع بين مختلف الطقوس. وفي الشارقة أيضا بعد تشكّل جالية مسيحية تم السماح بإنشاء كنيسة يتقاسمها الكاثوليك والبروتستانت ليجري تغيير مقرها نحو مكان آخر. كذلك أُنشئت كنيسة في إمارة العين منذ العام 1969 جرى توسيعها مع مطلع العام 1981. بشكل عام يناهزعدد الكاثوليك في الإمارات المليون نسمة، حيث تتواجد سبع أبرشيات يسهرعليها 32 كاهنا يرأسهم أسقف. ومنذ إرساء علاقات دبلوماسية مع حاضرة الفاتيكان سنة 2007 تطورت العديد من الخدمات، حيث نجد سبع مدارس يديرها كاثوليك يرعون 17 ألف طالب وطالبة من التحضيري إلى ما قبل الجامعة، كما سمحت السلطاتخلال العام 2011 بإنشاء كنيستين جديدتين.
ووفق تقديرات عامة يتواجد في بلدان الخليج العربي زهاء ثلاثة ملايين مسيحي كاثوليكي، من ضمنهم 30 ألف طفل يتمتعون برعاية تربوية ودراسية مسيحيةيسهر على شؤونهم 90 رجل دين.والجلي فيالكنيسة في الخليج العربي أنها تتشكّل من مهاجرين، نصفهممن الشرق الأوسط، مع ذلكتسعى حاضرة الفاتيكان إلى كسب الجميع إلى صفها،سعيا لتثبيت قدمفي تلك البقاع والتأثير من خلالهم، وذلك عبر تبنيمطالبهم. وهو ما يملي علىبلدان الخليج ضرورةإرساء سياسة هجرة مشتركة للرد على التحديات المطروحة. فالفاتيكان يلحّ من خلال وسائل إعلامه على ضرورة مراعاة الحرية الدينية في الخليج، والحال أن الحرية الدينية مصطلح فضفاض تتغير دلالته بتغير الأنظمة الاجتماعية. فالحرية الدينية في الغربتتغير دلالتها من بلد إلى آخر، وليست الحرية الدينية في أوروبا مثل نظيرتها في أمريكا التي تنعدم فيها هيئة دينية مهيمنة ناطقة باسم الدين.
لعل من المآخذ الجلية على الكاتب أنه يبتعد في العديد من فصول كتابه عن موضوعه الأساسي المتعلق بتتبع أوضاع المسيحيين، ليتحول إلى تنديد بأوضاع المهاجرين ونظام الكفيل. يقول مثلا تحت عنوان المسار الطويل والشاق لحقوق الإنسان في دول الخليج، صفحة: 60 "ثمة مئات الآلاف من المسيحيين خصوصا من النساء يعيشون في حالة عبودية بدون أية حقوق" وهو افتراء بدون دعامات.
الكتاب:المسيحيون في بلدان الخليج.
المؤلّف: فرانشيسكو سترازاري.
الناشر: منشورات ديهونيان (بولونيا-إيطاليا)"باللغة الإيطالية".
سنة النشر: 2018.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.