صعقنا بخبر موتك و صدمنا بنبإ رحيلك عنّا ، و أنت جزء من تراثنا و بعض من ذاكرتنا و فرحنا ، فكانت المفاجأة الصدمة التي هزّت – دون مبالغة – كيان مجتمع بأكمله ، و على إختلاف أجياله و شرائحه و تلويناته ، و من شماله إلى جنوبه ، فبكى من بكى وجعا و حسرة ، و تألّم من تألّم كدرا و شجنا ، و حزن من حزن أسى و لوعة على رحيلك ، و أنت الفنّان الشعبي بحق الذي أطرب و حرّك السواكن حيثما حلّ : في الأعراس ، في المهرجانات و الحفلات العامّة أو في المنوّعات التلفزيّة ، الفنّان الذي تسلّل إلى قلوبنا فكسب ودّنا و محبّتنا و تعاطفنا بما قدّمه لنا من أغان – على بساطة كلماتها و شجيّ إيقاعاتها – كانت تشدّنا شدّا و تهزّنا هزّا ، شيبا و شبابا ، فنتفاعل معها و نردّدها ، لتزرع فينا الفرح و البهجة و الإقبال على الحياة ، فتنتزعنا من لحظتنا الخاصّة لتقحمنا في عالم آخر هو بالتأكيد ليس عالمنا ، فننسى من خلالها – و لو للحظات – همومنا اليوميّة و مشاغلنا الإعتياديّة و إنتماءاتنا الفكرية و قناعاتنا الإيديولوجية ، حتّى صحّ قول تولوستوي عن الفنّ بأنّه ” يمحو شتّى الفواصل بين النّاس ” و إن للحظات معدودة … لقد مرّرت عديد الإذاعات هذا الصباح باقة من أغانيك ، فرقص البعض على إيقاعاتها باكيا فراقك متألّما لرحيلك ، و ها أنّك تصنع الفرح و تزرع البهجة حتّى في موتك و كم ترانا اليوم في حاجة إلى لحظات فرح و نحن نحمل همّ بلد يرشح مفارقات و يستشري صراعات و نزاعات ولا تنمو فيه إلاّ الأظافر و الأنياب . رحمك الله و طيّب ثراك و خلّد ذكراك و جعل الجنّة مثواك ، و سبحان من تفرّد بدوام العزّة و البقاء و كتب على مخلوقاته الموت و الفناء .