0 حجم الخط في الوقت الذي لا تستطيع فيه إسرائيل أن تقصف في سوريا، أو على الأقل العمل بصورة حرة كما فعلت قبل إسقاط الطائرة الروسية من قبل صواريخ سورية، تقوم بتقريب الجبهة اللبنانية إليها التي كانت هادئة خلال سنوات. نقل الجبهة من سوريا إلى لبنان، إذا كان هذا حقاً هو هدف إسرائيل، يقلص الهدف الاستراتيجي لها ويضعه حول حزب الله. هذا مقابل الهدف الأوسع للحرب ضد إيران في الساحة السورية. إسرائيل أوضحت بدعم أمريكي كامل، أنها لن تسمح بتمركز إيران على طول حدودها مع سوريا. إذا استخدمت هجماتها ليس فقط من أجل منع نقل السلاح والوسائل القتالية من إيران عبر سوريا إلى حزب الله، بل من أجل نقل رسالة شديدة لإيران، فهي الآن في وضع يجب عليها العمل فيه ضد تواجد إيران في سوريا بطرق دبلوماسية. وإذا كانت نية إسرائيل هي العمل ضد حزب الله فسيكون عليها القيام بذلك في الساحة اللبنانية. هذا التحول أشار إليه المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون سوريا، جيمس جفري، الذي اوضح للصحافيين في الشهر الماضي بأن خروج القوات الإيرانية سينفذ في إطار جهود دبلوماسية وسياسية، أي ليس من خلال استخدام القوة. رسالة أخرى وصلت أمس من جفري، عندما عرض في لقاء مع سفراء فرنسا وبريطانيا وألمانيا والسعودية ومصر والأردن، أن يتم تحديد مناطق في سوريا للطيران يشبه الحظر الذي فرض على العراق في التسعينيات بعد حرب الخليج الأولى. مجرد عرض الفكرة يمكن أن يشير إلى نية أمريكا تقييد ليس فقط نشاطات روسيا بواسطة الأممالمتحدة، بل أيضاً إسرائيل. هناك شك إذا كان هذا العرض سينضج، بالأساس بسبب معارضة روسيا، لكن توجد فيه إشارة غير خفية أيضاً تجاه إسرائيل. في المقابل، يبدو أن إحياء ساحة القتال في لبنان كبديل عن الساحة السورية يعتبر سيناريو غير مرغوب فيه، سواء بالنسبة لإسرائيل أو حزب الله. هذا سيناريو يمكنه في هذا الوقت أن يحدث فقط في أعقاب خطأ تكتيكي على الأرض مثل المس بنشطاء حزب الله أو إطلاق غير مراقب من جانب حزب الله على معدات العمل الإسرائيلية. في الأشهر الأخيرة يرضخ حزب الله تحت أزمة سياسية يجد فيها صعوبة لجني كل المكاسب السياسية التي طمح بها في إطار الجهود لتشكيل الحكومة في لبنان. حزب الله يسعى إلى بلورة كتلة يكون له فيها على الأقل 11 وزيراً في الحكومة، وبذلك يمكنه منع اتخاذ قرارات أساسية لا تروقه. حسب الدستور في لبنان، القرارات المصيرية مثل الميزانيات، ومشاريع وطنية أو عقد صفقات، تقتضي تأييد ثلثي أعضاء الحكومة. بناء على ذلك يكفي أن يكون لدى كتلة أغلبية الثلث زائد واحد، 11 من أصل 30 وزيراً، من أجل إحباط اتخاذ أي قرار. من أجل استكمال نصاب مؤيديه، طلب حزب الله إضافة عضو سني في الحكومة (نصيب الأعضاء الشيعة تم استنفاده) من بين الأعضاء السنة الذين يؤيدونه. رئيس الحكومة السني، سعد الحريري، يعارض هذا الأمر بسبب أن إضافة عضو سني ستأتي على حساب نصيب الوزراء من كتلته، ولأنه غير معني بمنح حزب الله القوة السياسية التي يطمح إليها. هكذا، طالما لا يوجد اتفاق على تشكيل الحكومة فلا توجد أي جهة يمكنها اتخاذ قرارات، وهو وضع استمر منذ الانتخابات التي جرت في لبنان في أيار الماضي. هذا الصراع السياسي هو الآن مركز انشغال حزب الله، وهو لا يتوق إلى أن يفحص مرة أخرى قوته أمام إسرائيل في مواجهة عنيفة. مواجهة كهذه ستجبره على خرق ميزان الردع المريح الذي نجح في ترسيخه منذ حرب لبنان الثانية. هذا الميزان مكن حزب الله من العمل تقريباً بدون إزعاج في سوريا، وبدون الخشية من أن تستغل إسرائيل هذه الفرصة لمهاجمته في لبنان. التهديد الأخطر يكمن في احتمال أن تقرر إسرائيل قصف مواقع مطلقي الصواريخ داخل الأراضي اللبنانية، وبهذا تدفع حزب الله إلى الرد. إسرائيل تحاول مؤخراً نقل رسائل شديدة لإيران وحزب الله عبر دول أوروبية وروسيا، وبدرجة محدودة أكثر عبر الولاياتالمتحدة. المشكلة هي أنه لا يوجد لهذه الضغوط عنوان ناجع. إسرائيل تستطيع الإعلان أنها ترى في حكومة لبنان مسؤولة عن كل التطورات على الأرض، لكن في ظل عدم وجود حكومة لا يوجد أيضاً من يستطيع استخدام الضغط على حزب الله. صحيح أن الولاياتالمتحدة يمكنها تجميد المساعدات التي تقدمها للجيش اللبناني، لكن هذا سيشكل إطلاق نار على ساقها. في ظل شبكة الضغوط هذه مطلوب من إسرائيل الحكمة والحذر الشديد، وهي تحاول شد الحدود وفحص الإمكانيات في الساحة اللبنانية، لأن هذه الساحة لم تعد إطاراً محلياً محدوداً للمناكفات اللبنانية الإسرائيلية، بل ساحة ذات إمكانية كامنة لمواجهة أوسع، يمكن أن تتورط فيها الدول العظمى. هآرتس 5/12/2018