شبهة تلاعب بالتوجيه الجامعي: النيابة العمومية تتعهد بالملف والفرقة المركزية للعوينة تتولى التحقيق    عاجل: تسقيف أسعار البطاطا والسمك يدخل حيّز التنفيذ    وزير السياحة يعاين جهود دعم النظافة بجزيرة جربة ويتفقد موقعا مبرمجا لاقامة مدينة سياحية ببن قردان    الصولد الصيفي يبدا نهار 7: فرصة للشراء ومشاكل في التطبيق!    عاجل/ مقتل فنانة خنقا في عملية سطو على منزلها…    أول رد لحماس على طلب نتنياهو بشأن "غذاء" الرهائن..#خبر_عاجل    نشطاء إسرائيليون يعرقلون دخول المساعدات إلى غزة    ترامب: الغواصتان النوويتان اللتان أمرت بنشرهما تتموضعان في "المكان المناسب"    تونس تحرز المرتبة الثالثة في النسخة الأولى من الألعاب الإفريقية المدرسية بالجزائر ب141 ميدالية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/تنبيه: تيارات قوية وأمواج متقطعة..السباحة ممنوعة اليوم..    بشرى سارة: درجات الحرارة أقل من المعدلات العادية خلال العشرية الأولى من شهر أوت..#خبر_عاجل    مهرجان الحمامات الدولي 2025: "روبين بينيت" تغني للحب والأمل في عرض ينادي بإنسانية الإنسان    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    حكايات تونسية ...«الماء إلّي ماشي للسدرة.. الزيتونة أولى بيه»    القناوية... فوائد مذهلة في ثمرة بسيطة... اكتشفها    كأس أفريقيا للمحليين... حلم الجزائر في 2025    فيما «البقلاوة» تثور على التحكيم ...الترجي يحرز «السوبر»    إعفاء كاتب عام بلدية مكثر    أخبار الحكومة    المنستير: دعوة إلى إحداث شبكة وطنية للإعلام الجهوي خلال ندوة علمية بمناسبة الذكرى 48 لتأسيس إذاعة المنستير    أماكن تزورها...بلاد الجريد حضارة وتراث وتقاليد    وسط تحذيرات من ضربة مفاجئة جديدة.. إيران ترفض وقف تخصيب اليورانيوم    أبو عبيدة.. مستعدون للتعامل مع الصليب الأحمر لإدخال الطعام والدواء لأسرى العدو ولكن بشرط    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    العهد مع جمهور الحمامات ...صابر الرباعي... يصنع الحدث    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    مصب «الرحمة» المراقب بمنزل بوزلفة .. 130 عاملا يحتجون وهذه مطالبهم    الجوادي بطل العالم في 800 و1500 متر سباحة ... ميلاد أسطورة جديدة    وفاة كهل غرقا بشواطئ بنزرت    واقعة قبلة الساحل تنتهي بودّ: اتصال هاتفي يُنهي الخلاف بين راغب علامة والنقابة    تطاوين على خارطة السياحة الوطنية: إجراءات جديدة لدعم المشاريع والشركات الأهلية    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    لماذا يجب أن ننتبه لكمية السكر في طعامنا اليومي؟    فاكهة بألف فائدة: لماذا يجب أن تجعل العنب جزء من غذائك اليومي؟    جرجيس: انتشال جثتين لطفلين غرقا بشاطئ حسي الجربي    هكذا سيكون الطقس هذه الليلة    مقترح قانون لإحداث بنك بريدي: نحو تعزيز الشمول المالي وتوفير خدمات مصرفية للفئات المهمشة    تنبيه للمواطنين: انقطاع واضطراب الماء بهذه المناطق..    سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    اعادة انتخاب عارف بلخيرية رئيسا جديدا للجامعة التونسية للرقبي للمدة النيابية 2025-2028    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تواصل الحملة الأمنية المصرية على التيك توكرز.. القبض على بلوغر شهير يقدم نفسه كضابط سابق    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    ''السوبر تونسي اليوم: وقتاش و فين ؟''    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    الملك تشارلز يعرض مروحية الملكة إليزابيث للبيع    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    المعهد الوطني للرصد الجوي.. البحر قليل الاضطراب والسباحة ممكنة في النهار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوماً ... (2-3):تأليف: عاموس هاريل وايفي ايسا كروف - عرض وترجمة: عمر حنين

تأليف: عاموس هاريل وايفي ايسا كروف - عرض وترجمة: عمر حنين
img align="left" src="http://www.alfajrnews.net/images/iupload/kitab_34tag_harb_isr_lobanan.jpg" style="width: 83px; height: 107px;" alt=""إسرائيل" والحرب في لبنان تأليف: عاموس هاريل وايفي ايسا كروف - عرض وترجمة: عمر حنين" /لا يزال الجدل مثاراً في العالم العربي وفي “إسرائيل” حول العدوان “الإسرائيلي” على لبنان في صيف عام 2006 الساخن، ولكن هناك اتفاقاً واضحاً على أنها الحرب الأولى التي كشفت عورة “إسرائيل” على نحو غير مسبوق، حيث انقسم الرأي العام فيها حول مدى نجاحها أو فشلها، وكذلك فإنها سلطت الضوء على المؤسسة العسكرية “الإسرائيلية” التي تأكد أنها ليست إلا “نمراً من ورق” فقد أخفقت في تحقيق أهدافها بعد 34 يوماً من العمليات العسكرية الواسعة النطاق ضد دولة صغيرة مثل لبنان.
أمريكا أعطت الضوء الأخضر للعدوان
يوضح الكتاب أن الحكومة “الإسرائيلية” قامت باتصال هاتفي قصير فعلاً مع واشنطن، وذلك في إطار الاستعدادات العاجلة لشن الهجوم على لبنان. وكانت المكالمة تمثل إعطاء الضوء الأخضر لتنفيذ الهجوم والموافقة على خطة وزير الدفاع “الإسرائيلي”. ويصف المؤلفان طابع المكالمة بأنه كان ودياً ما يؤكد تماماً ما كان العرب يتحدثون عنه وهو أن أمريكا باركت هذا العدوان بل وشجعته. وتحدث رئيس الوزراء “الإسرائيلي” مع وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك كوندوليزا رايس. ويقول الكتاب بالحرف الواحد “إن إدارة الرئيس بوش تفهمت حاجة “إسرائيل” إلى الرد وذلك بعد عملية الاختطاف الثانية في غضون ثلاثة أسابيع”.
ولكن رايس أكدت ضرورة عدم قيام “إسرائيل” بإلحاق الأذى برئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة وكذلك تفادي قصف المنشآت المدنية.
وكانت الإدارة الأمريكية ترى أن “السنيورة زعيم ضعيف نسبياً، إلا أنه يعتبر زعيماً واعداً”. وكانت واشنطن تعتبره ضمن قائمة “الأشخاص الطيبين” الذين يعملون ضد محور الشر وبصفة خاصة لأنه التزم بطرد القوات السورية من لبنان. ووافق إيهود أولمرت على هذين الشرطين بالكامل. وكان يرى أن الأمريكيين لا يطلبون منه أن يفعل المستحيل. وكان هو الآخر يخشى من أن إلحاق الدمار بالمنشآت المدنية اللبنانية سيؤدي الى نفاد صبر المجتمع الدولي إزاء ما قامت به “إسرائيل” من عمل هجومي، وشرح أولمرت لمستشاريه أنه إذا ما قامت “إسرائيل” بشل المنشآت الأساسية اللبنانية، فإن سكان جنوب لبنان سيقومون ب”احتضان ودعم حزب الله”، وبالتالي فإن التوترات الطائفية ستزداد، وكذلك فإن الحزب سيبرز على أنه المدافع عن المصالح الوطنية في البلاد. وكان أولمرت قلقاً أيضاً من تأثير شن هجوم موسع ضد محطات الطاقة الكهربائية على العمل في المستشفيات والحاضنات الخاصة بالأطفال الذين ولدوا قبل موعدهم المحدد، وكان رئيس الوزراء يخشى أيضاً من تأثير أي هجمات على شبكات المياه.
“إسرائيل” لا تلتزم
ولكن المشكلة كانت أن رئيس الأركان لم يكن على علم مطلقاً بهذه المكالمة الهاتفية وبالوعود التي قطعها أولمرت لرايس، إلا أن المؤلفين يلاحظان أن أولمرت قام فعلاً بسحب البساط من تحت الاستراتيجية التي استندت إليها خطة وزارة الدفاع “الاسرائيلية”، وخلال الأسابيع التالية فإن طلبات رئاسة الأركان الخاصة بالموافقة على ضرب محطات الطاقة الكهربائية قد تم رفضها، إلا أن الحقيقة هي أن الحكومة سمحت فعلاً بالقيام بهجمات ضد الأهداف المدنية لأكثر من مرة واحدة. وقد دمرت القوات الجوية “الاسرائيلية” خلال الحرب معظم الجسور في جنوب ووسط لبنان، وكذلك حطمت شبكات الهواتف الخلوية، وضربت محطة تلفزيون المنار التابعة لحزب الله عدة مرات، إلا أنها لم تتمكن ولو مرة واحدة من وقف البث الإذاعي للقناة، ويشير الكتاب الى أن “إسرائيل” قامت أيضاً بقصف محطات النفط والغازولين التي تقوم بتخزين الاحتياطي اللازم للبلاد، والأمر الأكثر أهمية من ذلك هو أن القوات الجوية “الاسرائيلية” قامت بغارات لتدمير ممرات الهبوط للطائرات في مطار بيروت الدولي، ولذلك فإن إدارة الرئيس السابق بوش، اعتبرت أن قيام “اسرائيل” بضرب المرافق الأساسية في لبنان بمثابة “خطأ يعكس مدى عدم تفهم “إسرائيل” لواقع الأمور في لبنان”. ولكن واشنطن أخفقت في أن ترى الارتباط الذي تصوره حالوتس والجيش “الاسرائيلي” بين ضرب احتياطيات مستودعات النفط في بيروت والحرب ضد حزب الله في جنوبي لبنان، كما يقول المولفان، فقد كان المجتمع الدولي يعتبر أن القصف الجوي “الاسرائيلي” كان مجرد “تدمير أعمى بلا منطق”، إلا أن الكتاب يشير الى أن كبار ضباط الجيش “الاسرائيلي” لم يكونوا راضين تماماً عما تحقق خلال العمليات العسكرية. وكانوا يعتبرون أن الفيتو الأمريكي الذي تلقاه أولمرت وحاول إقناع الجيش بضرورة الالتزام به كان مجرد خطوة أدت إلى إلحاق الشلل بعملياته، وكذلك التدخل في الخطط التي تم رسمها لمسار الحرب. ولذلك فإنه حتى اليوم الأخير في الحملة العسكرية فإن حالوتس أثار على نحو متكرر مسألة قصف المنشآت المدنية مع أولمرت وعمير بيرتس وزير الحرب، ومن ناحية أخرى، فإن الكتاب يرى أن حسن نصر الله قد أساء فهم رد الفعل “الاسرائيلي”، وكذلك فإن حزب الله قلل من أهمية اختطاف الجنديين “الاسرائيليين” بالنسبة للساحة الداخلية البنانية. وقد أخفق الدفاع الذي ساقه نصر الله بأنه قام بهذه العملية من أجل اطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين، بالنسبة للانتقادات الحادة التي وجهت اليه داخل لبنان.
رد الفعل اللبناني
ويشير الكتاب الى انه في ختام الاجتماع الذي عقده مجلس الوزراء اللبناني برئاسة فؤاد السنيورة في بيروت بعد ظهر يوم 12 يوليو/ تموز من العام ،2006 فإن وزير الإعلام غازي العريضي أعلن “أن الحكومة اللبنانية لم تكن تعلم بعملية الاختطاف وليست مسؤولة عنها، وكذلك فإن تيارات سياسية أخرى مناهضة لسوريا من جماعة 14 آذار قامت علانية بتوبيخ حزب الله، وأشارت إلى ارتباطه المباشر بطهران ودمشق”.
ومن جانبه قال ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تعرب عن القلق من أن المدنيين اللبنانيين سيدفعون الثمن بعد عملية اختطاف للجنديين “الاسرائيليين”، وفي الوقت نفسه يصف الكتاب رد فعل حزب الله على بدء العمليات العسكرية “الاسرائيلية” بأنه اتسم بعدم اثارة أي مخاوف بأن “اسرائيل” ستتمكن من تصفية زعماء الحزب، بالرغم من احتمالات مواجهة حرب شاملة، إلا أن المؤلفين ينوهان بأن حسن نصر الله أدلى أيضاً بتصريحات أثارت ضجة في “اسرائيل”، وذلك بأنه لن يرفض استخدام قنوات متعددة للتفاوض حول الافراج عن الجنديين “الاسرائيليين” اللذين يحتجزهما حزب الله، وكذلك الجندي جلعاد شاليت الذي تحتجزه حركة حماس. وفسر مسؤولون أمنيون في “إسرائيل” هذا الكلام بأنه يوضح أن حزب الله يريد أن يسيطر على المسار الفلسطيني وأن يقود الأراضي الفلسطينية المحتلة الى خط أكثر تشدداً.
ويعترف المؤلفان بأن القيادة “الاسرائيلية” لم تعر اهتماماً كافياً لتحذيرات حسن نصر الله بالنسبة لنتائج هذه الحرب، إلا أنهما يعتقدان بأن حزب الله من جانبه قد أضاع فرصة مهمة، حيث انه لم يكن يتوقع أن يكون رد فعل “إسرائيل” مدمراً وشاملاً على هذا النحو.
ووفقاً لما ذكرة بروفيسور “إسرائيلي” في جامعة تل أبيب وهو إيال سوسير، “فإن نصر الله كان يعتقد أن “إسرائيل” هي التي قامت بتغيير قواعد اللعبة، ولذلك فإنه دخل غمار هذه الحرب وهو مرفوع الرأس”، لكن دبلوماسياً غربياً كان معتمداً في بيروت خلال فترة الحرب يرى أن نصر الله لم يتوقع هذه الحرب حتى في أسوأ الكوابيس التي انتابته.
وقد أبلغ رئيس الاستخبارات العسكرية “الاسرائيلية” في ذلك الوقت الحكومة في اجتماعها عقب بدء الحرب، بأن حزب الله لديه آلاف الصواريخ من أنواع مختلفة وأنه مستعد لاستخدامها إذا ما أحس بأن العملية لم تتوقف، وحذر من أن الصواريخ يمكن أن تصل الى الجليل الشمالي، وأن بعضها قد يصل الى مدى أبعد من ذلك، وأكد المسؤول الاستخباراتي أن الصواريخ سيصل مداها بالتأكيد إلى حيفا.
ويشير الكتاب إلى أن شمعون بيريز الرئيس “الاسرائيلي” حالياً حذر أولمرت بعد اندلاع القتال قائلاً: “ماذا ستفعل “إسرائيل” بعد أن تسكت المدافع؟” وقال بيريز إنه “يتعين علينا أن نفكر ملياً في الخطوات المقبلة بالرغم من أنها ستكون معقدة، ولم يقدم أولمرت رداً على مخاوف بيريز، ولذلك فإن الأخير التزم الصمت. أما تسيبي ليفني وزيرة الخارجية فقد أعربت عن شكوكها بالنسبة لأهداف العملية، وأوصت بضرورة التركيز على المطلب الخاص بأن ينفذ لبنان قرار مجلس الأمن الدولي رقم ،1559 إلا أن الصقور في المؤسسة العسكرية برئاسة حالوتس كانوا يعارضون بشدة أي مهادنة أو التوقف عن مواصلة الحرب، وكان واضحاً أن القادة العسكريين لم يقدموا خطة ملموسة ومقنعة للحكومة.
ويمضي الكتاب في توجيه انتقادات حادة إلى أولمرت ويصفه بأنه كان قليل الخبرة، ويوجه إليه اللوم الشديد لاختياره عمير بيرتس كوزير للحرب ويذكر المؤلفان أن رئيس الوزراء يعلم وحده أسباب تعيينه بيرتس.
وفي الوقت ذاته فإن الكتاب يشن هجوماً على معظم القادة الرئيسيين في القوات المسلحة “الاسرائيلية” الذين كانوا يفتقدون الخبرة العملية بلبنان، وكذلك فإن حالوتس كان متسرعاً في شن الهجوم من دون أن يدرك أبعاد مراكز القوة السياسية والحزبية في لبنان، وكان رئيس الأركان يتصرف بثقة زائدة عن الحد، كما يوضح المؤلفان، ولم يوجه الوزراء أسئلة كافية إلى المسؤولين العسكريين عن الخطة العسكرية التي سيقومون بتنفيذها وكذلك عن حجم الاستعدادات على الجبهة الداخلية.
خطأ كبير
ويشير الكتاب في هذا المجال إلى تقرير فينوجراد الذي يصدر إدانة دامغة لحرب لبنان في عام ،2006 وخاصة على أولمرت بالنسبة لاتخاذ قرار الحرب ودوره فيها بصفة عامة من الناحية السياسية. ويؤكد المؤلفان أن تسرع أولمرت كان خطأ كبيراً، حيث كان انفعالياً في مواقفه ما أثار التساؤلات حول كفاءته، وكذلك حول مقدرة الجيش “الاسرائيلي” الذي كان منخرطاً أيضاً في الوقت نفسه في “حملة عبثية” متقطعة في قطاع غزة كرد فعل على اختطاف تشاليت، وقد تعرضت “إسرائيل” للهجوم على جبهتين كانت قد انسحبت منهما من جانب واحد. والأهم من ذلك كله أن مقدرة “إسرائيل” على الردع قد تقوضت في المنطقة وتلقت ضربة كبيرة.
استهداف سوريا
وفي الوقت نفسه، فإن الكتاب يكشف عن ردود أفعال لم تسلط عليها الأضواء من قبل حول مواقف إدارة بوش والمحافظين الجدد بالنسبة للحرب في لبنان، وخصوصاً أهمية استهداف سوريا لأنها هي التي ينبغي استهدافها في المقام الأول.
وكانت شخصيات بارزة في حكومة بوش، وخصوصاً ما يصفه المؤلفان ب “الصقور” مثل ديك تشيني ومجلس الأمن القومي، ترى أن حرب لبنان تمثل “فرصة سانحة” للتخلص من حكم الرئيس السوري بشار الأسد، ويشير الكتاب أيضاً إلى تصريحات لبوش نفسه يحذر فيها من أن سوريا هي المسؤولة عما جرى في لبنان وينبغي التعامل معها، وذكر الرئيس الأمريكي السابق ايضاً أن سوريا تدعم حركة “حماس” و”حزب الله” ولذلك فإن “إسرائيل” لديها الحق في أن تدافع عن نفسها.
إلا أن إدارة بوش كانت تصر على عدم إضعاف الحكومة اللبنانية، ومن الواضح أن أهداف “إسرائيل” اختلفت الآن عما كانت واشنطن تسعى إلى تحقيقه من وراء حرب لبنان، لأن بوش كان يستهدف “رأس الاسد” على حد قول المؤلفين.
وكلما اصدرت “إسرائيل” بياناً تؤكد فيه أنها لا تسعى مطلقاً إلى استهداف سوريا خلال هذه الحرب، فإن الصقور في واشنطن، كانوا يثيرون زوبعة كبيرة. فقد كانوا يتهمون “إسرائيل” بأنها تخشى الأسد بشدة. إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس كانت تتخذ موقفاً مختلفاً، فقد أبلغت الصحافيين بأن الحرب توفر فرصة لإبعاد سوريا عن “محور الشر”.
وأعلن مسؤولان بارزان في وزارة الخارجية الأمريكية، وهما بينك بيرتز وديفيد وولش معارضتهما لموقف المحافظين الجدد ضد سوريا.
وأكدا أن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية لتهدئة الموقف في الشرق الأوسط واستغلال نفوذها ليتحقق هذا الهدف، وليس لإشعال نيران الحرب. إلا أن رايس تراجعت في النهاية تحت ضغوط من تشيني وبوش نفسه، حيث شددا على ضرورة عدم الحوار مع سوريا، وأعلنت رايس فعلاً يوم 16 يوليو/تموز من عام 2006 أن هذا الوقت ليس مناسباً لإعلان وقف اطلاق النار، وذلك لأن هذا ليس الاسلوب المناسب للتوصل إلى حل لهذه المشكلة. وأبلغ دبلوماسيون مقربون من وزيرة الخارجية “إسرائيل” بأنه طالما لم تقم القوات المسلحة “الاسرائيلية” بالحاق الأذى بالسنيورة وكذلك عملت على خفض عدد الضحايا بين اللبنانيين المدنيين، فإن أمريكا ستقدم الدعم الكامل ل “إسرائيل” لمواصلة عملياتها العسكرية ضد لبنان.
وفي تطور آخر، يذكر مسؤول سابق رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأمريكية أن إدارة بوش كانت لا تزال تعتبر العراق المشكلة الرئيسية، ويقول هذا المسؤول إن الحرب في لبنان وفرت لواشنطن فرصة سهلة لتوجيه اللوم إلى إيران التي تقوم بالتدخل المباشر في العراق وسوريا، وإن طهران تقدم الدعم إلى حركات المقاومة التي تعمل ضد القوات الأمريكية في الأراضي العراقية. وكان من الواضح أن كل الأطراف الأمريكية الرسمية تعتقد أن “إسرائيل” ستنفذ ما كانوا يسعون إلى تحقيقه منذ فترة طويلة.
وزادت الأزمة تعقيداً عندما أعلن الكونجرس كما هو متوقع عن دعمه ل “إسرائيل” على نحو مطلق، وأبلغ البيت الأبيض “إسرائيل” أنه ليس هناك أي مبرر بالنسبة لها لكي تقلق إذا ما قامت سوريا بالهجوم ضد القوات “الاسرائيلية”. ومن ناحية أخرى فإن واشنطن كانت تعتبر فؤاد السنيورة رمزاً للجهود الرامية إلى إشاعة الديمقراطية في الشرط الأوسط، وكذلك بالنسبة للصراع ضد “محور الشر”، ومن وجهة نظر واشنطن فإن المشكلة كانت قد بدأت بعد مرور عدة أيام لم يكن واضحاً خلالها إلى أين تتجه “اسرائيل” بعد هجومها على لبنان.
الموقف الفرنسي
وبالنسبة للموقف الفرنسي، فإن الكتاب يرى أن الفرنسيين كانوا أقل صراحة في موقفهم بالمقارنة إلى أمريكا، فإنه بالرغم من أنه لم يكن في فرنسا من سيعرب عن الأسف إذا ما تم إلحاق الهزيمة بحزب الله، فإن دبلوماسياً فرنسياً قال “إن مصدر قلقنا إزاء مستقبل الحكومة السورية بدأ يزداد يوماً بعد يوم”، وتحدث رئيس الوزراء اللبناني مع باريس عشرات المرات ونقل رسالة إلى القدس عن طريق الفرنسيين كما يزعم الدبلوماسي الفرنسي، وكانت فحوى الرسالة تشير إلى “انكم تقومون بتدميرنا على العكس من ذلك تعززون موقف حزب الله”.
إلا أن المؤلفين يؤكدان ان “إسرائيل” لم تعبأ بأي نصائح وواصلت حملتها بلا هوادة وبعناد، وأكد الرئيس الفرنسي بعد اندلاع الحرب بيومين انه لن يكون هناك حل عسكري للأزمة، ووصف جاك شيراك العمليات العسكرية “الاسرائيلية” بأنها كانت مفرطة وغير متوازنة.
وطالب شيراك بأن يوقف الجانبان عملياتهما العسكرية، ولكن أمريكا لم تعرب عن ارتياحها لموقف فرنسا، حيث أعتبرت أن باريس تقوم “بلعبة مزدوجة”، حيث كانت تريد أن تبرز على أنها الطرف الرئيسي الداعم الرسمي للبنان، إلا أنها كانت تصغي أيضاً إلى مطالب جماعة 14 آذار، بأن تستمر “إسرائيل” في قصف مواقع حزب الله على حد زعم مسؤولين أمريكيين.
وجاء مؤتمر قمة الدول الثماني الكبرى في مدينة بيترسبيرج الروسية الذي اصدر بياناً يمكن تفسيره على أنه داعم لموقف “اسرائيل” وذلك بعد ضغوط امريكية على فرنسا، وحمّل بيان المؤتمر المسؤولية في القتال لحركة “حماس” وحزب الله، ولكن الجهود الدبلوماسية الدولية بعد ذلك كانت تضغط لانتشار قوات دولية في جنوب لبنان، بحيث يتم تعزيز قوات “اليونفيل”، ومرة أخرى قاومت حكومة أولمرت هذه الخطوة، وبدلاً من ذلك كانت تؤيد انتشار قوات الجيش اللبناني في المنطقة.
ومن أبرز ما يستخلصه الكتاب أن حرب لبنان كانت قد أبرزت مدى زيادة الدعم الدولي لموقف “إسرائيل” على نحو غير مسبوق، ويمكن مقارنته بما جرى خلال عدوان 5 يونيو/حزيران من عام ،1967 وبالرغم من أن كل الأمور كانت مواتية للتوصل إلى وقف اطلاق النار في نهاية المطاف، إلا أن أولمرت كان لا يزال معارضاً لاتخاذ هذه الخطوة المهمة. إلا أن الكتاب يقر بصراحة أنه بالرغم من هذه الحرب الواسعة ضد لبنان إلا أن “إسرائيل” لم تتمكن بعد ذلك من ممارسة أي نفوذ على مجرى العمل السياسي اللبناني، ولذلك فإن البروفيسور إفرايم إنبار من جامعة بار إيلان يعتقد أن “اسرائيل” عانت مما أسماه “الفشل المعرفي”، ويقول إنبار ان هذا هو الموقف نفسه الذي تتعرض له أمريكا من خلال وجودها العسكري في العراق.
وبالتالي، فإن سعي “إسرائيل” إلى توفير بيئة سياسية مناسبة بالنسبة لها في المنطقة يعتبر هدفاً غير واقعي وبعيد المنال. ولذلك فإن هذا البروفيسور “الاسرائيلي” يطالب تل أبيب بأن تركز كل طاقاتها على عرقلة خطط اعدائها بالنسبة لتحقيق أهدافهم السياسية، وكذلك إحباط قدراتهم لممارسة النفوذ والقوة ضدها.
الخليج:السبت ,03/04/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.