إن المتابعين للشأن التونسي و ما آلت إليه ثورة 14 يناير 2011 التي أطاحت بنظام حكم بن علي من تغييرات لدى عدد من الشعوب العربية التي رفضت هي الأخرى أنظمة حكامها العملاء ، مثل مصر و ليبيا و سوريا و اليمن و غيرهم . و كانت ثورة تونس حضارية و ليست ثورة شلال دماء . لعبت تونس دورا مشرفا و كان في منتهى الروعة الإنسانية و الأخلاقية ، خاصة على اثر قيام الثورة الليبية المسلحة و تدفق مئات الآلاف من الليبيين و الأجانب على الحدود هربا من الآلة العسكرية التي هدد بها العقيد القذافي شعبه قصد تطهير ليبيا ” شبرا شبرا و زنقة زنقة و دار دار و فرد فرد “، مما جعل العائلات الليبية تفر بجلدها من آلة القتل لنظام القدافي وخيّرت دخول التراب التونسي الآمن . تونس حكومة و شعبا رحبت بهم بل كانت لهم ملجأ و لغيرهم من الأشخاص الفارين الذين فيهم المسلم والمسيحي والبوذي والسيخي ومن كل الأعراق والديانات واللغات والألوان. شعب تونس الأبي استقبلهم في بيوتهم بل تقاسم معهم الرغيف و ساعدهم و حماهم وبذلوا كل الجهود من اجل توفير لهم الراحة و الغذاء و الدواء و حتى الأمن و كأنهم في بلدهم و لعل الهلال الأحمر التونسي و المنظمات الإنسانية الأخرى مشكورة قدمت الكثير لهؤلاء اللاجئين و هو ما لاقى استحسان و إعجاب المجتمع الدولي و نوهت به كل المنظمات الدولية ما من شأنه أن يعجّل بفوز تونس بجائزة نوبل للسلام. ورغم توافد تلك الأعداد الكبيرة من اللاجئين الذي لم يتوقعه أيّ كان بما في ذلك المنظمات الأهلية والدولية إلاّ أنّ كل العالم تفاجأ بردة الفعل السريعة للشعب التونسي المضياف و الحضاري و الطيب الذي انخرط في موجات تضامنية غير مسبوقة في تاريخ العالم و لم يميز هذا عن ذاك ، بل كل من لجأ لتونس في تلك الفترة العصيبة عومل معاملة حسنة معنويا و ماديا ... تونس في ذلك الوقت تمر بفترة انتقالية و كل جهات البلاد تشكو قلّة في المواد الغذائية و اغلب المؤسسات و المتاجر مغلقة بسبب الاعتصامات بسب الثورة ، و مع ذلك فان تونس ساهمت دون شك في تذليل الصعوبات و قامت بحملات تضامنية و دعمت جهود الإغاثة على الحدود التونسية الليبية، وعلى مستوى الهلال الأحمر التونسي فقد كانت تدخلاته في مستوى الحدث وهو ما جعل أنظار العالم تلتفت إلى تونس كبلد حضاري و بالخصوص إلى الجنوب التونسي وما شهده من دقة في التنظيم وخبرة في تسيير الأمور رغم الأعداد الكبيرة للاجئين و اختلافاتهم العرقية والعقائدية واللغوية . و ما كان ليحصل كل هذا لولا تظافر الجهود و بالأخص الهلال الحمر التونسي الذي استعان بعديد الكفاءات التونسية، فضلا عن الدعم الذي وجده من بعض الدول العربية والأجنبية... لذلك اسأل و أبحث عن جواب ماذا لو فازت تونس بجائزة نوبل للسلام؟ و هل من الممكن اعتبار فوز تونس بجائزة نوبل للسلام وارد ؟