ليس من الغريب أو من الصّدف أن تعترضك الرّوائح الكريهة وانت تدخل مدينة صفاقس من بوّابتها الشماليّة فكلّ الدلائل تشير بأصابع الإتهام إلى السلط الجهويّة بالتقصير وبأصحاب المداجن بإرتكاب جريمة بيئيّة من الدّرجة الاولى ..لم يكن دخولنا للمنطقة بالامر الهيّن من حيث تحمّل كلّ تلك المظاهر المقرفة والروائح النتنة والذباب الذي كان يغطّي المكان بكثافة غير مسبوقة … الدجاج النافق ملقى في كلّ مكان وسط برك من اوساخه والتي حملتها الجرّارات لتلقي بها وسط الاجنّة التي ماتت اشجارها وغادرتها العصافير فمنطقة سيدي صالح من الجهتين قبل وبعد الطريق السريعة أصبحت عبارة عن مصبّ خاصّ بالدجاج النافق وبقايا اوساخه وعلب الادوية الكيميائيّة … بحثنا عن الإنسان في هذا المكان الذي لا يبتعد سوى 12 كلم عن قلب عاصمة الجنوب فوجدناه يائسا ومحبطا ومريضا وناقما على الوضعيّة التي أوصلوه لها فلا حياته كحياة البشر ولا ماكله يستساغ ولا شرابه كذلك فكلّ ما ذكرناه إختلط بروائح الدجاج النافق وغاب تحت أفواج الذباب والوشواشة … تكلمنا معهم فسبقتهم دموعهم … دموع الغضب والغلبة والنقمة ..فكّروا في بيع اراضيهم التي ورثوها عن الجدود فما وجدوا راغب واحد في الشراء …قدّموا العرائض وكتبوا المكاتيب ولم يتلقّوا سوى الوعود الجوفاء والخاوية والتسويف .. ، عندها فقط ايقنوا أنهم في صفاقس …ًصفاقس التهميش والإهمال .. وها نحن نوصل صوتهم ومعاناتهم بكلّ حرّية للمسؤولين علّهم يتحرّكون ويرحمون ويعترفون بتقصيرهم والفيديو والصّورالمصاحبة احسن دليل