لا شكّ أنّ إذاعة صفاقس عانقت لوقت غير بعيد الإبداع و التفرّد بمنهجيّة رائدة في المجال السمعي برغم الكثير من النّقائص التّقنية و اللوجستيّة و إجحاف حصار بثّها المزمن و عائق الإنتشار حتّى في أطراف تراب ولاية صفاقس ،،، إذاعة صفاقس يُحسب لها أيضا أنّها فتحت – ميكروفوناتها – على الشّارع و احتضنت مواطنيها فكانت ترجمان أحوالهم خصوصا بمواكبتها لبعضٍ من هوامش الثورة و ما رافقها من إشكاليّات و رغبة في الشّكوى والتنفيس لهؤلاء المواطنين . غير أنّ هذه الإذاعة التي تصنّف في المراتب الأولى وطنيّا باتت سلبيّاتها مع تقدّم الأيّام تغطّي إيجابيّاتها و انخرطت في مسلسل من دوائر الإسطوانات المشروخة ، و تمادت في نفس النّهج القديم برغم تبدّل كثير من الظروف – برغم تغيّر شبكات البرامج – و لم تعد تحيّن ذاتها قياسا مع التطوّر – الصّاروخي – في المشهد الإعلامي ، بل تجمّدت في ذات السّتايل .. إذاعة صفاقس مازالت تحافظ على أصوات – أكل عليها الدّهر و شرب و رقدْ زاده – أصوات أدمنت محاولات التلوّن و التّأقلم طيلة عقود من الزّمن – و التاريخ خير شاهد – أصبحت إطلالتها الرّوتينيّة العطاء تذكّر المستمعين كلّ مرّة بما مضى و ولّى ، في عصر يرى أنّ الصّوت الإعلامي – شأنه شأن كثير من القطاعات الحيويّة و ذات الصّبغة اللّصيقة بالمواطن – له عمرا افتراضيّا محدّدا و لم يعد المشهد الإعلامي السّمعي البصري يحتمل صوتا من المهد إلى اللّحد ، أيضا غابت مقولات قيدوم و شيخ المذيعين لتحلّ محلّها ضرورة وجود متواتر لأصوات مفعمة بالطّاقات المتجدّدة و الخلاّقة .. كما أنّ بها بعض الأصوات الأخرى الشابّة لكنّها تفتقر إلى اتقان اللّهجة ( فضلا عن اللّغة ) و تنعدم عندها ملكة النّطق الصّحيح كما تزيدها اللّكنة و التمطّط المصطنع اغترابا و تبلّدا يفرض على المستمع كثيرا من الجهود المضنية لمحاولة فهمها و متابعتها … على مستوى البرامج لم تخرج شبكات الإذاعة عن ذات التوجّهات القديمة و لم تجتهد في تغيرٍ نمطي لمحتوياتها برغم تغيّر العناوين و التوقيتات ، ،،و لم تقدر إلى حدّ الآن على إحداث – المميّز المُبهر – خصوصا في برامج أوقات الذّروة و التي من المفروض تكون فيها نسبة الإستماع عالية ، وهي غالبا تلك التي تغطّي الصباحات و القيلولة و بعضا من بدايات الليل . و لعلّ ما يُؤخذ على إذاعة صفاقس بالخصوص ضعف مستوى البرامج الصّباحيّة و التي يحصرها منشّطوها في قوالب متجمّدة و مكرّرة ، برامج تتراوح مادّتها بين عناصر قارّة للأحوال الجويّة و الحركة المروريّة ،، استعراض المنشط / المنشطة لبقات و زهور و قهاوي محبّيهما على مواقع التواصل الإجتماعي و خصوصا تخمة كرويّة – في غير وقتها – تزيدها تبلّدا تلك الإختيارات الغنائيّة الإعتباطيّة و الفواصل الإشهاريّة العقيمة و الرّكيكة في الآن نفسه …ّ! هذه بعض المؤاخذات على – زيتونة الأثير – النّابعة عن حبّ ، زيتونة نروم لها التألّق و الإبداع ،،، و ليحصل هذا مع زيتونتنا لابدّ من ( لهْوة ) بها و شيء من التشذيب و لمَ لا شيء من ( الزّبيرة ) …