مرة أخرى تطلّ علينا نقابة الجهل بإذاعة صفاقس بمواقف وشطحات جديدة هي أقرب إلى رقصة الديك المذبوح منها إلى تناول شأن مهني حقيقي لمنظوريها طبقا لمقوّمات وأصول العمل النقابي السليم بعد أن تعرّى رموزها من لحاف النضال النقابي الكاذب وشعارات الثورية الزائفة وانكشف تاريخهم الأسود في التآمر على الشغّالين والسطو على أموالهم وحقوقهم والوشاية بهم والتعدّي على أشخاصهم وفي محاولة يائسة للمْلمة الأمر والسطو على التاريخ كما الزمن القادم خوفا من المحاسبة ومن شرّ إحالة على التقاعد قرُبت لبعضهم موشّحة باللّعنات ودعاء الشر , وهي آتية لا محالة ,استنفرت جماعة أبو جهل قواها بعد أسابيع من الهرولة في أروقة الإذاعة ومجالس دكاكين الظّلام خارجها بكل قواميس الخسّة والوضاعة والمسّ من شرف وكرامة الآخرين التي تحكمها واستنبطت هذه المرّة موضوعا خارج الدرس لتعرضه على من يعيشون إلاّ على وقع اللّحظة الآنية ويستعصي عليهم إعمال العقل في خضمّ هموم الدهر وأهواله وهم في ذلك معذورون مع أنهم أقليّة فاختارت لهذا الموضوع عنوانا بائسا هو الصراع والصدام بين الصحفيين وباقي المنتمين للإذاعة وخرجت علينا ببيان يذكّرني بذلك البيان الشهير الذي أذاعه علينا ذات يوم من أيام شهر نوفمبر سنة 1987 غير المأسوف عليه زين الهاربين رمز الجماعة على الدّوام , ظاهره يحمل خضرة مقام وليّ من أولياء الله الصالحين وباطنه طبعت لونه دماء مئات الشهداء والجرحى والمعذّبين والمشرّدين طالبت الجماعة في بيانها الغارق في الجهل والأميّة وإدراك ماهية الأشياء بسحب العمل بقانون الصحافة على كافة الإعلاميين وبإسناد بطاقة إعلامي لكل العاملين بمؤسسة الإذاعة التونسية . وهذا مطلب يحمل في طيّاته مشروعيّة ظاهريّة قد يتفاعل معها من لا يدرك معاني المسمّيات ولا المسؤولية القانونية المنجرّة عنها ذلك أن قانون الصحافة مثلا يختصّ بمسائل النشر والكلمة سواء كانت مكتوبة أو مقروؤة أو مصوّرة ويحدّد أطر تعاطيها والمسؤولية الجزائية لمخالفها والتي قد تصل إلى العقوبات المالية وحتى السجن وبالتالي يكون هذا المطلب لا معنى له إذا تعلّق الأمر بحاجب أو سائق أو موظّف أو حتى مهندس يعمل في مؤسسة إعلامية سواء كانت مكتوبة أو مسموعة أو مرئية باعتبار أن كل هؤلاء من الإعلاميين ويساهمون في الفعل الإعلامي حسب ما ذهب في ظنّ جماعة أبي جهل وهذا المطلب المضحك المبكي يحيلنا بالضرورة على تناول عبارة “الإعلامي” وهي لغويّا تعني من يقوم بمهمّة الإعلام والإخبار واصطلاحا على الأقل في مستوى الإذاعة كل من يتكلّم عبر أثيرها من صحفيين ومذيعين ومنشّطين ومنتجين وهي بين هذا وذاك مفهوم فضفاض تختصّ القوانين المنظّمة لكل مؤسسة بتبيانه وتحديد مهمّات وصلاحيات كل طرف من الأطراف والامتيازات الممنوحة لكل سلك كل حسب أثره في العمل والفعل الإذاعيين وهكذا والحالة تلك يكون مطلب تمكين كل من يعمل في الإذاعة من الامتيازات التي يتمتع بها الصحافيون في الحاضر والمستقبل والتى تكون محل وفاق بين السلط ونقابة الصحافيين خارجا عن منطلق الأشياء على اعتبار وأن نقابة الصحافيين هي نقابة مختصّة تدافع فقط عن منظوريها من الصحفيين وليست نقابة جامعة تتكلّم باسم جميع المنتمين للإذاعة والمعلوم أن العمل النقابي ومطلب تأسيس اتحاد يضمّ الصحفيين التونسيين ليس بالجديد ومع ذلك لم يرق إلى اليوم إلى مستوى انتظارات الصحفيين في ظلّ دولة الحزب الواحد والنقابة الواحدة وهي في قضية الحال الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان يرفض إلى ماض غير بعيد تأسيس نقابة صلبه خاصّة بالصحفيين وأصرّ على أن يبقوا منضوين تحت لواء النقابة العامة للثقافة والإعلام وفي ظلّ هذه المعطيات التاريخية لا ينكر الصحفيون العاملون بمؤسسة الإذاعة والتلفزة أنهم كانوا يتمتعون بنفس الامتيازات التى تحققها النقابات الأساسية والنقابة العامة للمؤسسة التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل في إطار المفاوضات الاجتماعية وتلك الخاصة بالقانون الاساسي. لكن نذكّر من يريد طمس التاريخ أن الصحفيين وعلى رأسهم الزميل القدير مختار اللّواتي كان هو مؤسس العمل النقابي في إذاعة صفاقس وكان له إسهام كبير وآخرون في مسيرة المؤسسة والمكاسب التي نالها العاملون بها وكان يتكلّم باسم كافة أبناء الإذاعة دون تفرقة ويدافع عنهم بشراسة أوصلته إلى أبواب السجون والعزل الإداري في زمن كان فيه نقابيو اليوم يمارسون ضدّه الوشاية والتعاون مع البوليس ولجنة التنسيق الحزبي وابتعاد الزميل مختار ومن بعده آخرون من الصحفيين عن النضال في اتحاد الشغل مردّه ما آل إليه العمل النقابي صلب هذه المنظمة العتيدة حين أصبحت مرتعا للفاسدين والمتآمرين والمنبطحين للسياسة النوفمبرية المقبورة ورجع صدى للتجمع المنحلّ أقول بعد هذا لمن يستكثر على الصحفيين بعض الفتات الذي يتمتّعون به سمّوا لنا ممن تطلقون عليهم “إعلاميين” اسما واحدا ذاق ما ذاقه مختار اللواتي والفاهم بوكدوس والمرحوم محمد قلبي وتوفيق بن بريك وسهام بن سدرين وعمر صحابو وغيرهم كثيرون ممن عاش السجون والمنافي والملاحقات البوليسية والتضييقات الإدارية جرّاء حرية الكلمة والرأي وأختم في النهاية بدعوة من ذهب في ظنّه كذبا وزيفا من نقابيي آخر زمن ومديري النيابة أن الإذاعة باتت ساحة حرب بين صحفييها من جهة ومذيعيها وتقنييها وموظّفيها وسوّاقها وحجّابها من جهة ثانية لمَ لا تطالبون وأنتم ” صرفتوا صرفتوا ” بمنحة التقنية Prime de technicité التي يتمتّع بها المهندسون والمهندسون المساعدون والتقنيون . أليس هؤلاء هم كذلك بإعلاميين وتنسحب بالتالي المنحة التي يتقاضونها عليكم وعلى الصحفيين أيضا ؟ اللّهم لا تآخذنا بما قال وفعل السّفهاء منّا وبمن نفّذ تعليمات أسياده