سامي الرمادي اليوم عبر إذاعة صفاقس يصرح : – هيئة الحقيقة والكرامة ليست هيئة دستورية. – رئيس الدولة يجب أن يكون مرتبه في حدود 3000 دينار . – الهيئات الدستورية لا ضرورة لوجودها وخاصة منها "هيئة الحقيقة والكرامة" لأنها هيئة تصفية حسابات. – من له أي مشكل أو تظلم يتوجه للقضاء. – وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية أنفقت ما يفوق من 50 مليار .. لكتابة قانون في خمس صفحات كان يمكن أن يكتب بالمجان من طرف بعض رجال القانون. – الناس في تونس وخاصة منهم الشباب ليسوا بحاجة لمعرفة من زور الانتخابات في 1978 "يعني ليس له الرغبة في كشف انتهاكات الماضي" هو بحاجة إلى الشغل والتنمية فقط. كما أنه راح يشير إلى الأموال المهدورة التي أنفقت على المجلس التأسيسي وعلى الوزارت ذات العدد الكبير خلال المرحلة الانتقالية والتي لم تقدم شيئا للتونسيين بل أهدرت أموال الشعب على لا شيء إضافة إلى إشارته إلى تضخم ميزانية الرئاسة رغم الصلاحيات الضعيفة لرئيس الجمهورية. كل كلام السيد الرمادي كما تلاحظون حقد وتهجم على المرحلة الماضية "أي المرحلة الانتقالية" الهدف منه تشويه تلك الفترة من تاريخ تونس وتشويه كل المشاركين بها وطي صفحة المحاسبة بتعلة أن البلد ليس بحاجة لفتح الملفات القديمة إنما المطلوب اليوم هو النظر فقط للمستقبل من أجل العمل والتنمية والازدهار وكأن كل ذلك لا يتحقق إلا بنسيان كل الفضاعات المرتكبة في عهد النظام السابق والتي عاد الكثير من رموزه إلى سدة الحكم والعودة إلى عقلية "الخبزيست" التي ترى أنه على المواطن الصالح أن يعمل دون انقطاع أو تذمر وبشكل متواصل… بينما هناك من يفكر ويتكلم عنه ويرهق نفسه ويفني عمره في السلطة لسواد عين لمواطن ورفاهيته؟؟؟… وكأني بالسيد الرمادي الذي سطع نجمه من خلال استضافاته المكثفة عبر العديد من سائل الإعلام وبشكل ملفت للنظر "وهو تلك الشخصية النكرة والغير معروفة قبل الثورة وحتى خلالها أو إثرها"… ظهر في البداية مدافعا شرسا عن الأموال المنهوبة والمهربة من طرف بن علي وعائلته وأصهاره ومطالبا باسترجاعها لخزينة الدولة أي لفائدة الشعب…. لكن وبعد مدة قصيرة لم يعد ذلك البطل المغوار يشير من قريب أو بعيد إلى الموضوع بل أصبح كل همه التشكيك في نزاهة الحكومات المتعاقبة للفترة الانتقالية والتشكيك في أدائها وخياراتها الاقتصادية والسياسية …كما أصبح من أكبر النائحين على تدهور الاقتصاد الوطني والمروجين لحتمية إفلاس خزينة الدولة… ثم انتقل بعد ذلك مدافعا شرسا عن إلغاء قانون تحصين الثورة … وهاهو اليوم يواصل نفس النهج في ضرب كل ما يشير إلى الثورة واستحقاقاتها من قريب أو بعيد … حيث نرى السيد الرمادي ينظم إلى جوقة المطالبين بضرب هيئة الحقيقة والكرامة وذلك من خلال تشويهها والتشكيك في مصداقية أعضائها… وهو الموضوع الذي نرى كيف تجند له العديد من الإمكانات والأجهزة وخاصة وسائل الإعلام من أجل تمييع هذا الاستحقاق الكبير للثورة والالتفاف عليه… تارة بتشويه شخص رئيس الهيئة… وطورا بالتحدث عن التكاليف الباهظة لهذه العملية "وهو الدور الذي استضيف من أجله السيد الرمادي" وحينا آخر بالتأكيد على أن القضاء هو من يجب أن يقوم بهذا الدور "في مغالطة واضحة للرأي العام" … إذا ورغم عودة التجمع للحكم بعد تحالفه مع شق كبير من اليسار التونسي واستحواذه على كل مفاصل الدولة … إلا أننا نرى تواصل هذه الهجمة الشرسة على كل رموز ومؤسسات تلك الفترة التي أتبعت سقوط النظام "النوفمبري- التجمعي" والتي يعتبرها الكثيرون (خاصة من رموز ذلك النظام البائد) فترة نكسة يجب طيها ونسيانها وتشويهها بالقدر الأكبر الممكن حتى لا يفكر الناس مرة أخرى في استعادة نفس تلك التجربة… وقد كنا رأينا كيف تم الترويج لأن فترة حكم "بن علي " كانت أفضل من حكم من جاء بعده.. كما رأينا كيف أن رموز الحزب الحاكم الجديد وخاصة زعيمه المخضرم يصر على أن الحزب الحاكم الجديد هو تواصل مع الماضي وأن شخوص اليوم هم امتداد للمشروع الماضي الدستوري البورقيبي النوفمبري…. إذا من هنا نفهم أسباب التركيز على بعض الوجوه من أمثال الرماد وبن فرحات والقصوري وجوهر بن مبارك والعماري والورتاني…. والقائمة تطول في هذا المجال…من تلك الوجوه التي أصبحت معروفة لدى الخاص والعام وبالدور القذر الذي لعبته طيلة السنوات الأربع الماضية والذي لازالت تلعبه إلى غاية اليوم في تجميل القبيح و وتشويه الجميل وتضخيم بعض التفاهات و تقزيم ما هو عظيم وخطير… باستخدام أساليب تظهر للمشاهد أو المستمع أنها منطقية وعلمية وموضوعية ولكن حقيقتها عكس ذلك تماما… وهذا بالضبط ما يزيد من شكوكنا حول نوايا الحزب الحاكم "الجديد القديم"وحلفائه وما يخفونه ويتكتمون عليه من مخططات للمرحلة القادمة… فكيف نطمئن ونحن نرى هؤلاء يكيلون التهم لكل من يمكن أن يمثل لهم عائقا دون تمكنهم من إحكام قبضتهم على دواليب الدولة وكل مفاصلها من جديد كما كان عليه الحال في الماضي أو يكشف شيئا من فسادهم وتاريخهم الأسود في مجال حقوق الإنسان والفساد ويسعون بكل ما يملكون من إمكانات للقضاء على كل شخصية وطنية أو مؤسسة حزبية أو مجتمعية يمكن أن يلتف حولها الشعب في صورة ما إذا ما اكتشف حقيقة ما يجري وذلك بتشليكها بطريقة استباقية وإفقادها لمصداقيتها… مثلما حدث مع العديد من الرموز النضالية من أمثال الدكتور بن جعفر وحزبه المعارض "التكتل" و السيد نجيب الشابي وحزبه المعروف بماضيه المقاوم للاستبداد " الحزب الجمهوري" اللذان راحا ضحية الهرسلة الإعلامية وحملات التشويه الممنهجة بدرجة أولى؟؟؟ ختاما نقول إن نفس المنظومة التي تربت على يدي "عبد الوهاب عبد الله" والتي وجدت المجال مفتوحا أمامها بعد الثورة والتي تلقت الدعم من العديد من الأطراف بالداخل والخارج هاهي اليوم تواصل السير على نفس النهج فتشوه كل من تؤمر بتشويهه وتجميل كل من تؤمر بتجميله وهو الأمر الذي برعت فيه أيما براعة ولا تتقن أي عمل سواه… وقد رأينا مكيف نجحت تلك الجوقة أيما نجاح في تحقيق اختراق كبير على مستوى الوعي الجمعي للتونسيين وكيف ساهمت إضافة إلى عوامل أخرى في إعادة منظومة الحكم القديم… من جديد إلى أعلى هرم السلطة لتستحوذ على كل مقاليدها من جديد… بكل مرارة … نحن نرى كيف تسير الأمور من سيء إلى أسوء… وحتى كل ذلك الحديث الذي لا معنى له – حسب رأيي- عن وجود أحزاب أخرى قوية ووجود منظمات مدنية وإعلام نقدي نزيه قادر على حماية المكتسبات القليلة التي تحققت للتونسيين إبان الثورة… لا يقنعني ولا يطمئنني وأنا أرى أمثال الرمادي يصولون ويجولون في المنابر الإعلامية بالداخل والخارج يكيلون التهم جزافا ويكذبون ويفترون ويشوهون دون حسيب أو رقيب وكل ذلك خدمة لطرف سياسي معروف أصبحت كل مقاليد الدولة متركزة لديه اليوم… إننا إن كنا بالفعل نعيش في إطار ديمقراطي وفي دولة القانون والمؤسسات فإننا نطالب إما بمحاكمة من يتم اتهامهم من طرف هؤلاء (الإعلاميين والحقوقيين والناشطين الاجتماعيين) بالفساد ودعم الإرهاب وإثبات التهم عليهم وإدانتهم وإما بمحاكمة هذه الوجوه البائسة التي سئمنا ظهورها صباح مساء ويوم الأحد عبر جل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة…لتسب وتشتم وتكيل التهم جزافا دون رادع… خاصة وأن هذه الوجه يتم تقديمها للناس على أنها أشرف من الشرف وأنها حامية الحمى والدين والساهرة وحدها دون غيرها على تطبيق القانون والضمان الأكبر للشفافية والعدالة والتنمية وكرامة المواطن… بينما يزج بآخرين في غيابات السجون بعد محاكمات عسكرية بسبب تقديمهم لرأي أو تعبيرهم عن مخاوف من عودة الاستبداد… فإلى متى تستمر هذه المهازل؟؟؟؟ تنويه: كل ما ينشر في ركن الراي الآخر لا يعبّر إلا عن رأي كاتبه