أصدقائي الرياضيين تحية طيّبة وصحّة جيّدة .... عبارة قصيرة التعبير عميقة المدلول اتّخذت على مرّ السنين اصطلاحا معروفا بل كادت أن تصبح sigle أي صورة أو لونا مميّزا لرسالة ما بمجرد أن تصل إلى متلقّيها يتعرّف على العنوان : ومن يكون غير الراحل العزيز سيد أحمد العش طيّب الله ثراه مؤسس الإعلام الرياضي الإذاعي في صفاقس وأحد فُرسان مرحلة التأسيس لصاحبة اليوبيل الذهبي إذاعة صفاقس أجيال عديدة تربّت على ذلك الصوت الشجيّ الذي يبدأ برنامجه بألحان أغنية المتقاعد المُبدع مبروك الصغيّر : لعب الكورة لعب الكورة رياضة في العالم مشهورة لتنطلق بعدها رحلة تعليق “حديث الرياضة” ورحلة تعبنا الجميل عند خروجنا من المعهد في منتصف نهار كل يوم اثنين لنُسرع الخطى حتّى لا تفوتنا “الكارْ” وندرك راديو الفيليبس والموجة المتوسّطة للإذاعة ( يا حسرة عليك) ولتنطلق بعدها رحلة نشوتنا وفرحتنا ونحن نستمع لسيد أحمد في تعليقه على مباراة الأمس بملعب الطيب المهيري . ولا أغالي إن قلت بأن أبطال المباراة من الفريقيْن بات لهم من لذّة الاستمتاع بالكورة والرياضة بأهوائها وأهوالها سماع سيد أحمد أكثر من ممارستها هكذا كان الرجل رحمه الله مجْمعا رياضيا إعلاميا تتوحّد كل الألوان أمامه رغم طغيان الأسود والأبيض ويسكت في حضوره كلّ الدجّالين ممن احترفوا تحبير أوراق الصحف والجرائد ولغة الخشب الإذاعية والتلفزية تزييفا للحقائق وتزيينا لأولي المعروف فكان أن صاح يوما ” اليوم نكلّمكم من هونغ كونغ موش من صفاقس لأني اكتشفت أن صفاقس ماعادش موجودة على خريطة تونس في ذهن مدرب المنتخب الوطني لأن اللاعب في المنتخب يلزمو يكون من الترجي والإفريقي وشويا من ليتوال وكفى ” هكذا كان الرجل في عقول ومشاعر أبنائه من الرياضيين الذين عاشروه وهكذا سيظل في ذهن أحفاده وأحفاد أحفاده ممن لم يظفروا بلحظة استماع إلى نقشة من نقشات ريشة صوته الرّنان رغم كيد الكائدين ممن سمعوا بوفاته فلم يبالوا وآهات أحبّائه فلم يواسوا ممّن قال فيهم الشاعر : وظلم ذوي القربى كم أنت كبير أيها الراحل العزيز وأنا أشاهد في مراسم جنازتك كل صفاقس تخرج لتودّعك الوداع الأخير إلاّ واحدة انها إذاعة صفاقس وإدارتها وغيابها اللّغز لا فقط عن تأبين الفقيد بل وأيضا عن تقديم واجب العزاء لعائلته . إنها ثقافة النسيان ونكران الجميل وطمس التاريخ التي يسعوْن لتكريسها وهم الذين نهلوا من العلوم النوفمبرية التي أرادت أن تقتل رجلا حيّا وميّتا اسمه بورقيبة . لكن هيهات سيظل اسم بورقيبة علما من أعلام تونس وسيظل أحمد العش علما من أعلام إذاعة صفاقس لأن التاريخ أحبّ من أحبّ وكره من كره سيظل الحافظ الأمين لكل العظماء ويلفظ الفقاقيع وعابري السبيل ممن يقول فيهم المثل العامّي : يا من راك يا زمّيطة نهار العيد