أجمع الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي، ورئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، على أن تحقيق العدالة الإنتقالية تستدعي أولاً كشف الحقيقة، والمحاسبة قبل الحديث عن المصالحة. وأكدوا في كلمات ألقوها خلال الجلسة الإفتتاحية ل”الندوة الوطنية لإطلاق الحوار حول العدالة الإنتقالية” التي بدأت أعمالها اليوم السبت، على ضرورة السير قدماً في مسار العدالة الإنتقالية رغم كل الصعوبات والعراقيل. واعتبر الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي أن الإدارة السياسية لتحقيق العدالة الإنتقالية موجودة بالرغم من محاولة البعض الدفع والإغراق في التفاصيل السياسية والصراعات الموهومة التي تعتبر جزءًا من محاولة الإرباك. ولفت في إلى أنه يريد عدالة إنتقالية “بعيدة عن الإنتقام والتشفي”، مشدداً في نفس الوقت على أن المحاسبة هي “عملية لا تستهدف الأشخاص بقدر ما تستهدف المؤسسات وترمي إلى رد الإعتبار للمتضررين وإرجاع الحق لأصحابه”. واعتبر الرئيس التونسي المؤقت أن “شرعية أي حكومة لا تقاس بما أفرزته نتائج الإنتخابات بقدر ما تقاس بما تنجزه هذه الحكومة لشعبها ومجتمعها”. بدوره، شدّد رئيس الحكومة التونسية المؤقتة حمادي الجبالي، على أن نجاح مسار العدالة الإنتقالية ليس شأن الحكومة وحدها بل هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع. وقال في كلمته إن العدالة الإنتقالية هي “مسألة وطنية تهم كل التونسيين والتونسيات للقطع مع مختلف أشكال إنتهاكات حقوق الإنسان في الحقبة الماضية”. وأشار إلى أن حكومته قطعت خطوات هامة على “درب إنجاز المصالحة وإستعادة سيادة القانون في كنف التوافق بين مختلف مكونات المجتمع، منها إحداث وزارة للغرض، وسن قانون للعدالة الإنتقالية، وتنظم عديد الضحايا في جمعيات للتعريف بقضيتهم، إلى جانب الانفتاح على التجارب العالمية وتزايد الوعي بضرورة معالجة هذا الملف”. من جهته، أشار رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر إلى أن العدالة الإنتقالية التي تهدف إلى إرجاع الحقوق لأصحابها والتصدي لإفلات المجرمين من العقاب، “تعد كذلك وسيلة من أجل بناء نظام جديد وتحقيق الإنتقال الديمقراطي وترسيخ أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان”. وإعتبر أن “طبيعة الشعب التونسي وخصوصياته وما تميزت به ثورته من طابع سلمي هادئ وغير إنتقامي من شأنه أن ينعكس على التمشي التونسي في مجال تكريس العدالة الإنتقالية”. يشار إلى أن “الندوة الوطنية لإطلاق الحوار حول العدالة الإنتقالية” تنظمها وزارة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية بمشاركة أكثر من 22 حزباً والعديد من المنظمات والجمعيات الأهلية والشخصيات السياسية العربية والدولية، وذلك للتعرف على مختلف الآراء للتوصل إلى بلورة تصور عام لقانون العدالة الإنتقالية في تونس.