باردو 5 ديسمبر 2009 (وات) بتكليف من الرئيس زين العابدين بن علي تولى السيد محمد الغنوشي الوزير الاول يوم السبت اختتام مداولات مجلس النواب حول ميزانية الدولة لسنة 2010 . وابلغ الوزير الاول في مستهل كلمته النواب ارتياح رئيس الجمهورية لما تميزت به هذه المداولات من نقاش ثرى وتقديره لمساهمة النواب في تعميق الحوار حول التوجهات والاولويات المرسومة للعمل التنموى بمختلف جوانبه معربا عن الاعتزاز بتجاوب نواب الشعب مع خيارات رئيس الدولة وتفاعلهم مع الاهداف الطموحة التي رسمها ضمن برنامجه المستقبلي للسنوات الخمس القادمة والتزامهم بالعمل من موقعهم من أجل تجسيمها. ولاحظ أن مداخلات أعضاء المجلس أبرزت رسوخ الوفاق حول الثوابت الوطنية التي تمثل قاسما مشتركا بين الجميع مهما اختلفت الاراء وتنوعت المقاربات وفي طليعة هذه الثوابت الولاء لتونس دون سواها والتفاني في خدمة الوطن والتعلق به والتمسك بحرية قراره وبقيم الاعتدال والوسطية والحداثة. وأبرز الوزير الاول تأكيد رئيس الدولة بان تونس تتسع لكل أبنائها وبناتها دون استثناء في كنف حق الاختلاف في الرأى وتنوع الاجتهادات باعتبار ذلك من مقومات الديمقراطية والتعددية شريطة احترام قوانين الجمهورية والثوابت الوطنية. ولاحظ أن مداولات الميزانية وما شهدته من حوار بين أعضاء الحكومة والنواب أثمرت عديد الافكار والمقترحات القيمة التي سيتم العمل على الاستئناس بها وأخذها في الاعتبار لتوطيد الارضية السانحة لاستحثاث نسق التقدم والرقي واثراء منجزات الحاضر والتأسيس للمستقبل الافضل. وأضاف أن النظر في الميزانية بقدر ما أبرز التحول الشامل الذى تشهده البلاد في كل الميادين والنقلة النوعية التي تسجلها في كل المجالات فانه أبرز كذلك جسامة الرهانات والتحديات المطروحة وما تستدعيه من تعميق للاصلاحات وتعبئة للطاقات وتضافر لجهود كل الاطراف الوطنية والقوى الحية. وأكد السيد محمد الغنوشي أن استرجاع نسق النمو يظل في صدارة الاهداف المرسومة للسنة القادمة موضحا أن الجهود ستتركز على مزيد تحسين مناخ الاعمال وحفز روح المبادرة وتطوير محيط الموسسة وتعزيز مقومات تنافسية الاقتصاد الوطني بصفة عامة. وبين أن المرحلة القادمة تمثل مرحلة هامة على درب مزيد تنويع القاعدة الاقتصادية والنهوض بالقطاعات المجددة والانشطة الواعدة بما يوءمن استحثاث نسق النمو والتصدير والتشغيل موءكدا الحرص على تثمين الموارد البشرية وتنمية الكفاءات باعتبارهما شرطا أساسيا لبناء مجتمع الذكاء وتدعيم مقومات اقتصاد المعرفة وعلى الارتقاء بجودة التعليم العالي تدريسا وبحثا وتأطيرا. وأوضح الوزير الاول أن من أوكد الاولويات اليوم أن تساهم هياكل البحث والجامعات في تحويل نتائج البحث العلمي الى مشاريع وتكنولوجيات تطبق في مجال الانتاج وأن تتولى منظومة الانتاج تحويل ذلك الى منتجات من السلع والخدمات موءكدا أن التحدى الاكبر يتمثل في ارساء منظومة متطورة للتجديد التكنولوجي قادرة على مواكبة المتغيرات المستمرة وهو ما يقتضي حتما تطوير العقليات ونشر ثقافة التجديد لدى الباحثين وروءساء الموءسسات الاقتصادية. وفي تناوله لرهان ترسيخ مقومات مجتمع المعرفة أبرز السيد محمد الغنوشي توفق تونس الى مضاعفة سعة ربط تونس بالشبكة العالمية للانترنات سبع مرات من 2007 الى 2009 وتطوير الشبكة الوطنية لتراسل المعطيات والى تعزيز استعمال تكنولوجيات الاتصال من قبل المصالح الادارية في نطاق ارساء الادارة الالكترونية واعتماد الاضبارة الوحيدة في مجال التجارة الخارجية وتوفير عديد الخدمات الادارية عن بعد. وأشار الوزير الاول من جهة أخرى الى أن الجهود حثيثة متواصلة وفقا للخيارات والتوجهات التي رسمها رئيس الجمهورية من أجل دعم حظوظ النماء والرقي الاجتماعي لكافة الفئات والافراد كل حسب جهده وموءهلاته بالتوازى مع تكفل الدولة والمجموعة الوطنية بضعاف الحال وذوى الاحتياجات الخصوصية. وتطرق الى النهوض بالتشغيل الذى يظل في مقدمة أولويات العمل التنموى باعتباره أفضل طريقة لتوسيع قاعدة توزيع الدخل وتأمين مقومات كرامة الفرد ورفاهه واستقرار المجتمع ونمائه موءكدا أن هذه المكانة تبرز بصفة جلية من خلال البرنامج المستقبلي لرئيس الجمهورية الذى أكد فيه العزم على تحقيق تعبئة شاملة من أجل رفع تحدى التشغيل وادماج الشباب في الحياة المهنية واحكام استغلال كل الامكانيات الكامنة لاستحثاث نسق التشغيل سواء منه الموءجر أو للحساب الخاص. وأوضح أن أبرز الاهداف المرسومة في هذا المجال تتمثل في تغطية كامل الطلبات الاضافية والعمل على الا تحرم عائلة تونسية واحدة من مصدر دخل يوفر حاجياتها ويحفظ كرامتها الى جانب عدم تجاوز فترة سنتين للحصول على شغل أو تربص أو تكوين تأهيلي عند التخرج مبرزا جملة التوجهات والبرامج والاليات الجديدة التي حددها رئيس الدولة للغرض. وأضاف أن الجهود ستنصرف الى تجسيم هذا التمشي وفق منهجية عملية بما يوءمن تحقيق الاهداف المرسومة على الوجه الاكمل من خلال العمل على تطوير مهام المرافقة عند احداث مواطن الرزق وتدعيم منح المساعدة من خلال احداث صك الخدمات قبل موفى الستة الاشهر الاولى من سنة 2010 بما يوءمن مساعدة الراغبين في ممارسة أعمال مستقلة على اكتساب الموءهلات الضرورية لذلك. وبعد أن اشار الى افاق تعزيز تدخلات كل من الصندوق الوطني للتشغيل والبنك التونسي للتضامن سيما لفائدة أبناء العائلات المعوزة وطالبي الشغل من حاملي الشهادات العليا الذين طالت فترة بطالتهم أكد السيد محمد الغنوشي أن السعي الحثيث من أجل توسيع افاق التشغيل وادماج الشباب في الحياة المهنية يقترن بالعمل على استكمال مجهود تعميم التغطية الاجتماعية وعلى الارتقاء المطرد بجودة الخدمات الصحية. وأبرز الارادة الراسخة والعزم القوى على تعزيز مسيرة التطوير والتحديث والارتقاء بكل القطاعات وبكل فئات المجتمع في كافة جهات البلاد مبينا أن رئيس الجمهورية قد أرسى المنهجية الكفيلة بتحقيق الغايات المنشودة في نطاق روءية واضحة وتوجهات دقيقة تثرى رصيد المكاسب المنجزة وتعزز الارضية السانحة لرفع التحديات المطروحة بأوفر حظوظ النجاح. وذكر في هذا المضمار بتأكيد الرئيس زين العابدين بن علي على أن هذا المسار لا يقصي أحدا من ساحة الفعل الوطني في ظل قيم الجمهورية ومبادئها وفي اطار دولة القانون والموءسسات وفي كنف الوفاق بين سائر الاطراف الوطنية والقوى الحية مشيرا الى أن سنة2010 سنة متميزة بالنظر الى أهمية الاصلاحات والاجراءات والمشاريع التي سيتم اقرارها وتنفيذها في نطاق انطلاق تجسيم البرنامج الرئاسي. وأضاف أن السنة القادمة ستتميز كذلك بتنظيم الانتخابات البلدية التي ستشكل محطة جديدة لتدعيم الديمقراطية المحلية والمسار التعددى خاصة في ضوء تعديل المجلة الانتخابية الذى حدد سقف المقاعد بالنسبة الى أى قائمة مترشحة للمجالس البلدية ب 75 في المائة مهما كان عدد الاصوات التي تتحصل عليها وذلك في صورة تعدد القائمات المترشحة. كما ستشهد تعزيز الحوار والتشاور وتوسيع دائرة المشاركة في الشأن العام من أجل احكام تجسيد الاصلاحات المبرمجة وكسب الرهانات المرتقبة. وأوضح الوزير الاول في خاتمة تعقيبه أن تونس تقبل على مرحلة جديدة بأهداف نوعية جديدة مرحلة رهاناتها كثيرة وتحدياتها عديدة مرحلة لا خيار للتونسيين فيها سوى التفرغ للعمل والكد والاستعداد الدائم لمجابهة التغيرات والمستجدات والتشبع بثقافة المغالبة والتفوق لما فيه مناعة الوطن وتقدمه في ظل قيادة حكيمة اثبتت الايام والاحداث صواب توجهاتها وروءيتها الاستشرافية وتناغمها مع مشاغل المجموعة الوطنية وتطلعاتها.