تونس (وات) - تحتفل تونس على غرار بقية بلدان العالم يوم 31 ماي من كل سنة باليوم العالمي للامتناع عن التدخين الذي اختارت له منظمة الصحة العالمية هذه السنة موضوع "اتفاقية المنظمة العالمية للصحة الاطارية بشان مكافحة التبغ". وتعد هذه التظاهرة التي أقرتها المنظمة سنة 1987 فرصة للتاكيد على خطورة التبغ وآثاره السلبية على الصحة والدعوة الى وضع سياسات فعالة كفيلة بالحد من استهلاكه. ويهدف اليوم العالمي للامتناع عن التدخين لهذه السنة الى ابراز أهمية اتفاقية منظمة الصحة العالمية الاطارية بشان مكافحة التدخين وتجديد الالتزام بأحكامها التي استندت الى حق الجميع في التمتع بأعلى مستوى صحي وايجاد صيغ قانونية جديدة للتعاون في مجال مكافحة التبغ. وتفرض هذه الاتفاقية على البلدان التي انضمت اليها رسميا التزامات قانونية عدة من أبرزها حماية سياسات الصحة العمومية من المصالح التجارية والمصنعة للتبغ واعتماد تدابير سعرية وضريبية للحد من الطلب على التبغ وحماية الناس من التعرض لدخان التبغ اضافة الى تحذير العموم من اخطار التبغ وتقديم المساعدة على الاقلاع عن ادمان التبغ. وتوءكد المنظمة العالمية للصحة حاجة العالم الأكيدة لهذه الاتفاقية الاطارية بعد أن اصبح تعاطي التبغ في مقدمة أسباب الوفاة التي يمكن توقيها كماأنه ثاني أهم أسباب الوفاة على الصعيد العالمي بعد ارتفاع ضغط الدم اذ يتسبب في عشر الوفيات التي تسجل في أوساط البالغين في شتى ارجاء العالم. وتشير دراسات المنظمة العالمية للصحة أنه يتوقع سنة 2011 تسجيل وفاة اكثر من 5 ملايين نسمة جراء نوبات قلبية او سكتات دماغية او حالات سرطانية او امراض رئوية او امراض اخرى مرتبطة بالتبغ علما وأن هذا العدد لا يشمل الاشخاص الذين سيقضون نحبهم بسبب التعرض لدخان التبغ غير المباشر وهم اكثر من 600 الف نسمة ربعهم من الاطفال. ومن المحتمل ان يزداد عبء الوفيات السنوية الناجمة عن وباء التبغ العالمي ليصل الى 8 ملايين وفاة بحلول عام 2030 . وقد يودي تعاطي التبغ بحياة مليار نسمة في القرن الحادي والعشرين بعد ان فتك بنحو 100 مليون نسمة خلال القرن العشرين. كما تخلف الخسائر الاقتصادية المرتبطة بتعاطي التبغ اثارا مدمرة اذ فضلا عن التكاليف الصحية العمومية الباهظة المتصلة بعلاج الامراض الناجمة عنه، فان وفاة الاشخاص عندما تكون قدرتهم الانتاجية في أوجها يتسبب في حرمان الاسر من معيليها والدول من قواها العاملة. وتوءكد المنظمة في هذا الاتجاه على الصلة الوثيقة بين التبغ والفقر حيث بينت دراسات عديدة ان أشد الاسر فقرا في عدد من البلدان ذات الدخل المنخفض تخصص نحو 10 بالمائة من مجمل نفقاتها لشراء التبغ مما يعني انه لا يبقى لتلك الاسر الا القليل لتنفقه على الاحتياجات الاساسية مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. وتحذر المنظمة من خطورة انتقال الوباء الى بلدان العالم النامي حيث يتوقع حدوث 80 بالمائة من الوفيات المتصلة بالتبغ في غضون بضعة عقود مشيرة الى ان هذا التحول مرده استراتيجية التسويق العالمية التي تنتهجها دوائر صناعة التبغ التي تركز على الشباب والبالغين في البلدان النامية. أما في تونس فيتسبب التدخين سنويا في 7 الاف حالة وفاة مرتبطة مباشرة بالتبغ بمعدل 20 حالة في اليوم. ويقدر حاليا عدد المدمنين على التدخين الذين تتراوح اعمارهم بين 10 و70 سنة بمليون و700 الف شخص 50 بالمائة منهم من البالغين و10 بالمائة من الاناث و28 بالمائة من الاطفال والمراهقين. وتمثل مكافحة التدخين في تونس من الأولويات الصحية لا سيما في مجال الوقاية من الامراض والحد من انتشارها وذلك بالاعتماد على خطة وطنية لمكافحة التدخين يجري تنفيذها منذ سنوات بالتعاون مع مختلف الوزارات والهياكل والجمعيات المعنية، وتهدف بالخصوص الى التقليص من عدد المدخنين ومن نسبة الامراض المرتبطة بالتدخين. وقد تم في اطار هذه الشراكة تنظيم عديد البرامج والانشطة التي ارتكزت أساسا على التوعية والتحسيس وذلك من خلال تنظيم تظاهرات تحسيسية وتثقيفية بالاوساط المدرسية والعمالية والرياضية والثقافية موجهة الى العموم وبصفة خاصة الى الشباب. وفي المجال التشريعي تم اصدار الامر عدد 2611 المؤرخ في 14 سبتمبر 2009 المتعلق باتمام الامر عدد 2248 لسنة 1998 والمتعلق بالمنع الجزئي للتدخين بالمقاهي والمطاعم انطلاقا من يوم 19 ماي 2010 . كما صدر القانون 17-98 بتاريخ 23 فيفري 1998 المتعلق بالوقاية من مضار التدخين الى جانب الامر الذي صدر في نفس السنة ويتعلق بتحديد الاماكن العمومية التي يمنع فيها التدخين. ويتركز الاهتمام حاليا على مراجعة قانون 1998 باتجاه تخصيص مساحة على جهتي علب السجائر تتضمن تحذيرات صحية مكتوبة ومصورة اضافة الى منع بيع السجائر الى الاطفال دون سن 18 سنة. ولمساعدة الراغبين في الاقلاع عن التدخين، تم تكوين 250 طبيبا في هذا المجال وتعميم عيادات المساعدة على الاقلاع بمراكز الصحة الاساسية بكل الجهات مع توفير "المعوض النيكوتيني" والتخفيض من سعره بنسبة 20 بالمائة. وقد مكن تنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة التدخين من التخفيض في نسبة المدخنين ب 5ر3 بالمائة خلال الفترة المتراوحة من أواخر سنة 2009 الى اواخر سنة 2010 . وتجدر الاشارة الى أن تونس صادقت على الاتفاقية الاطارية الدولية بشان مكافحة التدخين منذ بداية سنة 2010 . وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن التدخين لهذه السنة أعدت وزارة الصحة العمومية برنامجا خاصا يتضمن بالخصوص حملة اعلامية تحت شعار "اليوم العالمي للامتناع عن التدخين: كن حرا واحترم الاخر" اضافة الى ملتقى وطني يوم 31 ماي 2011 بالعاصمة لفائدة اطباء الصحة العمومية ومختلف الشركاء في مجال مكافحة التدخين. كما سيتم تنظيم يوم مفتوح بالمركز الثقافي والرياضي بالمنزه السادس يوم الاحد 30 ماي 2011 تتخلله مسابقة في الرسم للاطفال ومعرض لمختلف الانجازات في مجال مكافحة التدخين.