تونس (وات) - رواية 'روائح المدينة' تأليف حسين الواد فازت مؤخرا بجائزة الكومار الذهبي وهي من إصدارات دار الجنوب سلسلة عيون المعاصرة التي يديرها الناقد الأستاذ توفيق بكار. هذه الرواية حظيت بقبول حسن من طرف العديد من المثقفين والنقاد حتى أن توفيق بكار المعروف بكونه لا يطلق الأحكام جزافا قال عنها في إحدى المناسبات أنها رواية "ترتقي بأسلوبها إلى مستوى الأدب العالمي وهذا أمر نادر في الإنتاج الأدبي الوطني". يقوم المؤلف بوصف دقيق للمدينة وهي على الأرجح مسقط رأسه لكنها تختزل في سماتها كل المدن العتيقة التونسية. الحيز الزمني يبدأ من أربعينات القرن الماضي ويتواصل إلى المرحلة الراهنة مرورا بمطلع الاستقلال وبالمرحلة البورقيبية وبمرحلة حكم المخلوع. لا يترك حسين الواد جزئية ما في وصف البيئة الاجتماعية بألوانها وأشتاتها وخصوصا روائحها مهما كان مأتاها سواء كانت محببة أو كريهة فهي العنصر الأساسي المحرك للنص الأدبي الذي تتزاحم فيه روائح الجوامع و معاصر الزيتون والأسواق وحتى القاذورات والمواخير مع استعمال مكثف للأمثلة الشعبية على ألسنة أصحابها .. كل ذلك في إطار نظرة ساخرة ومتهكمة ولكنها في نفس الوقت نظرة غير محايدة فهي نظرة ناقدة وساخطة في أغلب الأحيان. يبقى أن تسلسل الأحداث غير واضح والكاتب يسعى لجعل القارىء يتصرف كما يشاء وربما كان الغرض هو السرد في حد ذاته والمتعة اللغوية ولعل ذلك ما يفسر الإهداء الذي وضعه الكاتب في شكل تحذير " من ليس له مدينة كمدينتي لا يصلح له هذا الكلام". ومما زاد في الطين بلة أن المقدمة التي وضعها محمد صلاح الدين الشريف تحت عنوان " الروض الفاوح في مقامات الروائح" لا تصلح إطلاقا لمساعدة القارىء على الحصول على بعض مفاتيح هذه الرواية وإنما جاءت المقدمة كنص أدبي قائم بذاته لا علاقة له بالرواية من حيث القراءة النقدية المعتادة و هكذا لا مفر أمام القارىء من مواجهة مصيره بنفسه وان يستنشق الروائح حسب قدرته على التحمل . حسين الواد أستاذ جامعي باحث من مواليد 1948 بالمكنين. له في الأدب العربي القديم والحديث مؤلفات عدة نذكر منها دراسته للمعري في رسالة الغفران وللمتنبي والتجربة الجمالية عند العرب.