توقيع اتفاق بين الحكومة التونسية ونظيرتها البحرينية بشأن تبادل قطعتيْ أرض مُعدّتيْن لبناء مقرّين جديدين لسفارتيهما    فاطمة المسدي تطالب بترحيل الأفارقة.    وزيرة التربية تطلع خلال زيارة بمعهد المكفوفين ببئر القصعة على ظروف إقامة التلاميذ    سيدي بوزيد: المجلس المحلي بسيدي علي بن عون يطالب السلطات بحل نهائي لإشكالية انقطاع التيار الكهربائي    نابل: رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يجدد الدعوة لإقامة جدار صحي عازل للحد من انتشار الحشرة القرمزية    وزيرة الإقتصاد في الإجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية    هوغربيتس يحذر من زلزال قوي خلال 48 ساعة.. ويكشف عن مكانه    فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء    رئيس الفيفا يهنئ الترجي ع بمناسبة تاهله لمونديال الاندية 2025    الرابطة الأولى: تشكيلة النادي البنزرتي في مواجهة نجم المتلوي    رابطة الابطال الافريقية لكرة القدم - الاهلي المصري الى النهائي    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات مواليد 2007-2008- المنتخب المصري يتوج بالبطولة    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الاحتفال بالدورة 33 لشهر التراث بفقرات ومعارض متنوعة    مسابقة أكاديمية الشّرق الأوسط للأطبّاء الشّبان بدبي: الدكتورة التونسية مريم بن عياد تفوز بالجائزة الأولى في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    الناطق باسم محكمة تونس يوضح أسباب فتح تحقيق ضد الصحفية خلود مبروك    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 27 أفريل    بنزرت: الافراج عن 23 شخصا محتفظ بهم في قضيّة الفولاذ    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة الملعب التونسي    خبير تركي يتوقع زلازل مدمرة في إسطنبول    استشهاد شابين فلسطينيين وإصابة اثنين آخرين بنيران الاحتلال الصهيوني غربي "جنين"..#خبر_عاجل    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    عاجل/ الحوثيون يطلقون صواريخ على سفينتين في البحر الأحمر..    عاجل تلاميذ منطقة الحاج قاسم 2يستغيثون للمرة الثانية في نفس الأسبوع..الحافلة معطلة    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    الرابطة الثانية (ج 7 إيابا) قمة مثيرة بين «الجليزة» و«الستيدة»    مع الشروق .. «طوفان الأقصى» أسقط كل الأقنعة.. كشف كل العورات    أخبار المال والأعمال    تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6 ٪ من الناتج المحلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    فضاءات أغلقت أبوابها وأخرى هجرها روادها .. من يعيد الحياة الى المكتبات العمومية؟    تنديد بمحتوى ''سين وجيم الجنسانية''    مذكّرات سياسي في «الشروق» (5) وزير الخارجية الأسبق الحبيب بن يحيى... يتكلّم الصادقية حاضنة المعرفة والعمل الوطني...!    "حماس" تعلن تسلمها رد الاحتلال حول مقترحاتها لصفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    الكاف..جرحى في حادث مرور..    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    طقس الليلة    تسجيل مقدّمة ابن خلدون على لائحة 'ذاكرة العالم' لدى اليونسكو: آخر الاستعدادات    المؤرخ الهادي التيمومي في ندوة بمعرض تونس الدولي للكتاب : هناك من يعطي دروسا في التاريخ وهو لم يدرسه مطلقا    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    أكثر من 20 ألف طالب تونسي يتابعون دراساتهم في الخارج    وزارة التجارة تتخذ اجراءات في قطاع الأعلاف منها التخفيض في أسعار فيتورة الصوجا المنتجة محليا    الجزائر تسجل حضورها ب 25 دار نشر وأكثر من 600 عنوان في معرض تونس الدولي للكتاب    افتتاح المداولات 31 لطب الأسنان تحت شعار طب الأسنان المتقدم من البحث إلى التطبيق    تضم فتيات قاصرات: تفكيك شبكة دعارة تنشط بتونس الكبرى    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    تقلص العجز التجاري الشهري    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة التونسية في الرسائل والبحوث الجامعية (3-3)
نشر في الصباح يوم 06 - 03 - 2008

تنشر «الصباح» الجزء الثالث من المقال المطوّل للدّكتور محمّد الكحلاوي حول «الثقافة التونسية في الرّسائل والبحوث الجامعيّة» بعد أن نشرت في عددي الأحد والثلاثاء الماضيين الجزئين الأوّل والثاني من هذا المقال.
II - التاريخ والعلوم الاجتماعية
لعله حين نتحدّث عن الرّسائل والبحوث الجامعية التي أنجزت في قسم التاريخ وعلم الاجتماع والانتروبولوجيا، وكان موضوعها تونس حضارة وتاريخا ومجتمعا، يجدر أن نؤكّد أن هناك من التآليف الهامّة التي أعدّت في هذا المجال وتعلق موضوعها بفنون العمارة والتّراث، وسائر مظاهر ما يصطلح عليه "بالفن الإسلامي" وهو ما نرجئ الكلام فيه إلى العنصر الآتي من هذه الدّراسة. أمّا عن البحوث المندرجة في هذا المجال بالمعنى الدّقيق للكلمة، فأبرزها على الإطلاق في تقديرنا ذاك العمل الجماعي الذي صدر في مجلّدات أربعة عن "مركز الدراسات والأبحاث الاقتصادية والاجتماعية" (سيراس) بعنوان "تونس عبر التاريخ"، تعلّق جزؤه الأوّل "بتونس في العصور القديمة"، واتصل جزؤه الثاني "بتونس الفترة الوسيطة أي ما بعد الفتح الإسلامي" وتمحور جزؤه الثالث حول "حركات الإصلاح"، أما الجزء الرّابع والأخير فخصّص "لدراسة "الحركات الإصلاحية وميلاد الدولة الوطنية، ودولة الاستقلال".
وقد قدّم لهذا التأليف خليفة شاطر بمقالة عنوانها : "من حصاد المدرسة التاريخية التونسية".
في الجزء الأول من هذا الكتاب نطالع دراسة الأستاذ محمد حسين فنطر بعنوان "قرطاج قوة وحضارة متوسطة"، واهتم أحمد مشارك بدراسة "وضع إفريقيا الرّومانية وحضارتها"، وجاءت مساهمة عبد اللطيف مرابط مختصة" بإفريقية في العهد المسيحي"، وفي الجزء الثاني الوارد بعنوان من "العهد العربي الإسلامي إلى حركات الإصلاح" ورد فصل مطول بعنوان : "إفريقية من القيروان إلى تونس" شارك فيه راضي دغفوس وعلي عبد القادر محمد حسن وفوزي محفوظ، واشتمل هذا الفصل على دراسة للتطوّرات التاريخيّة والحضارية والفنيّة المعمارية التي عرفتها تونس، وورد الفصل الثاني من هذا الكتاب بعنوان: "تونس من ولاية عثمانية إلى دولة حسينية" ساهم فيه لطفي عيسى وأحمد السعداوي وحسن العنّابي، ومن أبرز المساهمين في الفصل الأخير المتعلّق بالاقتصاد والمجتمع والمشروع الإصلاحي خليفة شاطر وجمال بن طاهر.
وفي الجزء الثالث الوارد بعنوان :"الحركة الوطنية ودولة الاستقلال" جاء الفصل الأول بعنوان: "الحماية الفرنسية في تونس ومن أبرز المساهمين فيه يحيى العوّاد ونور الدّين الدّقي، وخصصّ الفصل الثاني للحركة الوطنية ومن المساهمين فيه توفيق العيّادي ومحمد لطفي الشايبي وعبد السّلام بن حميدة وخليفة شاطر، في حين خصّص الفصل الثالث للدّولة الوطنية.
وقد أنجز-عبد الجليل بوقرّة ضمن هذا التأليف- الفصل المتعلّق بالدّولة الوطنية دولة الاستقلال مبرزا طبيعة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي راهنت عليه الدولة الحديثة، والقائم على الفصل بين المؤسسات وعلوية الدّستور، وما ينتج بموجب ذلك من عقلنة للممارسة السّياسيّة، مع الرّهان على النّخب المثقّفة وقد استخدم المؤلف في ذلك وثائق نادرة : مصنّفات، ومقالات صحفية وخطب سياسية وبيانات. مع العلم أن هذا المؤرخ أنجز من قبل دراسة علمية متميزة حول حركة "آفاق" les perspectives باعتبارها حركة نقابية طالبيّة طبعت الحياة الجامعية والمشهد السياسي لتونس الستينات والسبعينات، وجسمت في تلويناتها المختلفة تاريخ "اليسار التونسي"، (صدر هذا العمل عن دار سيراس للنشر ط1، 1993). أمّا الجزء الرابع والأخير من كتاب تونس عبر التاريخ قد خصّص ل"تونس التحوّل".
في السياق نفسه يمكن أن ندرج كتابات الأستاذ حفناوي عمايريه ومنها "الصحافة وتجديد الثقافة: تونس في القرن التاسع عشر، وضمنه تناول نشأة الصحافة من حيث هي ظاهرة ثقافية تضمنت من الأخبار والآراء ما يدلنا على نزوع جيل الرواد إلى التأصيل للمفاهيم الجديدة والأساليب المناسبة لصياغة آرائهم والتعبير عن غير ما هو مألوف لديهم بخصوص الموروث اللغوي والفكري. وفي كتابة "فجر التنوير العربي" (صدر عن دار نقوش عربية) درس قضايا تأصيل العقلانية وفكر التسامح باعتباره مثّل ضرورة ثقافية وحضارية تساعد على الخروج من دائرة الجمود والصدام مع الآخر.
وفي إطار دراسة المؤسسات العلمية ذات الصبغة الدّينية اهتم المؤرخ مختار العياشي بالزيتونة، معلما دينيا وعلميا أسهم في حياة المجتمع وحركيته الثقافية من خلال رسالته: "الزيتونة والزيتونيون في تاريخ تونس المعاصر (1883-1958)"(النشر الجامعي، 2005) أبان من خلالها عن ذلك الدور الرائد الذي قامت به مؤسسة جامع الزيتونة في التعليم والتثقيف والحفاظ على مقومات الهوية انظر قوله: "ففي كل الحالات أتاحت مؤسسة جامع الزيتونة بفروعها المختلفة بالعاصمة وداخل البلاد الفرصة لعشرات الآلاف أو أكثر من الشباب التونسي القادم خصيصا وبصفة متزايدة آنذاك من المناطق الأكثر فقرا من "تونس العميقة" "لمزاولة تعليم ثانوي لم يكن متوفّرا بأريافهم التّي لم تحظ خلال الفترة الاستعمارية بنشر التعليم العمومي وفق الحاجيات الوطنية". وفي السياق نفسه أقدم نجم الدّين الهنتاتي على كتابة تاريخ "المذهب المالكي بإفريقية إلى حدود القرن الخامس للهجرة"(صدر عن مؤسسة تبر الزمان، 2004).
ومن الأطروحات المرجعية التي أعدّت في قسم التاريخ واتصلّ موضوعها بالفترة المعاصرة من تاريخ البلاد التّونسية رسالة علي المحجوبي حول "جذور الحركة الوطنية"(بيت الحكمة،2003) وتأليف الهادي التيمومي حول "الانتفاضات الاجتماعية"(منشورات بيت الحكمة)"، كذلك أطروحة سمير البكّوش "القيروان : من المقاومة المسلحة إلى المقاومة المنظّمة(1881-1939)". ويجدر أن ننوه بأهمية ما جاء في أطروحة الأزهر الماجري "قبائل ماجر والفراشيش خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر"(صدرت في طبعتين متتاليتين، كلية الآداب والفنون والإنسانيات منوبة، 2006-2007) إذا كان عمله بمثابة مقاربة علميّة انتربولوجية في جدلية العلاقة بين المحلي ممثلا في القبائل والأهالي والمركزي ممثلا في سلطة البايات الحسينيين.
وحظي موضوع التصوف وحياة الأولياء والزّهاد باهتمامات المؤرخين من ذلك رسالة نيللي العمري سلامة الولاية والمجتمع (صدرت عن كلية الآداب منوبة 2001)، ورسالة لطفي عيسى "مغرب المتصوفة" (كلية العلوم الإنسانية تونس ومركز النشر الجامعي، 2005) وأعد منصف الشريطي رسالة بعنوان : "مكانة رجال العلم والتصوف في الإيالة التونسية من خلال كتب التراجم وحسابات وكلاء المؤسسات الدّينية والتعليمية فيما بين 1705-1881 (نوقشت سنة 1998).كما تجدر الإشارة إلى أهمّية البحوث التي أعدّت حول تاريخ الحركات السيّاسية والنّقابية من ذلك ما ألّفه ألفة الحبيب القزدغلي بخصوص "تطوّر الحركة الشيوعية"(1919-1943)، أو توفيق الدّقي حول "تاريخ المؤسسات الصناعية الاستعمارية" (Histoire d'une grande entreprise colonial 1897-1930). أو محمد الأزهر الغربي حول الرأسمال الفرنسي بالمغرب العربي في الفترة الاستعمارية، Le capital français à la traîne...1847-1914) (صدرت كل هذه الأطروحات تقريبا عن كلية الآداب والفنون والإنسانيات منوبة في ما بعد سنة 2000).
وبخصوص المسألة النقابية تجدر الإشارة إلى أعمال الندوة التي نظّمها مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية، وكان محورها "تطوّر العلاقة بين السلطة والحركة النقابية"، صدرت سنة 1989. قدم لها ونسق أعمالها الطيب البكوش.
كما يجدر التنبيه إلى أهميّة بحوث الأستاذ سالم بويحيى حول العلاقات النقابية بين عمّال تونس ونظرائهم في المغرب العربي ومصر، كذلك دراسته لمسار العلاقات بين الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الدولي لنقابات العمّال العرب (صدرت هذه البحوث تباعا في "المجلة المغاربية" منذ فجر التسعينات إلى الآن وبعض منها صدر في "الكراسات التونسية").
ولا بدّ أن نضع في الاعتبار أهمّية ما ورد حول تونس تاريخا ومعالم ضمن المؤلف الضّخم: " في تاريخ الأمّة العربية" الذي أصدرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وشارك فيه جامعيون تونسيون، أو ما أنجز ضمن مؤسسة المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية" حول الزعماء الوطنيين مثل علي باش حامبة والهادي نويرة وعلي معاوية وأشكال المقاومة الوطنية، المعتمدة في علاقتها بالعمل النقابي، ومن منشورات هذه المؤسسة "الدّين والمجتمع والحركات الوطنية في المغرب العربي، تونس 2003).
كما يجب أن ننتبه إلى ما تضّمنته بحوث بعض الحقوقيين ورجال القانون في تونس بخصوص غزارة المعلومات المتعلّقة بتاريخ تونس السياسي مثال ذلك ما ورد في كتاب الأستاذ الأزهر بوعوني، "الأنظمة السياسية والنظام التونسي" (مركز النشر الجامعي، تونس 2002)، أو ما كتبه محمد بن الأصفر حول "التاريخ والحداثة والقانون".
أما بالنسبة إلى البحوث السوسيولوجية التي اهتمت بالتّطور الاجتماعي والتحول في مستوى البنى الاجتماعية والذهنيّة فهي كثيرة، ومتنوعة وإن مازال أغلبها مخطوطا في رفوف المكتبات، وحسبي أن أشير هنا إلى المقاربات العميقة للأستاذ المنصف ونّاس حول الدولة "المسألة الثقافية في تونس" (دار الميثاق للطباعة والنشر والتوزيع، تونس 1988). أو ما كتبه منور المليتي بخصوص "العلاقة بين الدين والسياسة في ظل الدولة الوطنية التونسية" (تونس 1988)، أو ما أنجزه محمد كرّو حول العادات والتقاليد التونسية في علاقتها بالمعتقدات الدّينية وطقوس الاحتفالات والمواسم، كذلك أطروحة أحمد خواجة "الذاكرة الجماعية من مرآة الأغنية الشعبية" (كلية العلوم الإنسانية ودار أليف 1999) وعادل بلكحلة حول بحّارة الساحل التونسي" و"مدينة طبلبة"، ومثلت رسالة المهدي مبروك "سوسيولوجيا الحداثة في الثقافة العربية المعاصرة" (نوقشت سنة 1996) محاولة متميزة رامت استنطاق عمل العقل العربي/ عقل النخب المصلحة والمجدّدة في علاقته بالبنى الاجتماعية، وفي هذا المضمار صدر للمنجي الزيدي بحث بعنوان ثقافة الشارع: دراسة سوسيوثقافية في مضامين ثقافة الشباب (مركز النشر الجامعي، 2007)، وصدر لآمال موسى بحث متميّز وجريء بعنوان : "بورقيبة والمسألة الدينية : مقاربة في الوظيفة الدنيوية للدين" (سيراس، 2006)، وفي ضوء مفاهيم علم الاجتماع الدّيني والأنتربولوجيا أنجزت أعمال كثيرة، كأطروحة عماد المليتي، la zawiya en tant que foyer de socialité (نوقشت بجامعة باريس، 1993) وأطروحة عماد بن صولة "الطريقة الرحمانية بماطر: زاوية سيدي البشير، نموذجا"، كذلك رسالة ياسين كرامتي Sidi Bou Ali Sultan al-Jaaride (مركز النشر الجامعي 2005) كذلك أطروحة مريم الغابري حول "الزردة والاحتفالات الشعبية".
III- في الأدب والسرد والفن
نأخذ هنا الأدب والسرد بمعنيهما المطلق حيث يشمل ذلك دراسة الشعر بأنماطه المختلفة والنثر بألوانه المتعدّدة القديم والحديث منها، القصّة والرواية.
غير أنه لابدّ من أن نوضّح هنا أنّ الفنّ بالمعني الفلسفي الأنتربولوجي يشمل كل أشكال الإبداع والتعابير الثقافية ذات المناحي الجمالية، ومن ثمّة فنحن نستبعد من دائرة اهتمامنا الدراسات المتعلّقة المسرح والموسيقي اللّذين ما تزال الدراسات الأكاديمية بشأنهما في بدايتها لقرب عهدنا بإلحاق هذه التخصصات بالتعليم العالي، فضلا عن قلّة البحوث التي تنتمي إلى شهادة الدكتوراه، في هذا المجال وندرة المنشور منها إن لم نقل يكاد يكون معدوما،في مثل هذه المواضيع.
وعليه سيقصر اهتمامنا في الجزء الثاني من هذا العنصر على تاريخ الفن والمحاولات المنجزة ضمن ما يصطلح عليه بالفن الإسلامي والفن المعماري عموما، وذلك للتقدّم البارز الذي حقّقته هذه الدّراسات رغم انبثاق أغلبها من أقسام التاريخ ودراسات التراث العربي والإسلامي.
1- في الأدب والسرد
لقد ترسخ الاشتغال بفنون السرد والأدب التونسي في الجامعة التونسية أثناء العشريتين، لاسيما داخل اختصاص اللغة والآداب العربية، فبعد أن كان الاهتمام منصّبا على قضايا الأدب العربي والشعر القديم وهو ما امتاز به جيل الرّواد من أمثال عبد القادر المهيري ومحمد اليعلاوي وتوفيق بكّار وعبد السّلام المسدي وحمادي صمود وحسين الواد، ومن جاء بعدهم مثل مبروك المناعي ومحمد القاضي وسليم زيدان، ظهر الاشتغال بدراسة تآليف الأدباء التونسيين أمثال محمود المسعدي والبشير خريف وعلي الدّوعاجي والشّابي والقدامى منهم. لقد بدأت النقلة حين وجّه الأستاذ توفيق بكّار طلبته إلى الاهتمام بالأدب التونسي منوّها بأعمال المسعدي واضعا كل مرّة تقديما بليغا عميقا لرواياته وآثاره، لافتا النّظر إلى أهمّية ما كتب أعلام من أمثال البشير خريف وعلي الدوعاجي وغيرهم، ومركّزا اهتمامه على دراسة الحياة الأدبية والفكرية في تونس الثلاثينات، فاقتفى أثره جامعيون ونقّاد من أمثال محمود طرشونة ومحمد القاضي وفوزي الزمرلي وصلاح الدّين بوجاه وحسين العوري والطاهر الهمّامي وغيرهم من الأجيال اللاحقة وصولا إلى محمد آيت ميهوب.
وهنا يجدر أن نشير إلى الأعمال التّي اهتمّت بالأدب التونسي القديم فلئن أعدّ الراحل الشاذلي بويحي منذ أواخر الستينات رسالة حول "الأدب التونسي في العهد الزيري" فإنه ظهر من واصل الاهتمام بهذا المنحى مثل المختار العبيدي الذي جاءت أطروحته بعنوان "الحياة الأدبية بإفريقية في عهد الأغالبة (طبعة مشتركة بين دار سحنون ومركز الدراسات الإسلامية القيروان، 1993) أو محمد توفيق النيفر الذي اعد أطروحة بعنوان "الحياة الأدبية بإفريقية في العهد الفاطمي" (نوقشت سنة 1993)، أو رياض المرزوقي الذي أنجز أطروحة حول: "الفنون واّلأساليب الأدبية في تونس : القرنين الثامن عشر والتاسع عشر للميلاد" (نوقشت سنة 1997) وفي سياق ذلك كان اهتمام الأستاذ محمد اليعلاوي بابن هاني الأندلسي متنبئ المغرب وبالحياة الأدبية في العهد الفاطمي (صدرت أغلب مؤلفاته عن دار الغرب الإسلامي).
غير أن ما وسم البحوث الجامعية التي أنجزت في الآونة الأخيرة بخصوص الأدب التونسي هو اهتمامها بالمدوّنة العصرية في الشعر والسرد، خذ على سبيل ذلك ما أنجزه حسين العوري بعنوان: "تجربة الشعر الحرفي تونس حتى نهاية سنة 1968" وهي أطروحة جاءت بمثابة دراسة نقدية في الأشكال والمضامين (نوقشت سنة 1996) (صدرت 2005، كلية الآداب منوبة) أو ما أنجزه عبد المجيد النفزي بعنوان: "مسألة الشخصية القصصية في أدب البشير خريف" (نوقشت سنة 1989)(صدرت بالاشتراك بين مركز النشر الجامعي وكلية الآداب منوبة، 2003) أو ما أعدّه فوزي الزمرلي وزاوج فيه بين النّظري والممارسة من خلال قراءة نصوص روائية تونسية، ومن البحوث الحديثة في هذا السياق ما أنجزته آمال البجاوي بعنوان"الرّواية والتاريخ في أسرار صاحب الستر لإبراهيم الدرغوثي" (نوقشت سنة 2005).
أما بخصوص المدوّنة الشعرية فالمؤلفات والأبحاث كثيرة فإضافة إلى رسالة حسين العوري المشار إليها أعلاه، فقد تعدّدت المقاربات النقدية الخاصّة بهذا الفن، ومن أبرزها كتابات الطّاهر الهمامي، "الشعر على الشعر: بحث في الشعرية العربية من منظور شعر الشعراء على شعرهم إلى القرن 11م"(كلية منوبة 2003) ودراسته حول "حركة الطليعة الأدبية" وفي السياق نفسه انجزت رسالة "مظاهر الجدّة في الشعر التونسي الموسوم بالشعر العصري 1990-1930" لابتسام الوسلاتي.
إن هذا المنحى المتمثل في الاهتمام المكثف بالأدب التونسي الحديث والمعاصر شعرا وسردا قد أمسى تقليدا ثابتا في الجامعة فعندما ننظر إلى المنعرج الذّي نهجه رواد الدراسات الجامعية في مجال الأدب والشعر يتأكد لنا ذلك. فهم قد انتقلوا من مجال الاهتمام بالأدب العربي في أمّهات نصوصه ومسائلة الكبرى إلى الاهتمام بالأدب التونسي في إشكالياته الرّاهنة ومن خلال دقائق المسائل التي تطرحها الكتابة الأدبية المعاصرة(12)، هنا يمكن أن نستنتج أن للسياسة الثقافية التي رامت مؤسسات الثقافة والإعلام اتباعها -والمتمثلة في عقد الندوات والملتقيات الكبرى حول الأدب التونسي- أثرا بارزا في ذلك، إنّك لتشهد معالم هذا المنعرج المحمود واضحة لدى الأستاذ محمود طرشونة الذي أنجز في ما تقدّم أطروحة حول "المهمشين في الأدب العربي من خلال ألف ليلة وليلة " ليختص بعد ذلك اختصاصا كلّيا بدراسة الأدب التّونسيّ، فتعدّدت تآليفه حول الأدب التونسي خاصة مؤلفات المسعدي من ذلك "الأدب المريد في مؤلّفات المسعدي" و"ألسنة السرد" وكان طرشونة ربّانا للمشروع الذي أصدرته وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بعنوان "محمود المسعدي. الأعمال الكاملة"(4 مجلّدات)، طرشونة التصق اسمه بأديب تونس الكبير محمود المسعدي، وفي السياق ذاته ظهرت دراسات أخري رامت قراءة مؤلفات المسعدي. لباحثين وكتاب أمثال الرّاحل علي العزيزي الذي أعدّ رسالة حول مشكلة الوجود في مؤلفات المسعدي أو الهادي الغابري الذي خصّ أدب المسعدي بمحاولات ودراسات كثيرة، أهمّها "مسألة الشكل الفني في رواية السّد".
الشخصية الثانية التي تحوّلت من مجال دراسة الأدب العربي في قضاياه الكلية إلى التخصّص في الأدب التونسي هو محمد القاضي الذي أنجز في الأول رسالة حول "السردية العربية" (نوقشت سنة 1995)، لكنّه فضّل بعد ذلك الاهتمام بقضايا الأدب التونسي شعرا وسردا، وغلب على اهتمامه، متطلّعا إلى أن يقول فيه قولا فصلا، ومؤّلفاته المنجزة في هذا الغرض تدلّ دلالة كافية على ذلك مثل في "القصة والرّواية التونسيةّ (دار سحر 2002) و"إنشائية القصة التونسية: دراسة في السردية التّونسية (الوكالة المتوسطية للصحافة، تونس 2005) إلى غير ذلك من الدراسات والمقالات، والتقديمات التي وضعها لأعمال روائية مختلفة.
الشخصية الثالثة التي تمثل نموذجا فريدا -في هذا المجال هو فوزي الزّمرلي الذي انصرف عن التأصيل لنظرية الرّواية وآليات إنتاجها وقراءتها، -وذلك اختصاص يشاركه فيه باحثون آخرون منهم محمد الباردي- إلى الاشتغال على فنون السّرد التونسي من خلال ما كتبه مثلا عن مدوّنة فريد غازي والبشير خريف على وجه التخصيص، وهنا تجدر الإشارة إلى أن كلّ هذه البحوث المشار إليها أعلاه في مجال الأدب والسرد تتكامل مع الدراسات والمقاربات النقدية المتميّزة لأعلام وكتّاب كبار عرفتهم الساحة الثقافية التونسية والعربية في العقود الأخيرة، وذاع صيت أعمالهم وتآليفهم المنجزة في هذا الغرض، ومن أبرزهم الأستاذ الدكتور محمد صالح الجابري الروائي والناقد والمؤرخ للأدب المغاربي. وقد نشرت له بيت الحكمة قرطاج، ودار الغرب الإسلامي قدرا هامّا من أعماله لا سيّما ما ألّف منها حول الأدب التونسي في علاقته بالأدب الجزائري والليبي، كذلك أعمال الكاتب المبدع عز الدّين المدني صاحب القراءات المتميّزة في فنون الإنتاج الأدبي المعاصر، والناقد أبو زيان السّعدي الذي له في مجال الأدب التونسي قراءات رائدة وإن غلب الاهتمام بالأدب المشرقي على مجمل أعماله، ويندرج في هذا الإطار ما ألّفه وما يزال الكاتب حسونة المصباحي الذي يفضّل قراءة النصّ الأدبي في ضوء أفق معرفي جمالي إشكالي يربط ربطا جدليا خلاقا بين الأثر وصاحبه بين الفني والمعرفي في استنطاق مدلول الكلم.وبحث أوجه المعاناة، كذلك لا ننسى ما يكتبه الجامعيون المختصون في اللغة والآداب الفرنسية حول الأدب التونسي والثقافة العربية باللسان العربي وفي مقدمة هؤلاء الأستاذ جلول عزونة والهادي خليل ومحمد كمال قحّة. ولا نتغافل كذلك عمّا كتبه محمد لطفي اليوسفي الناقد الأكاديمي حول الكتابة الشعرية. وبيانات الشعر العربي، وهو يفضّل قراءة قضايا الشعر التونسي في أفق التجربة الإبداعية العربية المعاصرة لوحدة الإشكاليات والمسائل المتحكّمة في نسق الكتابة ولغتها. وهنا نخلص إلى طرح مسألة التعريف بالأدب التونسي وذيوع صيته خارج الحدود، وهي قضية كبرى تتعلق بحضور الثقافة التونسية المعاصرة والقديمة عربيا وكونيا، ولعله في هذا السياق بالذات تتنزل أهميّة دراسة الأدب التونسي في أفق عربي أو كوني، وهنا بالذّات تبرز أهميّة التعريف بأدبنا والبحث عن أوجه الاعتراف به خارج حدود الوطن، وتلك قضيتنا الكبرى في تقدري.
2- في المعمار والفن الإسلامي
بالنسبة إلى التأليف في مجال الفن المعماري والإسلامي نشير إلى العمل الموسوعي الذي يصدر في فرنسا بعنوان Treize siècles D'art et D'architecture en Tunis (ثلاثة عشر قرنا من العمارة والفن في تونس) وكذلك ما كتبه أعلام مثل عبد العزيز الدولاتلي بعنوان:"الزيتونية عشرة قرون من الفن المعماري "(المعهد الوطني للتراث، 1997) والباجي بن مامي حول "مدارس مدينة تونس من العهد الحفصي إلى العهد الحسيني"وكتابه:les tourbas de Tunis (ترب تونس) (المعهد الوطني للتراث 2006)، وقد عرف أحمد السعدواي بدراسته لتاريخ الفن المعماري في العهد العثماني وله في ذلك مؤلفات كثيرة، منها «Tunis ville Ottmane, trois siècles d'urbanisme et d'architecture» (تونس مدينة عثمانية ثلاثة قرون من التعمير الحضري).
وفي هذا السياق نفسه وضع فوزي محفوظ تأليفا بعنوان:
Architecture et urbanisme EN IFRIQIYA Médiévale (كلية الآداب والفنون والإنسانيات ومركز النشر الجامعي 2004)
وألّف المنجي الكعبي كتابا بعنوان "القيروان" جمع فيه بين الدراسة التاريخية الأدبية والمعمارية الفنية (صدر عن دار الغرب الإسلامي، ط1، بيروت لبنان، 1990).
وألفت لمياء حدّة رسالة محورها "الزخرفة المعمارية الحفصية دراسة في تاريخ الفن الإسلامي بافريقية" وكذلك وضع رياض مرابط كتابا بعنوان : "مدونّة مساجد جربة" (منشورات المعهد الوطني للتراث 2003) ورسالة عبيد السبيعي (Réglementation urbaine et lecture de la ville arabo musulmane à travers la Doukkana de Ibn Adhoum (Paris 2001) (تنظيم المجال الحضري مع قراءة المدينة العربية الإسلامية من خلال كتاب الدّكالة لابن عظّوم) (ق17م) وفي المجال ذاته نذكر كتاب محمد حسن "الجغرافيا التاريخية" (دار الكتب الجديدة بنغازي، ليبيا 2004) وكتاب الأستاذ علي حمريت "أريانة مع الزمان" (تونس 2004) وهو يعكف حاليا على إعداد كتاب يتعلق بتاريخ القيروان ومعالمها الفنية والمعمارية سيصدر قريبا.
تلك إشارات عابرة، وإفادات مختزلة بخصوص ما كتب التونسيون المعاصرون من الأكاديميين المختصّين حول مظاهر الثقافة التونسية وسائر الفنون والآداب ووقضايا التاريخ والاجتماع. وقد ركزنا الاهتمام فحسب على رسائل الدكتوراه، ولم تقع الإشارة إلى ما دونها من البحوث والمقالات إلاّ لماما، ونحن نشعر لذلك بالتقصير، آملين أن تتاح لنا الفرصة لتدارك ذلك لاحقا. لكن من المؤكّد أنّنا قد وضعنا في أيدي القرّاء والباحثين وغيرهم ممّن يهتم بمثل هذه المسائل ما من شأنه أن يسهم في إضاءة الطريق والتعريف بما يجب التعريف به.
هوامش
12) انظر مثالا على ذلك دراسة محمد القاضي، محمد البشروش قصّاصا، الحياة الثقافية، عدد 43 سنة 1987.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.