تونس (وات)- " الانتقال الديمقراطي واستراتيجيات التربية" هو موضوع الندوة العلمية الدولية التي تلتئم بتونس يومي 7 و 8 جويلية الجاري ببادرة من المركز الوطني للتجديد البيداغوجي والبحوث التربوية بالتعاون مع منظمة اليونسيف ومكتب اليونسكو بالرباط. ومن ضمن الإشكاليات الأساسية التي تم طرحها في هذه الندوة هي كيفية تأثير الانتقال الديمقراطي في تطوير استراتيجيات التربية وكيفية إسهام التربية في إنجاح عملية الانتقال إلى الديمقراطية؟ وبحسب المختصين يبدو الرابط بين هذين المصطلحين بديهيا في علوم التربية إذ يتحدث هؤلاء المختصون عن وجود علاقة جدلية بينهما في إشارة للارتباط الوثيق بين التنشئة على قيم المواطنة الحقيقية والممارسة الديمقراطية. ويرى السيد الطيب البكوش وزير التربية في الحكومة الانتقالية أن الانتقال الديمقراطي يتطلب حتما تطوير الاستراتيجيات التربوية التي تساهم بدورها في ارساء اسس الديمقراطية الصحيحة وهو ما يفرض بدوره تعزيز الحريات وبناء حوار حقيقي يقطع مع الماضي ويحد من مظاهر الفساد والمحسوبية التي تقوم عليها النظم المستبدة. ويربط السيد الطيب البكوش اسهام المنظومة التربوية في انجاح الانتقال الديمقراطي بعملية التدريب المتواصل للاطارات التربوية وتكوين المكونين للاسهام في تثقيف المواطنين وتعريفهم بخصوصيات النظام الديمقراطي وتربية الناشئة على حقوق الانسان. وتستوجب عملية تطوير المنظومة التربوية في تونس بحسب السيد فيليب كييو ممثل اليونسكو بالمغرب العربي توحيد الجهود مستقبلا من اجل تحقيق تنشئة حقيقية على قيم المواطنة وحقوق الانسان والاعتزاز بالانتماء الى الوطن ونحت اسس ثقافة ديمقراطية تهدف الى التحفيز على الانخراط الفاعل في المجتمع وقبول الاختلاف مع الاخر. ويرى السيد محمد بن فاطمة وهو خبير دولي في التربية انه حري بتونس الاستئناس بتجارب البلدان التي سبقتها في الانتقال الى الديمقراطية مما يتيح تطوير الانظمة التربوية والاستفادة من النجاحات المسجلة في المجال وتفادي كل مواقع الفشل فيها. كما يتعين في هذه الفترة اعادة النظر في طريقة مباشرة الاصلاحات التربوية واعطاء الاهمية لاقتصاد المعرفة ودعم الميزانيات المرصودة للنظم التربوية فضلا عن مراجعة الاطار الابستمولوجي للنظام التربوي وضمان التوافق بين الخطاب الرسمي والعملية التربوية التطبيقية في اقسام التدريس. وتؤكد اليونسيف ان المدرسة باعتبارها مكانا للاندماج الاجتماعي بامتياز يتوجب عليها تنشئة الاطفال على قيم المواطنة والديمقراطية والحق في الاختلاف وعلى القواعد الاجتماعية والسلوكات المشتركة. ويبحث المشاركون في اشغال هذه الندوة وهم اطارات تربوية وممثلون لمكونات المجتمع المدني وخبراء في التربية من تونس والمغرب واسبانيا ورومانيا وسويسرا اسباب تحول المدرسة الى مكان للعنف والاقصاء والتهميش ومتطلبات استعادة وظيفتها الاصلية فضلا عن بحث الأدوار والأهداف البيداغوجية التي تحتاجها المؤسسة التربوية اليوم لتؤسس للمواطنة ولتكون قاعدة العمل على إرساء الديمقراطية في المجال الاجتماعي والثقافي. وتم خلال الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها السيد حسن العنابي كاتب الدولة لدى وزير التربية في الحكومة المؤقتة عرض شهادات وتحاليل لحالات الانتقال الديمقراطي وتحولات الأنظمة التربوية بكل من مصر ورومانيا وسويسرا بالإضافة إلى استعراض نتائج الإصلاحات التربوية في الوطن العربي. وقد تمت الاشارة بالخصوص الى وجود 70 مليون عربي لم يتحرروا من الامية و5 ملايين راسب في مراحل التعليم الابتدائي الثانوي. ويتواصل خلال جلسة بعد الظهر عرض التجارب الأجنبية في مجال الإصلاحات التربوية والمسارات الديمقراطية. اما اشغال اليوم الثاني للندوة فتتضمن ثلاث ورشات عمل وتفكير تتعلق بالتربية على المواطنة وثقافة الحوار في الوسط المدرسي والحياة المدرسية والوظيفة الثقافية للمدرسة فضلا عن موضوع التربية الجيدة للجميع.