حالتهما حرجة/ هذا ما قرره القضاء في حق الام التي عنفت طفليها..#خبر_عاجل    عاجل/ ديلو: قوات الأمن تحاصر عمادة المحامين للقبض على سنية الدهماني..    ترغم التحسّن الملحوظ : تعادل لا يرضي احبّاء النادي الصفاقسي    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    وزير الخارجية في زيارة رسمية إلى العراق    جلسة عمل وزارية حول ملف ظاهرة الهجرة الوافدة ببلادنا    قليبية : الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    طقس الليلة    عاجل/ يستهدفان النساء: القبض على نفرين يستغلان سيارة تاكسي للقيام بعمليات 'براكاج'    تصويت بغالبية كبرى في الجمعية العامة تأييدا لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة    بالصور/بمشاركة "Kia"و"ubci": تفاصيل النسخة الثامنة عشر لدورة تونس المفتوحة للتنس..    قريبا ..مياه صفاقس المحلاة ستصل الساحل والوطن القبلي وتونس الكبرى    عاجل/ الإحتلال يوسّع عملياته في رفح    عاجل/ القسّام تفجّر نفقا بقوة تابعة للاحتلال في رفح.. والأخير يعلن عن قتلاه    نحو تنظيم مهرجان عالمي للكسكسي بهذه الولاية    قوافل قفصة تفوز على مستقبل سليمان...ترتيب مرحلة تفادي النزول للبطولة الوطنية    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    تونس ضيف شرف مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بمصر    وزارة الشباب تفتح تحقيقا في واقعة حجب علم تونس بمسبح رادس    ماء الصوناد صالح للشرب لكن التونسي تعود على شرب المياه المعلبة... مدير عام الصوناد يوضح    جندوبة: حريقان والحماية المدنية تمنع الكارثة    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    السلاطة المشوية وأمّك حورية ضمن أفضل السلطات حول العالم    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    عقوبات سجنية و خطايا مالية : أبرز ما جاء في التنقيحات المقترحة في القانون المتعلق بالأجانب بالبلاد التونسية    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    وزير التشغيل والتكوين المهني: الوزارة بصدد إعداد مشروع يهدف إلى التصدي للمكاتب العشوائية للتوظيف بالخارج    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    أبناء قرقنة ...سعداء بهزم الترجي ونحلم بالعودة إلى «الناسيونال»    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصبحت الألكسو مرجعا على الساحة العالمية في مجال الحوار بين الثقافات
الدكتور المنجي بوسنينة المدير العام للألكسو في حديث شامل ل «الشعب»:
نشر في الشعب يوم 18 - 11 - 2006

المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) هي وكالة متخصصة، مقرها تونس، تعمل في نطاق جامعة الدول العربية وتعنى أساسا بتطوير الانشطة المتعلقة بمجالات التربية والثقافة والعلوم على مستوى الوطن العربي وتنسيقها، وقد أنشئت المنظمة بموجب المادة الثالثة من ميثاق الوحدة الثقافية العربية وتم الإعلان رسميا عن قيامها بالقاهرة يوم 25 جويلية 1970.
والغاية الاولى من إنشاء المنظمة هي «التمكين للوحدة الفكرية بين أجزاء الوطن العربي عن طريق التربية والثقافة والعلوم، ورفع المستوى الثقافي في هذا الوطن حتى يقوم بواجبه في مواكبة الحضارة العالمية والمشاركة الايجابية فيها» وتعمل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وفق خطط متوسطة المدى تحدّد توجهات برامجها وأولويات نشاطها.
وأحدث هذه الخطط «خطة العمل المستقبلي 2005 2010 وهي تتضمن أولويات عمل المنظمة في مطلع القرن الحادي والعشرين، ومن أهمها القضاء على الأمية في الوطن العربي وسد الفجوة التقانية والرقمية بين الدول العربية والدول المتقدمة وتطوير النظم التربوية ومعالجة الاثار السلبية للعولمة على المجتمع العربي والحفاظ على التراث الاثري والتاريخي واحياؤه وتوظيفه.
حول كل هذه المسائل وغيرها خصنا الدكتور المنجي بوسنينة المدير العام للألكسو بهذا الحوار:

هل أنتم راضون عن أداء المنظمات الاقليمية العربية، بما في ذلك الألكسو خاصة في هذا الظرف الصعب الذي تواجهه الامة العربية؟
اسمحي لي بأن أجيب فقط عن الشق الثاني من سؤالك وهو المتعلق بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. فأنا لست مخوّلا لتقويم عمل زملائي في المنظمات العربية الاخرى او الحكم لهم أو عليهم.
أما في ما يخص الألكسو فإن تعبيري عن الرضى التام عن أدائنا سيكون ضربا من النرجسية او سوف ينظر اليه هكذا من قبل قرائك، لذلك أخيّر القول بأني مرتاح لما حققته المنظمة وتحققه من نتائج على الصعيد العربي في مجالات اختصاصها من تربية وثقافة وعلوم واتصال ومعلومات، دون أن يعني ذلك أننا بلغنا كل المنى أو أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان.
والباعث على هذا الارتياح، هو بكل موضوعية، ما حققته المنظمة في السنوات الاخيرة من إنجازات رائدة في مجالات اختصاصها وما كان لها من إشعاع وتأثير من محيطها العربي والدولي. فعلى صعيد التخطيط لتطوير مجالات التربية والثقافة والعلوم والمعلوماتية وتنشيط العمل العربي المشترك في هذه المجالات، أصبحت الآن للمنظمة مجموعة قيّمة من الاستراتيجيات والخطط القطاعية (تربية، تعليم عال، ثقافة، علوم، محو أمية، تعليم عن بعد، نشر الثقافة العلمية والتقانية، معلوماتية...) تساعد الدول على النهوض بسياساتها في هذه القطاعات، كما وضعنا لهذه الاستراتيجيات والخطط الأدلة المنهجية والكتب المرجعية والتشريعات النموذجية التي تساعد على التنفيذ الميداني. وإلى جانب هذه المرجعيات والتي تهدف كلها الى التطوير الشامل للنظم التربوية والثقافية والعلمية في الدول العربية والتقريب والتنسيق بينها، أولينا التدريب حظا وافرا من الأهمية نظرا لأهمية النهوض بمستوى الموارد البشرية في القيام بعملية التطوير التي أشرت إليها، وقد ركزنا في هذا السياق على مجالات اعتبرناها ذات أولوية قصوى مثل تحسين جودة التعليم وتطوير المناهج وأساليب التقويم التربوي وتدريس اللغة العربية والحفاظ على التراث الأثري والمخطوط وإدارة الموارد المائية والحفاظ على البيئة، وقد أقمنا في كل هذه الاختصاصات العديد من الدورات والورشات التدريبية كما أنتجنا الأدلة والحقائب التدريبية المتطورة.
ولا يتسع المجال هنا لذكر كل إنجازات المنظمة ونجاحاتها لكني أود التأكيد بشكل خاص على الدور الذي قامت وتقوم به المنظمة في مجال الحوار بين الثقافات فقد أصبحت الألكسو دون مبالغة مرجعا على الساحة العالمية في هذا المجال وذلك بما عقدته من ندوات للحوار بين الثقافة العربية وبقية ثقافات العالم (أوروبا، افريقيا، الصين، الفضاء الإيبيرو أمريكي، روسيا، ألمانيا، العالم اللاتيني...) وكذلك بما أصدرته وتصدره من كتب قيّمة بشأن كل هذه الحوارات.
وبصفة عامة، وإذا أضفنا إلى كل هذا ما تقوم به المنظمة في مجالات حيوية مثل التعريب وسد الفجوة الرقمية والحفاظ على التراث العربي الإسلامي وتطوير الخطاب الثقافي وتجويد منظومتي التعليم والبحث العلمي، فإنني اعتقد ان المنظمة تتصدى بالإمكانات المتوفرة لديها وهي لست بالكثيرة للأسف (ميزانيتها لا تتجاوز 17 مليون دولار في العامين) لمختلف التحديات المطروحة على الوطن العربي وأملي أن نكون قد وفقنا إلى حد كبير في إعانة الدول الأعضاء على التصدى لهذه التحديات.
تعددت الاحداث ذات الطابع الاستفزازي التي تمس مباشرة بالإسلام وبمقدسات المسلمين، فهل تتصورون أننا دخلنا مرحلة صدام الحضارات التي بشّر بها الخبير الامريكي هنتغتون؟
صحيح أن المسلمين يتعرضون في الآونة الاخيرة إلى استفزازات قد تعني استدراجا للمسلمين إلى صدام الحضارات والأديان كما يريد البعض، لكن الحكمة تقتضي منا ألا نساير هذا التيار الذي يريد اظهارنا في مظهر الهمج والمتعصبين والمتطرفين، بل تقتضي في هذا الجو غير المناسب والمعادي أن نحسن إدارة حوارنا مع الآخر حتى ولو كان عدونا أو مضمرا لنا الشر فالمطلوب منا هو مقارعة الفكرة بالفكرة والبحث عن الاقناع العقلاني حتى ولو كان الطرف المقابل غير موضوعي في طرحه. فبهذه الاستراتيجية العقلانية والتي يجب أن تكون مدعومة إعلاميا دون شك، يمكن ان نكسب ولو جزءا من الرأي العام الغربي بدل من أن نخسر الكل بسبب ردود فعل متشنجة.
ولا شك عندي في أننا كعرب ومسلمين مقصرون في هذه الناحية بسبب غياب استراتيجيات إعلامية تعرّف بثقافتنا وتنفذ الى الرأي العام الغربي وتؤثر فيه بشكل منهجي ومنتظم.
فمع الاسف بقينا الى اليوم على مستوى ردود الفعل الآنية على الأحداث أو على الاستفزازات ولم نمسك يوما بزمام المبادرة على مستوى الإعلام إو على مستوى كسب «اللوبيات» في الغرب لفائدة قضايانا.
والمنظمة تفعل ما تستطيع في هذا الصدد سواء من خلال الحوارات مع الثقافات الاخرى والتي تعقدها باستمرار، كما أشرت الى ذلك في جواب سابق، أو من خلال تشجيع حضور اللغة والثقافة العربيتين في عدد من جامعات أوروبا (بلغاريا، تشيكيا، إيطاليا، البرتغال، مالطا) وإقامة كراسي الحضارة العربية فيها أو كذلك من خلال المشروع الذي نتهيأ إلى إطلاقه والمتعلق «بشبكة أصدقاء الثقافة العربية» والذي يرمي إلى التعريف بثقافتنا من خلال عدد من المفكرين والباحثين والمستشرقين والإعلاميين المتخصصين في هذه الثقافة والذين يكنون لها الود والتقدير.
لكن جهود المنظمة وحدها لا تكفي ولابد من عمل استراتيجي على مستوى أوسع عربيا وإسلاميا إذا أردنا بحق ان نسبق للتعريف بثقافتنا وحضارتنا قبل أن نضطر الى المواقف الدفاعية التي تأتي غالبا بعد ان يفوت الأوان.
قامت الألكسو بفتح قنوات حوار ثقافية مع عدد من المجموعات الاقليمية والثقافية خارج دائرة أوروبا والولايات المتحدة الامريكية مثل أمريكا اللاتينية وروسيا، فهل يندرج هذا الاختيار في محاولة التحرر من الإطار الكلاسيكي الذي حصر العلاقة بين العرب من جهة والأوروبيين والامريكيين من جهة اخرى؟
إن حواراتنا مع فضاءات ثقافية غير الفضاءين الأوروبي والامريكي تنطلق في الحقيقة من استراتيجية شاملة وضعتها المنظمة للحوار بين الثقافات والحضارات منذ أواخر القرن الماضي وهي استراتيجية تنادي إلى الحوار مع كل فضاءات العالم الثقافية دون استثناء حتى يكون صوت الوطن العربي مسموعا في كل أصقاع الدنيا.
إذن فليس انفتاحنا على الفضاء الايبيرو أمريكي وروسيا والصين وإفريقيا إلا من باب تنويع العلاقة بين فضائنا الثقافي ومختلف فضاءات العالم، وكذلك لأن الوطن العربي تجمعه بهذه الفضاءات التي ذكرت صلات تاريخية راسخة في القدم كما أن لها معها اليوم مصالح مشتركة يمكن أن يساعد المدخل الثقافي على تسهيلها. ومع كل هذا يبقى للحوار مع أوروبا مكان مركزي في استراتيجية المنظمة باعتبار القرب الجغرافي للقارة الأوروبية وقدم العلاقات التاريخية التي تربطنا بها واشتراكنا في إرث ثقافي واحد هو الإرث اليوناني، هذا فضلا عن تشابك المصالح الاقتصادية بين الجانبين ووجود جالية عربية كبيرة العدد في مختلف بلدان أوروبا، ومما يمكن أن اشير إليه هنا بصفة خاصة هو التطور الحاصل في التعاون بين المنظمة ومجلس أوروبا مؤخرا حيث وقعنا اتفاقية تعاون في أكتوبر 2005 وشرعنا في تنفيذ أهم بنودها وهي اتفاقية تؤكد بالخصوص على الحوار بين أوروبا والوطن العربي من خلال مراجعة كتب التاريخ مثلا وتطوير تدريس التربية على المواطنة الديمقراطية وحقوق الإنسان، وكلها مواضيع تساعد على تقريب الشقة بيننا وبين أوروبا وكسر حاجز سوء التفاهم.
كيف تضعون اشكالية اللغة العربية في إطار التعدد اللغوي الذي فرض نفسه مع هيمنة متزايدة للغة الانليزية، فهل سيؤدي ذلك حسب رأيكم، الى انحسار العربية، وما تأثير ذلك على الثقافة العربية عموما؟
يجب ان نعلم أولا أن اللغة العربية هي سادس اللغات المستعملة في العالم وهذا يعني بداهة أن لغتنا ليست في خانة اللغات المهددة بالاندثار على غرار لغات ولهجات عديدة اخرى.
لكن هذا لا يفهم منه أبدا أن لغتنا ليست محاصرة اليوم من قبل الاستعمال المتزايد في محيطنا العربي للغات الاجنبية وخاصة منها اللغة الانليزية. فحضورنا اللغوي على شبكة الانترنيت مثلا ضعيف جدا بالمقارنة مع اللغات العالمية الكبرى، والجهد المبذول في الترجمة إلى العربية غير كاف، وتعريب المصطلحات العلمية والتقانية بالسرعة اللازمة قضية مطروحة على كل من يتناول العلم والتقانة باللغة العربية.
وأعتقد أن جهدا خاصا لابد أن يبذل عربيا في هذا المجال، رغم أن المنظمة تقوم بما في وسعها لتعريب المصطلح العلمي من خلال مكتب تنسيق التعريب بالرباط ولترجمة مراجع التعليم العالي إلى العربية في المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق، وكذلك من خلال البرامج المستمرة التي تنفذها إدارة التربية بالمنظمة للنهوض باللغة العربية وتدريسها.
فالمطلوب إذن اليقظة كل اليقظة والعمل بكل جدية على أن تكون اللغة العربية لغة مواكبة لعصرها وقادرة على استيعاب مستحدثات العلم والتقانة، وإلا فإن الخطر الذي يتهددها هو بقاؤها لغة أدب فقط، بينما ننظر للغات الاخرى على أنها لغة العلم والتقانة.
يعاني العرب من تضارب المصالح وعدم التنسيق في سياساتهم الاقتصادية وغيرها، فهل ان المجال الثقافي على الصعيد العربي أفضل حالا أم أنه مصاب هو أيضا بعدم التنسيق والارتباك والارتجال؟
من حسن حظنا في الألكسو أن التربية والثقافة والعلوم من المجالات التي لا توجد حولها خلافات بين الدول العربية، فالجميع واع بأنه لابد من التقريب والتنسيق بين أنظمتنا وسياساتنا وتشريعاتنا وممارساتنا التربوية والثقافية والعلمية والمعلوماتية بحثا عن الانسجام والتكامل بينها من ناحية وتسهيلا للتعاون الثنائي والعمل العربي المشترك في هذه المجالات من ناحية اخرى، لذلك نقيم دوريا مؤتمرات للسادة وزراء الثقافة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي في الدول الاعضاء و لذلك أيضا اقترحنا على الجهات المعنية في هذه الدول استراتيجيات وخططا لتطوير المجالات التي تعني المنظمة من تربية ومحو أمية وتعليم عال وثقافة وعلوم وتقانة ومعلوماتية وتعليم عن بعد وتربية قبل المدرسة ونشر للثقافة العلمية والتقانية...
وإذا اكتفينا بالمجال الثقافي فإن المنظمة قد أدت واجبها وزيادة على مستوى التخطيط لتطوير هذا القطاع عربيا ودفع العمل العربي المشترك فيه، حيث وضعنا منذ مدة طويلة «الخطة الشاملة للثقافة العربية» واردفناها بعدة خطط قطاعية تدور حول ثقافة الطفل والترجمة والصناعات التقليدية والتصنيع الثقافي... كما ان مؤتمر وزراء الثقافة في الدول العربية تناول على امتداد خمس عشرة دورة مختلف جوانب العمل المشترك في القطاع الثقافي.
لكن ما هي النتائج على مستوى التنفيذ في الميدان؟
لا أذيع سرا إن قلت إن التنفيذ متفاوت حسب المواضيع التي أشرت إليها وهو كذلك متفاوت من دولة إلى أخرى، لكن المهم هو أن آليات التعاون والتنسيق موجودة ونحن في المنظمة لا ننفك عن متابعة تنفيذ الخطط التي اقترحناها والتوصيات التي أصدرها السادة الوزراء حتى تصبح واقعا ملموسا، وقد أعطينا مؤخرا دفعا جديدا للتعاون الثنائي والعمل العربي المشترك وذلك بالإعلان عن انطلاق العقد العربي للتنمية الثقافية (2005 2014) وأيضا بإعداد أو تحيين جملة من الاتفاقيات العربية وعرضها على المؤتمر الخامس عشر لوزراء الثقافة (مسقط / سلطنة عمان: 8 9 نوفمبر 2006) كاتفاقية السوق الثقافية العربية المشتركة والاتفاقية العربية لحماية المأثورات الشعبية والاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
ما هي أولوياتكم في المرحلة القادمة؟
إن المنظمة العربية للتربية والثقافة تعمل منذ 2005 حتى 2010 وفق أولويات واضحة ومتفق عليها من قبل كل الدول الاعضاء وذلك من خلال «خطة العمل المستقبلي 2005 2010» التي أقرها المجلس التنفيذي والمؤتمر العام للمنظمة.
وتتركز أولويات هذه الخطة حول التحديات المطروحة على الوطن العربي في بدايات القرن الحادي والعشرين وأذكر منها بالخصوص القضاء على الأمية وسد الفجوة الرقمية والتقانية عموما بين الدول العربية والدول المتقدمة وتعميم التعليم لكل فئات المجتمع وتطوير النظم التربوية بإدخال مواد جديدة (كالتربية البيئية والتربية على المواطنة الديمقراطية وعلى حقوق الانسان...) وباستعمال تقانات المعلومات والاتصال الحديثة، ومعالجة الاثار السلبية للعولمة في المجتمعات العربية، وتطوير منظومة البحث العلمي والتكنولوجي، ودعم الحوار بين الثقافة العربية والثقافات الاخرى، إلى جانب الحفاظ على تراثنا المادي وغير المادي واحيائه وتوظيفه ونشر الثقافة العربية والتعريف بها عالميا، والحفاظ كذلك على مواردنا الطبيعية وصون البيئة العربية من أخطار التلوث المختلفة، وكما تلاحظين فإن طموحاتنا كبيرة لكن الواقع العربي واستشراف المستقبل القريب لأمتنا هما اللذان فرضا هذه الاولويات التي لا يمكن التخلي عن أي واحدة منها أو تسبيق إحداها على الأخرى.
لذلك فنحن نعمل منذ عام 2005، تاريخ انطلاق الخطة، على عدة محاور، وسوف نواصل على النسق نفسه الى غاية عام 2010 بإذن الله لعلنا نساهم بذلك في الرد ايجابيا على كل هذه التحديات التي تشكل مجتمعة امتحانا للوطن العربي من أجل الخروج من وضعه الحالي.
هل من المنتظر أن تعمّق العولمة خيبة أمل الشعوب العربية في حضور الفوارق التي يشهدها العالم حيث أن «مركزية الأنا الغربية» تظل في عمق اللائمة العربية؟
إن لنا في المنظمة موقفا واضحا من العولمة عبرنا عنه في العديد من المناسبات وفي الكثير من الفضاءات العربية والدولية، فالعولمة في نظرنا ليست غولا مفزعا ولا أمرا يستهان به كذلك، بل هي ظاهرة اقتصادية وثقافية فرضت نفسها على العالم بحكم عدة ظروف وملابسات سياسية واقتصادية، ولابد لنا كعرب أن نتعامل بذكاء ومرونة بحيث نستفيد قدر المستطاع من جوانبها الإيجابية على مستوى انفتاح الاسواق العالمية وحرية انتقال السلع، وهذا يستوجب منا بالطبع قدرة تنافسية كبرى، لكن علينا كذلك أن ننتبه إلى المضاعفات الثقافية السلبية لهذه الظاهرة وسعي من يقف وراءها وإلى ترويج إنتاج ثقافي منمّط معلّب والعمل على القضاء على الخصوصيات الثقافية للشعوب وعلى التنوع الخلاّق الذي هو عنوان إنسانيتنا ووسيلة الإثراء المتبادل بين البشر.
لذلك فإننا في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم نضم صوتنا في كل المحافل الدولية إلى أصوات المدافعين عن التنوع الثقافي وعن «الاستثناء الثقافي» في مجال التبادل التجاري، لأننا لا نعتبر المنتج الثقافي مجرّد سلعة ككل السلع بل تعبيرا عن روح الشعوب واحساسها وعبقريتها، وعلى هذا الاساس ساندنا الاتفاقية التي أصدرتها اليونسكو حول حماية تنوع المضامين الثقافية ودعونا الدول العربية إلى المصادقة عليها في المؤتمر العام الأخير لليونسكو.
وفي هذا السياق كذلك يندرج تعاوننا مع العديد من المنظمات الدولية والإقليمية وأذكر من بينها مجموعة «الفضاءات اللغوية الثلاثة» (الفرنسية الاسبانية، البرتغالية) حيث نشترك معها في الدفاع عن التعددية اللغوية باعتبارها تعكس التنوع الثقافي بل هي أحد مظاهره الرئيسية.
كما أن عملنا في الالكسو من أجل ترسيخ الهوية العربية الإسلامية والحفاظ على تراثنا من خلال برامج تنفذها إدارة الثقافة ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة، يصب هو أيضا في مسار تحصين الأمة العربية من تهديد العولمة الثقافية الزاحفة وأعتقد ان كل الدول العربية تعمل في هذا الاتجاه بما يطمئننا على مستقبل ثقافتنا إن بقينا متمسكين باليقظة وعرفنا كذلك كيف نطوّر تراثنا ونعيد قراءته وإحياءه بما يتماشى وروح العصر.
هل تنوي منظمة الالكسو تنظيم سلسلة من الندوات والمؤتمرات بهدف تفعيل دور المثقف العربي الذي يشكو باستمرار من تهميش المؤسسات الرسمية له؟
أعتقد بكل صراحة أن الاتهام بتهميش المثقف العربي لا يصح بالذات على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. فنحن، مع كوننا منظمة دول ونتعامل أساسا مع الأجهزة الرسمية، التربوية والثقافية والعلمية في الدول الأعضاء، نعوّل بالدرجة الأولى على مثقفي الوطن العربي وخبرائه ونخبته النيّرة في كل المجالات لتنفيذ برامجنا ومشروعاتنا.
فهؤلاء المثقفون والمفكرون والعلماء والخبراء الموزعون في شتى أقطار الوطن العربي هم في نهاية الأمر مادتنا الشخماء وعقلنا المفكر، فهم الذين يخططون لبرامجنا المستقبلية كما حدث ذلك مثلا في الاستشارة التي أقمناها على الصعيد العربي لإعداد خطة العمل المستقبلي للمنظمة (2005 2010)، وهم الذين يعدّون البحوث والدراسات والكتب المرجعية والأدلة المنهجية والاستراتيجيات المختلفة التي تصدرها المنظمة، وهم الذين يعدّون المواد التدريبية للورشات والدورات التي نقيمها لرفع مستوى الموارد البشرية العربية، وهم الذين يمثلون الصوت العربي في ندوات الحوار بين الثقافة العربية ومختلف ثقافات العالم.
فالمثقف العربي ليس غائبا عن عمل المنظمة بل أقول انه لا يمكن أن يكون وجود للمنظمة دون إسهام المثقفين والمفكرين والعلماء والخبراء العرب، ولكن ما يمكن أن يقال في هذا الصد هو أن منظمتنا بحكم مواردها المالية لا يمكن أن تستوعب برامجها ذلك العدد الضخم من الخبراء الذي نتطلع اليه جميعا، لكن من حسن الحظ أن وجود منظمات عربية وإسلامية أخرى على الساحة من شأنه أن يوسع فرص الإفادة من الخبرات والكفاءات العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.