تونس (وات)- تعرضت بعض المحميات الطبيعية والحدائق الوطنية فى تونس بعد ثورة 14 جانفى الى اعمال تخريب وانتهاكات من قبل سكان المناطق المجاورة لها. واوضح خبراء وناشطون فى البيئة خلال الملتقى الدولي الذى نظمه يوم الخميس نادي يونسكو الكسو للمعارف والتنمية المستديمة والمدرسة الوطنية العليا لهندسة المناظر الطبيعية ان هذه الاعمال لا تستهدف "الطبيعة" فى حد ذاتها ولكنها تستهدف "رموز الادارة المتسلطة" التى تتصرف فى هذه المحميات دون اعتبار مصالح السكان المجاورين لها. ودعوا فى هذا السياق الى ضرورة تحقيق المصالحة بين المتساكنين وهذه الاوساط الطبيعية عبر ارساء مقاربة تشاركية فعلية وخلق مشاريع مندمجة قادرة على خلق مواطن شغل (السياحة البيئية). ووصف عالم الاجتماع رضا بوكراع لدى تطرقه الى محميات بوهدمة (ولاية سيدي بوزيد) واشكل (ولاية بنزرت) وجبيل (ولاية توزر) كأمثلة من ضمن الإحدى عشر محمية الموجودة في تونس النموذج التونسي للتصرف فى المحميات ب"المتسلط" وبانه لا يقوم على تشريك المتساكنين مما يفسر انهياره امام اول هزة (الثورة). وأضاف ان "السكان المجاورين للمحميات يعتبرون انه تم اقتطاع المحميات دون مراعاة مصالحهم (المراعي وموارد المياه). ويتم اقصاؤهم في اتخاذ القرار ومن الاستفادة من المشاريع المندمجة." وقال "ستبقى المحميات مهددة ما لم تقع مراجعة المنظومة الفلاحية"، معبرا عن امله فى ان تتغير المواقف "لان كل تقسيم للاراضى يجب ان يحترم حسب رأيه الخصائص الجغرافية لكل منطقة ولكل مجموعة سكانية." ويعتقد ان الامر يتعلق بتحقيق المصالحة بين الوسط الطبيعي والعنصر البشري وارساء تعيش مثمر وناجح بينهما من اجل تحقيق التنمية المستديمة لفائدة الطرفين". وبينت السيدة ضحى بوراوي دكتورة بجامعة مونريال ان غياب المقاربة التشاركية "لا يؤدى فقط الى انزعاج السكان وتهميشهم فحسب بل ايضا الى رفضهم لكل البدائل التى يفرضها عليهم اصحاب القرار". وابرزت السيدة بوراوي التى تناولت فى اطروحتها موضوع "مدى رضا المستفيدين من المشروع السكني "الروماني" المتمثل فى تهيئة مساكن جديدة لفائدة المتضررين من الفيضانات التى اجتاحت مدينة بوسالم (جندوبة) سنة 2003 ان الخسائر المسجلة كان بالامكان تجنبها لو تم تشريك المجموعة المتضررة فى اتخاذ القرار. واوضحت ان 75 بالمائة من المساكنالجديدة المذكورة بقيت شاغرة بسبب رفض المواطنين المعنيين الانتقال اليها معتبرين ان هذه العملية "غير مدروسة" وتعكس "تسلط اصحاب القرار". واشار سامي بن الحاج عضو ناشط ب"شبكة جمعيات الطبيعة والتنمية بتونس" الى غياب التواصل في الجهات بين اصحاب القرار المرتبطين بالادارة المركزية من جهة والسكان المجاورين للمحميات الطبيعية من جهة أخرى". وأضاف ان "الظرف الحالي يقتضي مواجهة المطالب العاجلةللسكان باحداث مشاريع ملموسة والابتعاد عن الخطب والوعود" واكد ان الاعتداءات على بعض المحميات بعد الثورة تعد انتقاما وردود فعل غاضبة من متساكني المناطق الريفية ازاء كل ما يرمز الى الادارة التى يعتبرونها الطرف المسؤول عن تهميشهم.