تونس 28 ديسمبر 2009 (وات تحرير منذر بالضيافي) تعد 2009 سنة الثقافة بامتياز في تونس وذلك بالنظر الي ماعرفته من حراك وتنوع في الانشطة والتظاهرات الثقافية التي تجاوز اشعاعها المجال الوطني الي العالمية. فقد شهدت سنة 2009 تنظيم عدة تظاهرات وندوات ثقافية وفكرية ارتبطت بالاحتفال بمائوية شخصيات وأعلام تونسية متميزة في مجالاتها أمثال شاعر ارادة الحياة أبوالقاسم الشابي والشيخ العلامة محمد الفاضل ابن عاشور والفنان الهادى الجويني والاديب علي الدوعاجي فضلا عن احتفالية مرور مائة عام علي انطلاق النشاط المسرحي في تونس والتي تزامنت مع الدورة 14 لايام قرطاج المسرحية. كما حظي الجانب الفكرى بمكانة هامة في البرمجة الثقافية من خلال الاستشارة الوطنية حول المطالعة والكتاب التي أذن بتنظيمها الرئيس زين العابدين بن علي بمناسبة اليوم الوطني للثقافة 2008 والتي تندرج في اطار استشارة أهل الفكر والابداع التي تنتهجها الدولة في مختلف المجالات. ومثلت تظاهرة القيروان عاصمة للثقافة الاسلامية لسنة 2009 والتي التأمت باقتراح من المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة /الايسيسكو/ مناسبة لمزيد التعريف بما تزخر به عاصمة الاغالبة من تراث ثقافي متنوع ومساهمة ثرية في الحضارة العربية الاسلامية وفي الفكر الانساني اضافة الي كونها تعد تقديرا لدور تونس في نشر قيم الاسلام السمحة واشاعة ثقافة الحوار والتسامح والتضامن. وبمناسبة هذه التظاهرة انتظمت بمدينة القيروانوبتونس العاصمة عديد الانشطة والندوات والمعارض الوثائقية. كما أصدر المجمع التونسي للعلوم والاداب والفنون/بيت الحكمة/ 20 كتابا توزعت بين مصنفات علمية وأدبية وكتب تاريخية . تناولت كلها جوانب من تاريخ المدينة وأعلامها. وأحيت مدينة توزر عاصمة الجريد التونسي احتفالية مائوية ابنها ابو اقاسم الشابي بمهرجان كبير حضره عدد هام من الضيوف العرب وعرضت خلاله وثائق عديدة ومتنوعة حول الشابي وموءلفاته. وقد تخللت هذه التظاهرة أمسية شعرية عربية شارك فيها كل من سميح القاسم وأحمد عبد المعطي حجازى وحيدر محمود وشعراء تونسيون من بينهم يوسف رزوقة وفضيلة الشابي والمنصف المزغني. وصدرت بهذه المناسبة مجموعة من الكتب تناولت الشابي بالدرس والتحليل في جميع وجوه أدبه وحياته0واختتمت المائوية بندوة دولية نظمتها /بيت الحكمة/ حول /عناصر الحداثة في مدونة الشابي/. ولابراز مساهمة تونس في حركة التنوير والاجتهاد الديني شهد النصف الثاني من سنة 2009 انطلاق فعاليات الاحتفال بمائوية الشيخ العلامة محمد الفاضل ابن عاشور والتي أقيمت تحت سامي اشراف الرئيس زين العابدين بن علي بتنظيم ندوة دولية بعنوان/الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور وقضايا تجديد الفكر الديني وتحديث المجتمعات الاسلامية/ بمشاركة نخبة من الجامعيين والباحثين من تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ومصر. وشرعت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث في طبع الاعمال الكاملة للشيخ الفاضل. واحتفاء بالفن الرابع انطلقت الاحتفالات بمائوية المسرح التونسي يوم 26 ماى 2009 الذى يوافق مرور مائة سنة علي تاريخ أول عرض مسرحي تونسي /26 ماى 1909/ وستستمر هذه التظاهرة الى 26 ماى 2010 حيث ستختتم بليلة المسرح التونسي. كما شهدت المهرجانات الصيفية الدولية والوطنية حركية وتطورا لامس المضمون من خلال استضافة رموز فنية عالمية مثل الفنان شارل ازنفور. وتبرز هذه الحركية الفنية والابداعية المكانة التي تحظي بها الثقافة في عهد التغيير وهو ما أكده البرنامج الرئاسي للخماسية القادمة 2009 -2014 والذى خص القطاع بنقطة وردت تحت عنوان /تونس منارة ثقافية علي الدوام/ فقد استهل الرئيس زين العابدين بن علي النقطة 18 من هذا البرنامج بقوله/لقد اعتبرنا دائما أن الثقافة سند للتغيير والتنمية وأنها السبيل للرقي والتقدم وأداة للتعبير عن وعي الشعوب وابراز خصوصياتها والتعريف بابداعاتها لذلك شملنا هذا القطاع بعناية متميزة وجعلنا منه قطاعااستراتيجيا في خياراتنا وتوجهاتنا/. وهو مايوءكد مراهنة حركة التحول علي الثقافة باعتبارها سند رئيسي في بناء المشروع المجتمعي لتونس الغد ايمانا بأنه لا تقدم في مختلف المجالات والميادين بدون ثقافة ضاربة جذورها في عمق التاريخ الحضارى للبلاد حاملة لمقومات الهوية التونسية ومتفتحة علي بقية الثقافات والحضارات. ولذلك كان حوار الحضارات والاديان ركنا أساسيا من مكونات الحياة الثقافية التونسية وتوجها ثابتا في علاقات تونس مع بقية الامم والشعوب. فالمشروع السياسي لتونس العهد الجديد يستند الي عمق ثقافي وادراك واع لدور تونس ومكانتها الذى تستمده من تاريخها ومساهمتها في الحضارة الانسانية. وحرصا علي تفعيل كل عناصر مكونات المشهد الثقافي أقر رئيس الدولة أن تتميز الفترة القادمة باقامة خماسية الثقافة 2009-2014 من خلال وضع برنامج سنوى لكل فن سنة للمسرح و سنة للموسيقى و سنة للسينما وسنة للكتاب و سنة للفنون التشكيلية تكون كلها خير حافز على مزيد النشاط والانتاج. وتوءكد هذه المبادرة الحرص على أن تكون السنوات الخمس المقبلة عامرة بفعل ثقافي مكثف تتضافر فيه جهود الدولة والمؤسسات الوطنية وكذلك الفاعلون في القطاع الخاص وأهل الثقافة والفن والابداع من أجل التأسيس لاعمال ابداعية في كل من الاختصاصات المذكورة. وسيتدعم المشهد الثقافي الوطني بانجاز مشروع مدينة الثقافة التي ستكون مركز اشعاع يسهم في ابراز الابداع التونسي المتميز وفي انضاج التجارب الخلاقة الي جانب الدور المأمول الذى ستضطلع به في استقطاب الانتاجات الثقافية العالمية. وللتدليل علي أهمية القطاع تطورت ميزانية وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وفق نسق تصاعدى اذ تضاعفت أكثر من سبع مرات بين 1987 و2009 لتبلغ سنة 2009 نحو 25ر1 بالمائة من الميزانية العامة للدولة وينتظر أن تصل الي 5ر1 بالمائة في أفق 2014 مثلما ورد في البرنامج الرئاسي /معا لرفع التحديات/. وهو اجراء تفاعل معه رجالات الفكر والثقافة الذين أكدوا في الانتخابات الرئاسية الاخيرة مساندتهم للمشروع الحضارى للرئيس زين العابدين بن علي عرفانا منهم لسيادته بما تحقق لفائدة القطاع الثقافي من انجازات ومكاسب ساهمت في دعم الخلق والابداع وتعزيز الهوية الوطنية. يبرز حصاد 2009 الثقافي المكانة الهامة التي اصبح يحتلها القطاع في سياسة الدولة ضمن مقاربة تدمج العمل الثقافي في المنظومة التنموية الشاملة.