تونس (وات) - تكلمت الصور فى معرض الذكرى الاولى لاندلاع الثورة التونسية لتروي حكاية شعب ثار فى وجه الاستبداد ليصنع ثورة انحنت لها رؤوس العظماء وارهبت قلوب الضعفاء والهبت مشاعر المتطلعين للانعتاق والحرية. وكانت الصور التى التقطتها عدسات مصورين تحدوا الخوف امينة فى توثيق ثورة تونس، مهد الثورات العربية وصانعة الربيع العربي، اذ نقلت عديد المشاهد منذ اندلاع الاحداث حتى فرار "بن علي" يوم 14 جانفي 2011 وما تلا ذلك من مسيرات واحتجاجات واعتصامات. وقدم عدد من الاساتذة الجامعيين خلال ندوة التامت بالتوازي مع المعرض، الذي احتضنه مقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، اليوم الاربعاء، قراءة فى بعض الصور التى وثقت بشكل عفوي احداثا بقيت عالقة فى الذاكرة الجماعية للتونسييين سنة منذ اندلاع الثورة. وقال محمد الجويلي، استاذ جامعي بكلية الاداب بمنوبة، ان صورة الرجل الذى يشهر خبزة "باقيت" فى وجه اعوان الشرطة وهو فى وضع قتالي متاهب لاطلاق النار، استوقفته وشدت انتباهه من بين الصور الكثيرة الاخرى. وقال فى تحليله لهذه الصورة، التى اطلق عليها اسم "الخبز والبندقية"، إن اهميتها تكمن فى المقابلة بين الخبز والبندقية فهما المتضادان، تضاد وظيفتيهما وتضاد الحياة والموت. واضاف ان الصورة مررت رسالة سياسية غير مباشرة بحركة تعبيرية على غرار ما يفعله الفنانون فقد اشهر الرجل سلاح الخبزة (رمز الحياة) وهو سلاح اقوى من البندقية (رمز الموت والفناء). واشار الى انه مثل كل التونسيين المهاجرين عاش الثورة التونسية عن طريق الصورة، فهي رغم صمتهااكثر تعبيرا في تبليغ ما تعجز عنه اللغة. واشار محمد نجيب المنصر، استاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل، فى قراءته لصورة زيارة "بن على" الى "محمد البوعزيزى" بمستشفى الحروق البليغة ببن عروس انها تمثل رمزا لتعنت النظام وغروره من جهة وللمقاومة العنيدة من جهة اخرى. واعتبر هذا الحدث نقطة اللاعودة فى مسار الثورة التونسية بعد التقاء الخير والشرير ومشهد للصراع القائم بين النظام والشعب. وقدم الاستاذ الجامعى جوهر اولاد حمودة، باحث ورئيس جمعية للثقافة والفنون، قراءة فى شريط الفيديو الذائع الصيت للمحامي عبد الناصر العويني فى صرخته المدوية فى شارع الحبيب بورقيبة "بن على هرب ..المجد للشعب التونسي ..يا توانسة يلي عذبوكم .. ياتوانسة يلي قهروكم ..بن علي هرب.." وقال إن الصرخة الشهيرة تحولت الى أيقونة الثورات العربية وصارت نشيدا تردده الشعوب المقهورة. وفى مقارنة بين شريط فيديو الناصر العويني وصورة آلاف المتظاهرين المحتشدين فى نفس المكان واليوم (14 جانفي 2011)، اوضح ان الفرق يتعلق الى جانب التوقيت فى امتلاء المكان وفراغه. واضاف ان الشارع بعد الاحتشاد التاريخي صباح 14 جانفي 2011 اصبح خاليا في مشهد المحامي، غير ان وحدة العويني تحولت الى كثرة وتحول فراغ الشارع الى امتلاء بفضل تلك الصرخة التى هزت اركان البلاد. يذكر ان هذا المعرض انتظم ببادرة من الغرفة الوطنية للمصورين بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.