سوسة (وات)- استعرض رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء احمد الرحموني خلال التظاهرة العلمية التي نظمها المرصد مساء الجمعة بسوسة حول موضوع "القضاء والرأي العام"جملة من حقوق المواطن في ظل عدالة عصرية منفتحة وشفافة. وأكد بالخصوص على الحق في الحصول على معلومات حول وظيفة المحاكم والإجراءات الأساسية للتقاضي وعلى حق المواطن في انتقاد العدالة فيما لا يتنافى مع السلطة الاعتبارية للمؤسسة القضائية، مبينا أهمية أن يكون القاضي الذي يخضع إلى رقابة داخلية محاطا بضمانات تجعل منه مستقلا عن السلطة ومحايدا إزاء تأثيرات عدة أهمها الرأي العام. وقال إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء وضع في تصوره عند إنشائه العمل على إقرار حقوق المواطن في العدالة وفي ضمانات التقاضي وتشريكه في الدفاع عن فكرة استقلال القضاء ،مشددا على أن "المواطن عندما يكون له وعي بهذه الحقوق يكون مشاركا في تطوير العدالة وتكريس مبدأ استقلال القضاء". وذكر بأن المرصد يسعى حسب أهدافه المضمنة في نظامه الأساسي إلى تشكيل رأي عام داخل الوسط القضائي وخارجه يعمل على دعم دولة القانون وضمان استقلال السلطة القضائية وعلى حق جميع المواطنين في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة وطبق إجراءات علنية وشفافة. وأضاف أن المرصد يعمل كذلك على ترسيخ وتجديد ثقة المواطن في المؤسسة القضائية لاسيما في هذه المرحلة من الانتقال الديمقراطي وبعد اهتزاز ثقة المواطن في نزاهة القضاء الذي كان جزءا من منظمة الاستبداد في العهد السابق. ودعا الرحموني إلى مساعدة المرصد على القيام بمهامه من خلال مده بمعلومات وشهادات حول الاخلالات بمبدأ المساواة أمام القضاء وحول ما وقع إقراره من حقوق حتى يكون المواطن مساهما في تطوير العدالة. وتحدث المحامي معز بن علي في مداخلة حول "القاضي والمحامي والرأي العام : متطلبات الانتقال ومحاذير الشارع" عن جملة الأخطار التي تتهدد انتقال المؤسسة القضائية من قضاء السلطة إلى قضاء الشعب وطغيان الرأي العام على الجانب المؤسساتي للدولة. ونبه في هذا السياق إلى خطورة استدراج القضاء للحكم بما يتماشى مع أهواء الرأي العام ،مشيرا إلى بعض المحاكمات التي رافقتها احتجاجات شعبية والتي استشعر فيها القاضي الميل الغالب لدى الرأي العام. وشدد القاضي عياض الشواشي في مداخلة بعنوان "القاضي والرأي العام" على ضرورة إصدار الأحكام وفق النص القانوني وبما ينفع السلم الاجتماعية وعلى أن لا يقع تهويل رأي المواطن واعتباره مركز الثقل في المحاكمة. وتضمنت التظاهرة مداخلة لأستاذ التاريخ المعاصر عبد القادر العريبي حول "المحاكمات السياسية في السبعينات ودورها في تشكل الرأي العام الوطني والدولي" حيث أشار المحاضر إلى أن هذه المحاكمات جرت استنادا إلى قانوني الجمعيات والصحافة الذين أعطيا كل الصلاحيات لوزارة الداخلية في مخالفة صريحة لنص الدستور. وبين أن هذه المحاكمات رافقتها حملات إعلامية منظمة من قبل السلطة للتأثير على الرأي العام الشعبي وتجييشه ضد المتهمين من مختلف الحساسيات السياسية المعارضة في تلك الفترة، موضحا أن هذه المحاكمات شكلت بداية وعي سياسي مناوئ للسلطة وساهمت في تشكيل رأي عام داخل وسط قضائي داعم لاستقلال القضاء.