طالب القاضي أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء في تصريح خص به «الصباح» على هامش تظاهرة»القضاء والرأي العام» بصفاقس أول امس «بضرورة أن يرفع وزير العدل نور الدين البحيري يده على التعيينات القضائية باعتبار أن ذلك مسّ من استقلالية القضاء في ظل تولي السلطة التنفيذية لوحدها مسألة التعيين» معتبرا ذلك «تجاوزا خطيرا لاستقلالية القضاء». وأضاف الرحموني قائلا: «في ظل الوضع الإنتقالي الهش الذي نعيشه نفتقد إلى منظومة هيكلية و هيئة مستقلة تتوفر على الضمانات الكافية تؤمّن الأداء الوظيفي للقضاة في مسارهم المهني بالتوازي مع وجود منظومة قانونية موروثة عن الفترة الاستبدادية تنضاف إليها الضغوطات المترتبة عن الثورة لتجعله يعيش أحكام المناسبة».. وتساءل عن مآل وضع القاضي، الذي اعتبره اساسيا، وطالب بايجاد حل لهذا المشكل ولا يمكن تأجيل ذلك إلى ما بعد الفترة الإنتقالية وايجاد توجه واضح كعقد ندوة وطنية تتواجد بها جميع الأطراف المتداخلة بعيدا عن التسييس وعدم ربط القضاء بوزارة العدل فقط وإخراجها من التجاذبات..وفق تعبيره. وكشف الرحموني أن مرصد القضاء اعتبر في تقريره «أن التعيينات التي امتدت من ديسمبر2011 إلى غاية أفريل2012 تدخّل في السلطة القضائية». وتحدث رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء في إطار مداخلته المعنونة «المرصد التونسي لاستقلال القضاء وحقوق المواطن في العدالة» عن مفهوم القضاء كمساهم في تحديد الضمانات الموجهة إلى المواطن بأن يكون القاضي مستقلا دون إغفال عين المجتمع المدني على هذه المؤسسات الرسمية واعتبر المرصد أداة من أدوات المراقبة من حيث تدعيمه لضمان استقلال القضاء و القضاة و تشكيل رأي عام داعم لدولة القانون مع إقرار ضمانات التقاضي لجميع المواطنين إلى جانب تقديم مقترحات وتوصيات من شأنها أن تحسّن من أداء المؤسسات القضائية. وبين أن مفهوم العدالة ذاته يُعتبر لدى البعض «فرجة وعند آخرين مآسي وخدمات» فبقدر ما تكون العدالة مطلوبة بقدر ما يجب انتقادها سيما في هذه الفترة من الإنتقال الديمقراطي الهش في إطار «بداية التعامل مع عدالة بدأت تتحرر». وصف الرحموني الدور الذي يقوم به القاضي من خلال تواجده في مجالات لا علاقة لها حتى بوظيفته مقابلة مع متطلعات المواطن الذي يريد عدالة منفتحة، لينة، جيدة ومتقدمة في خدمة المواطنين طارحا ضرورة أن يعي المواطن بحقوقه من اطلاع على مختلف درجات التقاضي والنتائج المحتملة لكل قانون معتبرا بأنه بقدر الوعي بالحقوق يصبح المواطن مساهما في العدالة وفي تطويرها بوصف أن «ملاحظات المواطن تطوّر من مفهوم العدالة». القاضي و الرأي العام .. بين القانون ومتطلبات الإنتقال واعتبر أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسوسة عبد الرزاق المختار من خلال مداخلته «القاضي والرأي العام أية مقاربة؟» بأن العلاقة بين الرأي العام و القضاء غير سوية بحكم أن الرأي العام يجد نفسه «غريبا جينيا عن القضاء» وبأن هذه العلاقة غير السوية تتجسد من خلال مبدإ استقلالية القضاء لتنتج هذه العلاقة تمثلات غير صحية من زاوية اتجاه رأي عام متهيب من القضاء أو رأي عام مشكّك فيه أو متحامل ومهاجم و آخر مدعّم ولو باحتشام طارحا مسألة تحول الشأن القضائي إلى شأن عام مع ما يقتضيه من فصل للسلطات الثلاثة وضرورة وجود رأي عام قضائي يحمي الحريات. وبين المحامي معز بن علي بخصوص مسألة متطلبات الإنتقال ومحاذير الشارع بأن المؤسسة القضائية كمؤسسة دستورية هي نابعة من مصدر السيادة أي الشعب كشكل من أشكال التفويض طارحا إشكالية تشعّب عملية الإنتقال في الأزمة الهيكلية التي تعيشها العدالة والطفرة السياسية التي تشهدها البلاد معتبرا بأن المرور من قضاء السلطة إلى مؤسسة تمثّل قضاء الشعب لا يجب أن يمر بقضاء الشارع. وأوضح القاضي بالمحكمة الإبتدائية بنابل عياض الشواشي بأن التمثل المعاصر للدولة في زمن التحولات التي بلغت مفهوم الديمقراطية التشاركية قد جعلت في بلدان عديدة النظرة نحو القضاة تتباين بخصوص مسألة التعيين وبأن يُدخِل القاضي في اعتباره معطيات أخرى لحماية السلم الإجتماعي. المحاكمات السياسية في السبعينات لم تغفل الندوة في جانب منها عن الدور الذي لعبته المحاكمات السياسية في السبعينات بخصوص تشكّل الرأي العام. وقد بيّن أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بصفاقس عبد القادر العريبي أن هذه المحاكمات قد حدثت بين مفصلين رئيسيين في البلاد التونسية في مرحلة اقتصادية جديدة فترة أحمد بن صالح والتحوير الذي أُدخِل على الدستور وبداية مرحلة انفتاح، وتطرّق إلى جملة المحاكمات التي وقعت في ذلك الزمن التي لحقت بمجموعة آفاق في سنة1968 وأنصار حزب البعث في 1969 ومحاكمة الطلبة في ديسمبر1970 وأحمد بن صالح والعامل التونسي وغيرها من المحاكمات وصولا إلى محاكمات القيادة النقابية غداة أحداث جانفي 1978. وبيّن العريبي بان القضايا كلّها استندت إلى قانون الجمعيات و الصحافة و حيث تمت المحاكمات على خلفية حرية الإنتماء والآراء النقابية حيث كانت كل المنظومة تدفع إلى إدانتهم بشكل عكست صورة الإحتقان السياسي التي كانت تعيشه البلاد والرأي العام في ذلك كان يرى بأن القضاء يخدم لفائدة السلطة ممّا كرّس أزمة الثقة بين الدولة والمجتمع. الصباح صابرعمري