قمرت (وات)- تتمثل أهم إشكاليات سوق الشغل في تونس في ارتفاع نسبة البطالة التي بلغت حسب المسح الوطني حول السكان والتشغيل للثلاثية الأولى من السنة الحالية 1ر18 بالمائة حيث ناهز عدد العاطلين 710 آلاف شخص منهم 221 ألفا من حاملي الشهادات العليا. ولم تمكن الخيارات المعتمدة طيلة السنوات الماضية من إيجاد حلول ناجعة لمعضلة البطالة التي طالت مختلف مستويات وشرائح طالبي الشغل، وفق ما أكده الأستاذ الجامعي محمد قريعة في مداخلة بعنوان "واقع التشغيل والبطالة في تونس" قدمها ضمن أشغال الجلسة الأولى للمؤتمر الوطني للتشغيل الذي افتتح صباح الخميس بضاحية قمرت. كما استعرض المحاضر مؤشرات أظهرت تنامي نسبة البطالة الجملية التي ارتفعت ب 4ر5 نقطة بين ماي 2005 وماي 2011 إلى جانب تفاقم بطالة حاملي شهادات التعليم العالي التي ارتفعت ب19 نقطة خلال نفس الفترة وارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة. كما تقدر احداثات الشغل على المستوى الكمي في المتوسط العام خلال الفترة 2006-2010 بحوالي 70 ألف موطن شغل مقابل طلبات إضافية تقدر في المتوسط العام خلال نفس الفترة ب82 ألفا. أما بالنسبة لسنة 2011 فقد وصلت الاحداثات في الفترة الممتدة من ماي إلى نوفمبر 2011 إلى 30900 موطن شغل حسب آخر مسح للمعهد الوطني للإحصاء وهو ما يدل حسب التقرير، على أن مواطن الشغل الجديدة لا تغطي الطلب الاضافي وغير قادرة على امتصاص جانب من مخزون البطالة وهو ما أدى إلى تفاقمها. وينضاف إلى ذلك عدم التوازن في التوزيع القطاعي للمستغلين واحداثات الشغل حيث يلاحظ تراجعا للتشغيل في قطاع الفلاحة وشبه استقرار في الصناعات المعملية وهي القطاعات المشغلة تقليديا. وبعد أن ذكر بالسياق التاريخي لبرامج التشغيل ونتائجها لاحظ قريعة أن هذه الآليات لم تساعد على إحداث مواطن شغل نوعية تتلاءم وقدرات حاملي الشهادات العليا وهو ما كرس رغبة الشباب في العمل بالقطاع العمومي، مشيرا إلى ان هذه البرامج في مجملها لم تساعد على تحسين التشغيلية ولم تحد من بطالة الشباب التي ما انفكت تتراكم طيلة السنوات الأخيرة. كما أكد على أن مخزون البطالة في الولايات الداخلية يستدعي إعادة النظر في مختلف مكونات المقاربة المحلية للتشغيل بهدف إرسائها على أسس جديدة وتعزيز العلاقة بين الاستثمار والنمو والتشغيل لجعل الجهة قادرة على خلق حركية اقتصادية واجتماعية قائمة بذاتها ومتفاعلة مع بقية الجهات وهو ما يتطلب بدوره توفير مزيد من التنافسية لهذه المناطق لجلب الاستثمارات المحلية والأجنبية. ولاحظ المحاضر أن سوق الشغل تتسم بالتشغيل الهش حيث لا تتجاوز نسبة المشتغلين بعقد غير محدد المدة 44 بالمائة من مجموع المشتغلين في نوفمبر 2011 في حين أن عدد المشتغلين بعقد محدود المدة وعدد المشتغلين بدون عقد يمثلون 55 فاصل 4 بالمائة. وتوقع الجامعي ان تتجه معضلة البطالة في تونس نحو مزيد التعقيد مستقبلا في حال لم يقع التحرك الجدي لإدخال تغييرات جذرية على واقع وسياسات التشغيل ،مشيرا إلى أن الضغوطات على سوق الشغل ستزداد تحت مفعول العوامل الديمغرافية والتربوية والاقتصادية والمنافسة المتصاعدة في السوق الدولية.