قمرت (وات)-انطلق صباح الاثنين بقمرت الحوار الوطني حول السياسات والاستراتيجيات والمخططات الوطنية للصحة الذي اطلقته وزارة الصحة بهدف مراجعة السياسات والاستراتيجيات والخطط الصحية الوطنية بما يفضي الى اصلاح شامل للمنظومة الصحية. ويرمي هذا الحوار الوطني الذي سيدوم سنة كاملة الى تحسين اداء المنظومة الصحية عبر حوارات مجتمعية متعددة الاطراف في اطار مقاربة تشاركية تنطلق من الجهات للوصول الى استراتيجيات صحية شاملة مع خطط تنفيذ مفصلة تتماشى مع تطلعات المواطن والامكانيات الوطنية. وبين رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي لدى اعطائه اشارة انطلاق هذا الحوار ان ما تشكو منه المنظومة الصحية في تونس من نقائص يفرض مراجعة جذرية للخيارات السابقة في هذا القطاع داعيا المجموعة الوطنية بكافة مكوناتها الى تقديم مقترحاتها العملية للنهوض بالخدمات الصحية في كامل جهات البلاد دون تمييز. وابرز ان 7 فاصل 5 بالمائة من ميزانية الدولة يتم رصدها لقطاع الصحة ،مبينا ان الدولة غير قادرة على الترفيع في هذه النسبة في الوقت الحاضر حتى لا تكون عائقا امام تطوير الخدمات الاجتماعية الاخرى. واعتبر الجبالي ان المواطن التونسي لم يبلغ درجة من الوعي للحفاظ على صحته من خلال اتباع نمط عيش سليم يجنبه التعرض للمخاطر والاصابة بالامراض مشيرا الى ان النفقات الصحية المتزايدة أصبحت تثقل كاهل الدولة والاسر مما يستوجب العمل على التوصل الى منظومة متوازنة توفر تطلعات المواطن وتحافظ في الوقت ذاته على الموازنات المالية للدولة. كما أكد حرص الحكومة الحالية على تجاوز النقائص التي يشكو منها القطاع من خلال العمل على تنظيم المهن الطبية والنهوض بجودة الخدمات والترفيع في نسبة المنتفعين بالخدمات المجانية وبطاقات العلاج ذات التعريفة المنخفضة والذين تقارب نسبتهم 30 بالمائة من العدد الجملي للسكان. ودعا الى ضرورة تكاتف الجهود والعمل في أطار الحوار الوطني بعيدا عن القرارات الفوقية من أجل احكام خارطة صحية متوازنة وتنمية الخدمات الصحية الأساسية ومزيد العناية بالقطاع الخاص والاهتمام بالطب الوقائي الذي يساعد وفق تقديره على حماية صحة المواطن وفك الخناق الذي تشكو منه المستشفيات الجامعية. واعرب حمادي الجبالي عن عزم الحكومة على مواصلة تحسين التغطية الاجتماعية والتشجيع على بعث مؤسسات خيرية. ومن جهته شدد وزير الصحة عبد اللطيف المكي على ان اصلاح المنظومة الصحية هو مسؤولية جماعية يتحمل فيها المواطن جزء هاما من خلال اعتماد نمط عيش سليم واتباع سلوكيات حضارية تجنبه التعرض للمخاطر مثل السياقة الحذرة. وافاد ان الحوار الوطني حول قطاع الصحة سيحاول ايجاد اجابات لمسائل جوهرية تتعلق بتنظيم القطاع على غرار كيفية تمويل هذه الخدمات وتجديد الاطار القانوني للعمل في هذا القطاع والسبل الكفيلة بايجاد معادلة بين توفير الخدمة الصحية الجديدة والضغط على كلفة هذه الخدمات بما يضمن ديمومتها وجدواها. اما وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية سمير ديلو فقد شدد على ان الحق في الصحة حق أساسي وان دسترتها يجب ان تكون على أساس توافقي مشيرا إلى ان الإصلاحات المنشودة في قطاع الصحة يجب ان تكون نتيجة حوار وطني حقيقي تشارك فيه المؤسسات إلى جانب مكونات المجتمع المدني والمواطن الذي هو ادرى بالنقائص التي يواجهها يوميا في تعامله مع مسدي الخدمات الصحية . وأعلن ان تونس ستصدر لأول مرة تقريرا خاصا بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتحدث وزير الشؤون الاجتماعية خليل الزاوية عن المسؤولية المادية التي تتحملها الوزارة في ملف الصحة العمومية مشيرا الى ان العجز في الصناديق الاجتماعية سيتجاوز هذه السنة 80 مليون دينار وانها قد تصل في حدود سنة 2016 الى 200 مليون دينار . كما اعتبر ان نسبة الفقر المدقع التي بلغت 6 بالمائة ستؤدي ضرورة الى اضافة بطاقات علاج مجانية وما يرافقها من تكاليف اضافية على كاهل وزارة الصحة موضحا ان حوالي 3 ملايين تونسي يتمتعون ببطاقات علاج مجانية او ذات تعريفة منخفضة. تعرضت وزيرة البيئة مامية البنا في مداخلتها إلى التداعيات المتنامية لظاهرة التغيرات البيئية والمناخية على الصحٌة العامة، مؤكدة إن هذة الظاهرة أصبحت عبئا على المنظومات الصحية الوطنية لعديد الدول. ودعت إلى إيجاد آليات جديدة تعتمد التحليل والاستشراف للتوقي من امكانية ظهور أمراض جديدة ووضع الأطر المؤسساتية والتشريعية وآليات عمل جديدة للحد من المخاطر الصحية المرتبطة بالبيئة ونمط العيش. أما أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي فبين ان إصلاح المنظومة الصحية في حاجة إلى شركاء مؤكدا على ضرورة استشارة كل الأطراف المعنية بالقطاع. وأبرز في هذا الصدد اهمية احترام مبدأي الشفافية وحق النفاذ إلى المعلومة خصوصا في ما يتعلق بالمشاورات أو المفاوضات مع أطراف أجنبية حول إصلاح منظومة القطاع الصحي. وشدد العباسي على ضرورة العناية بالمؤسسات الاستشفائية العومية التي تمثل الوجهة الأولى لسبعين في المائة من التونسيين، الى جانب العمل على تقليص التفاوت في نوعية الخدمات الصحية بين الجهات الساحلية والداخلية في إطار مخطط استراتيجي بعيدا عن الارتجال بما يمكن من اعادة الاعتبار الى أعوان الصحة بالقطاع العمومي وتحسين ظروف عملهم. ومن جهتها أكدت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس "لورا بايرا جيري" دعم الاتحاد لجهود تونس في مجال إصلاح المنظومة الصحية الوطنية . ولاحظ سمير بن يحمد ممثل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بتونس أن المنظمة الأممية ملتزمة بدعم جهود تونس في مجال وضع سياسات واستراتيجيات وطنية في قطاع الصحة، مشيرا الى أن الفرصة متاحة لإعادة النظر بعمق في المفاهيم القديمة باتجاه وضع سياسة صحية جديدة.