تونس 9 أفريل 2010 (وات) أعلن مكتب الاممالمتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات ان المكتب يواجه عجزا في التمويل اللازم لمجابهة تحديات محاربة " الجريمة المنظمة والمخدرات والارهاب بمختلف أشكاله". وقال المدير التنفيذى للمكتب انطونيو ماريا كوستا يوم الجمعة ان الموارد المتاحة حاليا "لا تساوى شيئا" مقارنة بالتهديد الهائل الذى يواجهه عالمنا اليوم. وجاءت تصريحات المدير التنفيذى في مقدمة التقرير السنوى الصادر عن المكتب الاممي والذى يستعرض أنشطة المكتب من الامن والعدالة والنزاهة الى الصحة والابحاث والخدمات الجنائية. ولئن عرفت المجتمعات البشرية عبر مختلف الحقب التاريخية ظاهرة العنف والارهاب والجرائم الارهابية بمختلف أشكالها فان هذه الظواهر تمثل في الوقت الراهن احد اهم التحديات التي يواجهها عالم اليوم لكونها ليست حكرا على منطقة جغرافية معينة او مرتبطة بثقافة معينة بل تجاوزت ذلك الى مرحلة الانتشار الكلي. وتوضح التقارير الدولية الصادرة في هذا الشان ان مخاطر الارهاب زادت بشكل ملفت للانظار خلال العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الحالي فبعد ان كانت العمليات الارهابية تتم وفق اساليب تقليدية وتخلف ضحايا وخسائر محدودة في الفئات والمنشات المستهدفة أصبحت تتم بطرق بالغة الدقة والتطور مستفيدة من التكنولوجيات الحديثة واضحت تخلف خسائر جسيمة تكاد تعادل خسائر الحروب سواء في الارواح او الممتلكات او المنشآت. وتكمن خطورة الارهاب وفق هذه التقارير في سرعة انتشاره نظرا للاعداد المتزايدة من المنظمات الارهابية التي تمارس الارهاب الذى ينطوى على عنف غير محدود وغير مقيد بقانون او باخلاق من جهة واعتبارا لتعقد تنظيم وسرية نشاط هذه التنظيمات الارهابية فضلا عن تطور ما تستخدمه هذه التنظيمات من اسلحة ومعدات. ويعرف مكتب الاممالمتحدة لمكافحة الجريمة مصطلح " الجريمة المنظمة" بالجريمة التابعة لتنظيم اجرامي بالغ الخطورة يتحول فيها المجرم الى عضو دائم في خلية اجرامية ويقوم بمهمة اجرامية متخصصة. وتضطلع هذه العصابة بتنظيم اجرامي محكم قائم على بناء هرمي عنقودى يضم خلايا عنقودية لمجموعات المجرمين المنتشرين على مستوى الدولة. ويؤكد الخبراء المتخصصون في القانون الدولي ان ظاهرة غسيل الاموال تدخل في اطار الاجرام المنظم نظرا لوجود علاقة بين هذه العمليات والارهاب من خلال قيام عصابات المخدرات الدولية وبعض رجال الاعمال المستثمرين بغسيل اموالهم عبر تمويل التنظيمات الارهابية مشيرين الى ان هذه العلاقة لا يجب بالضرورة ان تكون مباشرة. وإزاء خطورة هذه الظواهر وما يمكن ان يترتب عليها من نتائج واثار سلبية على كافة القطاعات الاقتصادية عبر العالم ناشد مكتب الاممالمتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات في تقريره الصادر الجمعة على موقع منظمة الاممالمتحدة بمزيد من التكاتف الدولي والعمل المشترك ودعم التمويل للقضاء على هذه الظواهر الخطيرة. وأوضح المكتب الاممي في هذا الصدد ان العولمة ساعدت بشكل مباشر في انتشار الجريمة المنظمة مشيرا الى ان تلك الشبكات الاجرامية تستغل اليوم التقدم التكنولوجي والاتصالات والمواصلات لتتمكن من التواصل ببعضها ونشر الجريمة عالميا. وأبرز ان اى دولة بمفردها لا تستطيع مكافحة الارهاب داعيا الى استجابة عالمية شاملة تقدم المجرمين الى المحاكمة في بلادهم او عبر تسليمهم مع امتناع اى دولة عن توفير ملاذ امن للارهابيين. ويشار الى ان مكتب الاممالمتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات سيركز خلال هذه السنة على دراسة تخصصات معينة مثل الارهاب الكيميائي والنووى والبيولوجي وتمويل الارهاب وقضايا البحار واستخدام الانترنت لاغراض الارهاب ومعالجة اسبابها والنظر في امكانية حلها. ويؤكد المكتب الاممي في تقريره ارتباط الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات والفساد والارهاب جميعها ببعضها البعض فضلا عن التأثير المدمر لهذه الجرائم على الامن الدولي مبرزا ان " المهربين لديهم موارد اعلى بكثير من الدول في مناطق العبور الفقيرة مثل وسط امريكا والكاريبي وغرب افريقيا والبلقان ووسط اسيا فهم يستخدمون اموالهم لشراء النفوذ السياسي والاقتصادى واللجؤ الى العنف واراقة الدماء لفرض السيطرة". ويشكل غرب افريقيا بيئة مثالية بالنسبة للجريمة المنظمة وفق ماجاء في تقرير المكتب الاممي باعتباره يوفر مناخا ملائما للتهريب وموقعا استراتيجيا وحدودا مفتوحة للجريمة نتيجة لضعف السلطة وتفشي الفقر والفساد مشيرا الى ان المنطقة ايضا تعتبر محطة للادوية المزورة والنفايات والتجار بالاشخاص. وحذر التقرير من ان 420 مليون حاوية تتحرك حول العالم سنويا يتم تفتيش 2 في المائة منها فقط مما يخلق فرصا لشبكات الجريمة والارهابيين لاستخدامها وهي ثغرة يحاول المكتب ومنظمة الجمارك العالمية سدها عبر برامج مراقبة الحاويات التي احرزت تقدما مطردا في كشف الحاويات التي تحمل البضائع غير القانونية. وللاشارة فان مكتب الاممالمتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات يعتمد حاليا على المساهمات الطوعية سيما من قبل الحكومات والتي تغطي حوالي 90 في المائة من ميزانيته البالغة 504 مليون دولار لعامي 2008 و2009. ويبقى التعاون على المستوى الدولي وتطوير التنسيق بين الاجهزة المتخصصة بمكافحة الارهاب وغسيل الاموال والجريمة المنظمة وغيرها وتقوية الاجراءات الدولية الرامية الى منع الارهابيين من امتلاك أسلحة الدمار الشامل ودعم دور الاممالمتحدة في هذا المجال فضلا عن ترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار بين الشعوب والتقارب بين الثقافات ورفض منطق صراع الحضارات اساسا لخلق عالم متجانس وآمن.