عاجل/ حادث مروّع في الكاف.. وهذه حصيلة المصابين    يروّج للمثلية: تنديد واسع بكُتيّب تم توزيعه بمعرض الكتاب    وزارة التربية تتعهّد بانتداب 1000 أستاذ نائب    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    عاجل/ بشرى سارة للفلاحين: التخفيض في سعر هذا الصنف من الأعلاف    عاجل : القبض على شخص متهم بالإنتماء إلى تنظيم إرهابي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    بودربالة والسفير الإيطالي: ضرورة تكثيف جهود مواجهة الهجرة غير النظامية    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    جامعة التعليم الأساسي: ترسيم 850 عونا وقتيا    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    في مبادرة تضامنية نوعية مع فلسطين: أطفال تونس يصنعون الحدث ويدخلون تاريخ الإنسانية من الباب الكبير    شركة النقل تتفاعل مع "الشروق": نحرص على عودة النسخة الشعبية ل "إيبيزا" في أقرب الأوقات    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    هرقلة: ضبط كمية من "الكوكايين" و"الزطلة" بسيارة    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    مؤتمر وطني علمي حول الأنشطة البدنية والرياضية بمدينة طبرقة    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    تقلص العجز التجاري الشهري    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



امبراطورية المخدرات في الجزائر:بين مافيا السياسة والإرهاب وبارونات المال والفساد
نشر في الفجر نيوز يوم 28 - 02 - 2008

امبراطورية المخدرات في الجزائر:بين مافيا السياسة والإرهاب وبارونات المال والفساد
بقلم:أنور مالك – كاتب صحفي مقيم بباريس
www.alfajrnews.net الفجرنيوز
امبراطورية المخدرات في الجزائر:
بين مافيا السياسة والإرهاب وبارونات المال والفساد
بقلم:
أنور مالك – كاتب صحفي مقيم بباريس
الحلقة الأولى
ملف المخدرات من اعقد الملفات واخطرها في كل انحاء العالم، فهو يتعلق بتجارة تدر الملايير على اصحابها سواء بارونات المال أو رجال النفوذ والسلطة، فضلا عما تجنيه بعض السياسات من خلال نشر المواد السامة بين الأجيال الصاعدة للدول التي تصنف في خانة الأعداء أو "محور الشر" بمصطلح بوش الشهير الذي دمر به البشرية، فكل دول العالم تعاني من انتشار هذا السرطان الخطير، فالقوانين قد سنت بترسانات كبيرة وضخمة للتصدي لها وللمروجين وبارونات التهريب الدولي، وبالرغم من ذلك توجد أنظمة تقف وراءها سواء عن طريق تورط أشخاص ينتمون الى سياسته أو تورط أجهزة أمنية تابعة لمؤسساته المختلفة...
بقدر ما قيل حول ما يسمى ب "الارهاب" وما روج حول أخطاره التي تهدد العالم، ظلت المخدرات من أخطر أمراض العصر، والكثير من أغنياء العالم سواء كانوا في شكل دول أو أشخاص تلاحقهم دوما شبهات التورط في الترويج لهذه السلعة "الغالية والثمينة"، بل الكل يذكر أن طالبان لاحقتها الدول الكبرى بزعامة البيت الأبيض وبشبهة المخدرات والترويج لها والإشراف على حقولها والتسهيل للمزارعين بالدعم والحماية، ولذلك صارت المخدرات وحقول الخشخاش من بين أسباب الغزو الأمريكي – البريطاني لأفغانستان، وإسقاط نظام طالبان الذي صنف في دائرة الأنظمة التي تهدد الأمن الدولي بنظامها الذي يوصف بالتطرف والإرهاب أو بشبكات الهروين والمخدرات التي تلاحقها بها أمريكا وأذنابها،ولكن الأمور صارت عكس ما أريد لها إعلاميا لأن الواقع غير ذلك بكثير والهدف لم يكن المخدرات ولا ما يسمى بالإرهاب بل أشياء أخرى تحكمها أطماع أمريكية في نفط العالم، وقد أشارت الكثير من التقارير الصحفية ان الظاهرة زادت انتشارا بعد سقوط طالبان، ففي تقرير صدر عن الأمم المتحدة "مخدرات العالم لعام 2006" أكد أن أفغانستان لا تزال تحتل المرتبة الأولى عالميا، ومما جاء في هذا التقرير (ان إنتاج أفغانستان من الأفيون عام 2006 تزايد بمقدار 50 % مقارنة بعام 2005، فقد قفز إنتاجها من4500 طن عام 2005 إلى 6700 طن عام 2006، مما أدى بالمحصلة إلى ارتفاع قياسي في الإنتاج العالمي. فالتقرير الأممي يشير إلى أن أفغانستان ساهمت عام 2006 بإنتاج 92 % من إجمالي إنتاج العالم للمخدرات، لتسجل ارتفاعاً قدره 70 % مقارنة بإنتاجها عام 2000، و52 % مقارنة مع تسعينيات القرن الماضي. وتابع التقرير موضحاً أن مناطق زراعة المخدرات في أفغانستان توسعت من 257 ألف فدان عام 2005 إلى 407 ألف فدان عام 2006، أي بزيادة قدرها 59 %، مع توقع بزيادة اكبر عام 2007، حيث يقوم بإدارة عمليات التسويق لهذه المادة عالمياً العناصر المسلحة في أفغانستان، والذين هم الآن اكبر مزودي العالم بهذه المادة، حسب ما أعلن "انطونيو مارسيا كوستا" المدير التنفيذي ل"مكتب مكافحة الجريمة والمخدرات"، المسؤول عن إعداد التقارير السنوية حول المخدرات في العالم والتابع للأمم المتحدة)، ونرى كيف يعلق الأمر في عنق العناصر المسلحة والتي يقصد بها طالبان طبعا؟ بالرغم من أن المصادر المختلفة أكدت دور حكومة طالبان في محاصرة هذه الآفة، بل أن تقارير أخرى ذهبت إلى حد الحديث عن أنه لا حل لقضية المخدرات وحقول الأفيون في أفغانستان سوى في توفير مداخيل بديلة للمزارعين في الريف الأفغاني الفقير، وهذا ما ورد في تقرير صدر عن البنك الدولي وإدارة التنمية الدولية الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، بل أوصى التقرير المتكون من 98 صفحة أنه يجب على المجتمع الدولي إستثمار أكثر من 2 مليار دولار في الري والطرق وتربية المواشي وكل مشاريع التنمية الأخرى لأجل ثني الأفغان عن زرع الأفيون، وأكد أنه بدون إقتصاد وتنمية قوية فلا يمكن تحقيق أي أهداف مستدامة من مكافحة المخدرات، ولهذا فإن سبيل الحرب التي إنتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية أغرقت الفلاحين والمزارعين والبدو الأفغان في الفقر المدقع، وربما يكون من أسباب تفاقم الظاهرة وإنتشارها...
ويواصل التقرير المشار إليه سابقا والصادر عن الأمم المتحدة، في اعطاء صورة قاتمة عن هذه الآفة خلال عام 2006، من أن 200 مليون شخص، أي 5 % من مجموع سكان العالم وأعمارهم تتراوح ما بين 15 و64 عاماً، تعاطوا المخدرات لمرة واحدة على الأقل خلال ال12 شهراً الماضية، (وأن من بين تلك المجموعة 25 مليون شخص مدمن. ويقول التقرير أن من بين المواد المخدرة الأكثر انتشاراً على المستوى العالمي القنب، حيث بلغ عدد الذين استخدموه نحو 160 مليون شخص حول العالم عام 2006، واتت المادة المنبهة "amphétamine" ، كثاني أكثر المخدرات شعبية، فقد أشار التقرير أنه أستخدمها 25 مليون شخص، لمرة واحدة على الأقل، بين عامي 2005-2006 . يذكر أن التقديرات الأولية تشير إلى ارتفاع عوائد المخدرات بشكل كبير عام 2006، حيث إنها قدرت ب 322 مليار دولار عام 2003، علماً أن الإنتاج العالمي قفز بشكل كبير بين عامي 2003 و2006. وتشير متابعات الأمم المتحدة إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وكندا واستراليا هي أكثر مناطق العالم التي تشكل أسواقاً مربحة للاتجار غير المشروع بالمخدرات).
في ظل هذه الصورة السوداء عن الوضع حاولت الكثير من الدول ان تبرز دورها في مكافحة المخدرات، من خلال عمليات نوعية يروج لها اعلاميا، أو من خلال سن قوانين ردعية وصارمة ومشددة، لكن توجد دول أخرى حاولت ان تعالج الظاهرة من خلال برامج اجتماعية تستمد نفسها من القيم الدينية لكل شعب ولكل أمة، ولكن ظلت المخدرات تنتشر خاصة بين الشعوب الفقيرة التي يلجأ اصحابها اما للثراء السريع على حساب اليأس والقنوط الذي يضرب اعماق الشباب المحروم من كل فرص العمل أو ثروات بلاده، أو حتى أولئك الذين يعانون من فراغ عقدي وديني دفعهتم الظروف الى تجاوز الواقع عن طريق تعاطي المخدرات والإدمان عليها...
يعاني العالم العربي بدوره من هذه الآفة التي تنتشر بين الشباب خاصة، ومن خلال متابعة لمؤشرات رسمية نشرتها الدول العربية، نجد أن هذه التجارة تتزايد بمعدل ينذر بالشؤم، والإدمان على المخدرات يزداد يوما بعد يوم، وهو ما يثير القلق والريبة في الوقت نفسه، وحسب محمد عبدالعزيز وهو الممثل الإقليمي للأمم المتحدة لمنع المخدرات والجريمة في الشرق الأوسط من أن 400 الف شخص يتعاطون المخدرات في العالم العربي عن طريق الحقن بالهروين، وتقديرات اخرى تشير الى وجود مدمن واحد من بين خمسة أشخاص، ونعطي على سبيل المثال أرقاما تم تسجيلها في العشرية الماضية حيث انه في 1997 تم بمصر مصادرة 441.58856 كغ من الحشيش، 31.15649 من الأفيون، 51.22291 من الهروين، 137247697 شجرة خشخاش، 63542819 شجرة قنب هندي، وحسب المجلس المصري لمحاربة الإدمان من أن نسبة 8.5% من المصريين أي ما يعادل 6 ملايين نسمة من المدمنين على المخدرات (صحيفة المصريون: 04/10/2007)... نذكر أيضا ما سجل في الأردن عام 1999 حيث تم مصادرة 112.041 كغ من الحشيش، 41.379 كغ من الهروين، 61.007 كغ من الأفيون... أما بالنسبة للمغرب الذي يعد أبرز مورد للحشيش نحو اوروبا، فمن خلال أول تقرير صدر عن لجنة تحقيق برلمانية في المغرب حول المخدرات عام 1997، كشف أن مساحة الأراضي المزروعة بالقنب الهندي بلغت 70000 هكتار، وقدرت اللجنة أن انتاج الحشيش عام 1995 بلغ 1500 طن...
الجزائر وأجراس الخطر
الجزائر تعتبر ايضا من الدول التي صار يقرع فيها ناقوس الخطر لإنتشار المخدرات، وإن كانت السلطات الجزائرية ظلت تؤكد على أن البلد يصنف كمستهلك إلا أن مصادر أخرى تحاول التأكيد على أن الجزائر صارت من بين الدول المنتجة للمخدرات بشتى أنواعها، وبين هذا وذاك نجد من يؤكد على أنها صارت منطقة عبور للهروين... وقد عاشت الجزائر فضائح مختلفة بينت من خلال التحقيقات فيها تورط جهات نافذة في السلطة، وان كانت الجهات الرسمية ظلت تريد ابراز دور "الارهاب" في مساعدة مافيا التهريب عبر الحدود وفي ادغال الجبال، وحاولت التقارير الأمنية المختلفة التأكيد على أن المسلحين يستغلون أموال المخدرات في إستيراد الأسلحة، وأكثر من ذلك أنه يوجد من أكد أن المجازر التي حدثت خلال الحرب الأهلية يقوم بها "مسلحون" في حالة تخدير، وهذا الذي أكده وزير الداخلية يزيد زرهوني مؤخرا حول "الإنتحاريين" الذي ذهبت إدارته من خلال ما وصفت بالتحقيقات من انهم كانوا في حالة تخدير عند إقدامهم على تفجير أنفسهم... وإن كان بعض الكتاب قدموا دراسات حول اثر الحروب والنزاعات المسلحة في إنتشار المخدرات نذكر مثلا الدكتور عايد علي الحميدان في كتاب صدر له عن جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية وتحت عنوان (أثر الحروب في انتشار المخدرات)، إلا أن الجهات الرسمية ظلت تحاول ربط "الإرهاب" بالمخدرات ومن جانب الجماعات المسلحة فقط وتتجاوز دوما جانب السلطة ومافيا المال التي وجدت ضالتها في الحرب الأهلية، حيث إستغلت إنشغال المصالح الأمنية بالحرب وقامت بالتورط في عمليات كبرى درت بالملايير، ويكفي ما نلحظه من أغنياء الحرب الجدد الذين إستفادوا من الريع وبلغوا قمة الثراء في ظروف قياسية... فالحرب دوما هي الملاذ الآخر لمافيا التهريب وبارونات المخدرات وبإشعال الحروب الذي غالبا ما يأتي من طرف مستفيدين من أرباب المال أولا والسلطة ثانيا، تنشط كل أنواع المتاجرة في المحظورات كالمخدرات والأسلحة وتبييض الأموال والرقيق الأبيض... الخ، وهو ما فعلته أمريكا في أفغانستان كما ذكرنا سابقا، وفي الجزائر أيضا فقد نشرت أخبارا بإلقاء القبض على مسلحين اسلاميين وبحوزتهم كميات من الهروين، ايضا وزعت إعترافات تنسب الى ما يعرف بالتائبين يتهمون امراء التنظيمات في إدارة شبكات لتهريب المخدرات عبر الحدود وخاصة المغربية منها، وظلت قضية ما يعرف بتمويل الإرهاب تثير الكثير من التساؤلات والقرارت ويشتغل عليها آخرون في ندوات رسمية، نذكر على سبيل المثال الندوة التي انعقدت تحت عنوان: "مكافحة غسل الأموال وتموين الإرهاب" يومي 8 و9 سبتمبر 2007 بالعاصمة الجزائرية، حيث لجأت السلطات إلى الإستعانة بخبرات دولية في هذه القضية، ومما يمكن تسجيله من المداخلات المتعددة، نذكر مثلا مداخلة عمار محمد مدير الشؤون الإدارية والقانونية بوزارة العدل، من أن شبكات المخدرات تقدم المال للإرهاب، ليقول أيضا: (في إطار التحقيقات التي قمنا بها في مصادر تمويل الجماعات الإرهابية في الجزائر اتضح لنا بما لا يدع مجالا للشك أن العديد منها من مصادر الاتجار بالمخدرات)، ليضيف من أن المصادر السرية للتمويل كالمخدرات هي الحل الوحيد لمن وصفهم ب "المجرمين"، ثم تحدث عن ترسانة التشريعات والقوانين التي اتخذتها الجزائر في إطار مكافحة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، حيث اقامت في 2002 قسما خاصا بالإستعلام عن المصادر المالية، وفي 2004 سنت قوانينا لمنع ومحاربة استخدام العقاقير غير المشروعة والمواد المخدرة ومواد العلاج النفسي والأمراض العقلية، وكذلك منع ومكافحة غسيل الأموال في 2005، ولكن بسبب الفجوات القانونية خاصة في القطاع البنكي جعلت من هذه القوانين مجرد تدوين مكتوب لم يفعل شيئا...
أما آن كوستوموروف وهي نائبة المدعي العام والتي تقود فريقا مكلفا بمكافحة "الإرهاب" بالمحكمة العليا في باريس، شددت على الحاجة إلى رصد وتقييم النظم الوطنية الجزائرية. ومما قالت: (هذه العملية حاسمة في مكافحة وغسل الأموال وتمويل الإرهاب)، وأشارت إلى أنه في مارس الماضي تم إرسال فرق من مدققي الحسابات إلى أبناك خاصة وعامة لاختبار فعالية برامج الحراسة لمكافحة غسل الأموال، وأسفرت العملية عن صياغة العديد من التقارير...
ايضا نسجل مداخلة سوزان هايدن، المستشارة الاقتصادية بوزارة العدل الأمريكية، التي قالت أنها "تولي قيمة للترتيبات القانونية التي أقامتها السلطات الجزائرية" وأن فريقا قد سخر يتكون من الخبراء الأمريكيين بمن فيهم ممثلين عن مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي (اف بي آي) يهدف إلى تقديم المساعدة في رصد وبحث الثغرات القانونية في النظام البنكي الجزائري، لتضيف هايدن أن الولايات المتحدة "مستعدة لتقديم المساعدة للسلطات الجزائرية لتعقب المال القذر المستخدم في الإرهاب".
عملية الربط بين ما يسمى بالإرهاب والمخدرات ليست بالجديدة بل هي تواصل لسياسة تنتهج عبر كثير من العصور، فقد ربطت المقاومة للمحتل بالجريمة، وربط بين الإسلام والعنف... وهو ربط فيه الخطأ المقصود والمتعمد، لكن هل بالفعل توجد علاقة بين الجماعات المسلحة أو "القاعدة" وبين مافيا المخدرات؟
ذلك ما لم تؤكده التقارير الأمنية والقضائية بأدلة ملموسة، فكل ما يروج له أحاديث غالبا ما تؤخذ كإعترافات لأشخاص موقوفين، ونحن نعرف ما يحدث في الزنازين ومخافر الأمن، حيث تحرر الإعترافات في دوائر مغلقة وما على المتهمين الا التوقيع بالإكراه وبالتعذيب البشع، وطبعا يراد من هذه الإزدواجية هو تبرير الحرب الشاملة على ما يسمى بالإرهاب، وأيضا يراد منه تشويه هؤلاء الذين غالبا ما يتخرجون من المحاريب والمدارس الدينية، إضافة لكل ذلك هو تخويف شبكات التهريب التي قد تتراجع عن نشاطها لما تجد نفسها في دائرة الإتهام بالإرهاب، وهنا نجد أنفسنا مضطرين للإشارة لأمر هام، وتمثل في تهريب رمال الشواطئ الذي عجزت الدولة عن مكافحة المهربين بطرق قانونية بسبب تورط الكثيرين من رجال الأمن في مساعدة هؤلاء، وهي الرشوة التي تدر عليهم بالأموال الضخمة من دون أدنى تعب أو شقاء، لذلك لجأت الى عملية مطاردتهم بتهم غالبا ما تكون "جناية عدم التبليغ عن جماعة ارهابية"، فوجد الكثيرون انفسهم من وراء القضبان في قضايا تتعلق بالإرهاب، وقد افرج عنهم في اطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية كما ذكرنا في العديد من مقالاتنا، ولهذا التخويف من التورط في قضايا تتعلق بما يسمى بالإرهاب عن طريق مثل هذه القضايا، استفادت منه السلطة في جانبين هامين:
الأول ويتعلق بإيجاد حل رادع لكل من يقترف جرم تهريب رمال الشواطئ، وإن كان هذا الفعل يلجأ إليه بسبب الأوضاع الإجتماعية المتدهورة...
الثاني ويتعلق بحشو السجون وملئها بمتهمين في قضايا هي في الأصل حق عام، وهو ما يجعل أجنحة القانون الخاص –الإسلاميين- محل مراقبة سهلة من الداخل عن طريق تجنيد هؤلاء من طرف الأجهزة الأمنية، بعدما كان من قبل يستحيل معرفة ما يدور في كواليس هؤلاء المساجين، ومما يدخل في هذا الإطار أن الإفراج عنهم في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في مارس 2006 أعطى بعض الهالة الإعلامية للسلطة، في الإفراج الفعلي عن مساجين متورطين في قضايا امنية وهو ما يراد منه، والمفرج عنهم لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالفكر الجهادي للتنظيمات المسلحة المرابطة في الجبال، لذلك لا يخشى جانبهم...
وقد كشف وزير الداخلية الجزائري من أن التحقيقات الأمنية التي أجريت حول منفذي العمليات الإنتحارية الأخيرة التي أقدم عليها ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أكدت أن 9 من أصل 11 يتعاطون المخدرات، وإن كان الوزير لم يوضح الطريقة التي تم بها الوصول الى هذا الأمر، بالرغم من أن مصالح الأمن عجزت في معرفة هوية انتحاري الثنية لما تفادى تنظيم القاعدة الكشف عن هويته الحقيقية، حيث زعمت مصادر أن اسمه سالم آيت سعيد، وغداة التفجير قال المحققون أن اسمه مصطفى بن عبيدي، ومصادر من الشرطة العلمية تزعم أن اسمه مصطفى شيباني، وفي الوقت نفسه ادعت مصالح زرهوني انه تم القبض على الخلية المتورطة في تفجير مفوضية الأمم المتحدة في 11 ديسمبر 2007 وعلى متورطين في الإعتداء على موظفي شركة البي ار سي الأمريكية، وفي ظرف قياسي حاول بلخادم وزرهوني التسويق لنجاعة وحرفية وفعالية مصالح الأمن أمام الأمم المتحدة التي ذهبت لحد تشكيل لجنة تحقيق دولية، وان كان هذا ليس موضوعنا الا انه وجب علينا التنبيه له، وحسب مصدر أمني آخر لم يكشف عن هويته لصحيفة الشروق اليومي في عددها الصادر بتاريخ: 07/01/2008 من ان المخدر يستعمل لتحويل شبان إلى آلات دمار شامل، عناصر ما يسمى بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يتحولون لترويج الكوكايين، ليضيف المصدر أنه يتم العثور على ذلك في مغاراتهم أو ما يعرف لديهم بالكازمات...
مخالب اسرائيل وأخواتها
يتردد بين كثير من المصادر الإعلامية المختلفة أن لليهود دور بارز في شبكات التهريب الدولية للمخدرات، فقد أوردت وكالات الأنباء أخبارا مختلفة نذكر مثلا توقيف عصابة من خمسة يهود من نيويورك ينتمون لشبكة عالمية لتهريب الكوكايين والهروين، وتتعامل هذه العصابة بآلاف الملايين من الدولارات تستغل كلها في عالم المخدرات، ونقلت أيضا صحيفة الشرق الأوسط نبأ القاء القبض على 17 شبكة اسرائيلية لتهريب المخدرات من بينهم 83 يهوديا، وبغض النظر عما تنقله المصادر المختلفة من الداخل الإسرائيلي مما يمكن أن نشير اليه ما أعلنته الإذاعة الإسرائيلية في جانفي 2008 من أن أكثر من 300 الف شخص في اسرائيل يتعاطون المخدرات وأن 15 الف منهم بلغوا درجة الإدمان، حسب ما نقلته وكالة أنباء البحرين في 17 جانفي 2008 ، فإن نشر المخدرات بين الدول العربية يدخل في اطار أجندة منظمة لأجل تحقيق إضعاف قدرات الشعوب العربية، وتذهب بعض المصادر الى أن ذلك مستمد من التلمود، وان اسرائيل تراقب العالم اليوم عن طريق المتاجرة بالمخدرات، بل أن اليهود يؤمنون بأن الله تعالى أمرهم بتصفية شعوب الأرض عن طريق المخدرات، وذلك حسب تقرير أذاعته قناة nbn اللبنانية التي يملكها رئيس البرلمان وزعيم حركة أمل الشيعية نبيه بري...
وفي كتاب "جواسيس جدعون... التاريخ السري للموساد" لضابط الموساد الأسبق غوردون توماس، وهو كتاب مثير فيه معلومات مهمة وخطيرة، فقد أكد مؤلفه من أن طائرة البان ام التي تفجرت فوق لوكربي، كان من ضمن ركابها ضباط يعملون في وكالة الإستخبارت الأمريكية، وقد تم العثور على إحدى حقائبهم فارغة تماما من محتوياتها، وقد تبين لاحقا أن الموساد وبمساعدة المخابرات البريطانية قامت بسرقة كل المحتويات، والمتمثلة في مستندات سرية تؤكد تورط إسرائيل في تجارة المخدرات بالشرق الأوسط وأخرى تتعلق بصفقات أسلحة إسرائيلية سرية للغاية، وأكد المؤلف توماس أن التورط في المخدرات قد تركز على إختراق الدول المجاورة، ويراد منه التخريب المعنوي والإنساني للدول العربية، هذا فضلا عن حديثه حول مشاركة ضباط متقاعدين إسرائيليين بأدوار تدريبية وإستشارية لتجار المخدرات في كولومبيا بصفة أخص...
نعود للشأن الجزائري فقد نقلت يومية النهار في عددها الصادر بتاريخ 12/11/2007 من أن اسرائيل متورطة في وصول شحنات كبيرة من الكوكايين إلى الجزائر، بل ذهبت إلى حد أن تحقيقات أمنية في تهريب الكوكايين من الجزائر نحو الشرق الأوسط عبر الحدود الليبية، كشفت بروز شبكات إسرائيلية متورطة في ذلك، واشارت التحقيقات التي قامت بها المصالح المختصة الجزائرية، الى قضية حجز 500 كغ من المخدرات في ولاية ايليزي (الجنوب الجزائري) على الحدود الليبية في نهاية أكتوبر 2007، وأيضا بالنسبة لقضية حجز 1400 كغ من الكوكايين في موريتانيا ما بين شهري ماي وأوت 2007، التي أكدت علاقة مباشرة لشبكات إسرائيلية بها... ولم يتوقف الأمر على اسرائيل بل أنه يوجد ارتباط بين شبكات في الجزائر وكولومبيا كما صرح بذلك عبدالمالك السايح المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وذلك في حوار مع يومية الخبر بتاريخ: 25/03/2007 قائلا:( كما أن هناك شبكة تنشط في كولومبيا عبر فنزويلا ولها وجود في المغرب، وحسب المعلومات المتوفرة، فإنها تهرب المخدرات نحو أوربا انطلاقا من الجزائر· وقد أوقفت مصالح الدرك الوطني شخصا له صلة مع هذه الشبكة وسبق له التعامل مع هذه الشبكة الكولومبية لمساعدتها على تمرير الكوكايين عبر الموانئ· وقد تم توقيفه نهاية شهر جانفي من السنة الجارية بالجزائر العاصمة· وحسب ما أفادت به مصالح الجمارك الإسبانية، فإنها قامت بحجز الحاوية التي كانت تحمل أدوات ترصيص والعتاد الخاص بالحمامات· والتي كانت تحوي بداخلها طنا من الكوكايين بمدينة برشلونة، كانت متوجهة نحو ميناء العاصمة).، بل ذهب الى حد التصريح من أن المافيا الكولومبية للمخدرات كانت تريد التسلل للجزائر، وقد اكتشف أمر هذه الشبكة مكتب التحقيقات الفيدرالي للولايات المتحدة الأمريكية، وحسب السايح أن الشبكة سعت لفتح فرع لها بالجزائر بعدما استقرت في المغرب: (الشروق: 12/11/2007).
الأنتربول بدوره حذر من نقل بارونات كولومبيا نشاطهم الى الساحل الإفريقي، بل ذهب الى حد التصريح بوجود طريق دولي جديد للكوكايين خلف الحدود الجزائرية، وحسب ايمانويل لوكلير وهو نائب في الشرطة الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، الذي ادلى بتصريحات صحفية في بداية نوفمبر 2007 وذلك على هامش الدورة 76 للجمعية العامة للأنتربول التي انعقدت بالمغرب وبمشاركة 580 مندوب يمثلون 140 دولة، حيث عد موريتانيا والسينغال والبينين كمركز لتفريغ شحنات الكوكايين...
وقد ذهب محمد بن عيسى مدير الارشاد الديني بوزارة الشؤون الدينية للتأكيد على أن أطراف أجنبية تقف وراء استغلال الشباب للتجارة في المخدرت: (النهار: 13/11/2007)، وقد كشفت مصادر اعلامية حول تمركز شبكات تهريب الكوكايين ومخدر "الكراك" – اخطر انواع المخدرات وهو الكوكايين المقطر – في القارة السمراء حيث جعلت منها نقطة عبور جديدة لإيصال أطنان الكوكايين إلى أوروبا والمتمركزة أساسا بدول أمريكا اللاتينية، والكميات التي عثر عليها في الجزائر وبحوزة مهاجرين أفارقة أعتبرتها المصالح الأمنية والمتابعة لشأن هذه الشبكات هي مجرد جس نبض، مع العلم أنه تم تفكيك شبكة نيجيرية تتكون من 6 أفراد ببرج الكيفان "الجزائر العاصمة" وذلك في منتصف سبتمبر 2007 وكانت تروج للكراك...
بلا شك أن كل هذه الجهات الأجنبية تقف وراء إغراق الجزائر والدول العربية الأخرى في هذه السموم، التي يراد منها فوائد كبيرة تجنى من جرائها بينها الإقتصادي وطبعا نعرف بلا شك الأرباح الكبيرة التي تدرها التجارة في المخدرات بمختلف أنواعها، وبينها أيضا السياسي حيث يتم توريط الأنظمة في قضايا كبيرة تجلب لها المتاعب في حالة عدم الرضوخ لأجندة أجنبية تخدم المصالح الإستعمارية التي صارت تحكم العالم، أمر آخر لا يمكن تجاوزه وربما هو الهدف الرئيسي للشبكات الصهيونية خاصة ويتعلق بتدمير عقيدة الإسلام في نفوس الشباب وتخديرهم حتى يتحولون إلى مجرد دمى لا يهمها ما يحدث في فلسطين أو ما يراد بهويتهم وحضارتهم وأمتهم من مؤامرات بشعة وخبيثة، وخاصة أن هذه الفئة تشكل العمود الفقري للأمم وهي المستقبل بلا أدنى شك...
يتبع
المصدر : بريد الفجرنيوز : [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.