احتضن مقر محكمة الاستئناف ببنزرت صبيحة يوم الاربعاء الماضي فعاليات حفل افتتاح السنة القضائية الجديدة 2010 2011، وقد اهتمت المحاضرة المبرمجة في الغرض بموضوع الجرائم الارهابية وغسل الأموال حيث توقف السيد «محجوب الجبالي» قاضي ناحية مجاز الباب في مداخلته عند القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 والمتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الارهاب ومنع غسل الاموال. كما توزعت هذه المحاضرة التي كانت في 16 صفحة الى مبحثين حمل المبحث الاول عنوان «آليات الردع». واهتم بمسألتي تجريم وزجر تمويل الارهاب ومبحث ثان حدد من خلاله المداخل الآليات القانونية للرقابة والتصدي والتجميد والمصادرة للأموال المخصصة لتمويل مثل هذه الظاهرة الخطيرة. وفي مستهلّ هذه المداخلة أوضح السيد «محجوب الجبالي» بأنه يُمكن تعريف جريمة غسل الاموال «بالقيام عن علم بحيازة أو نقل أو تحويل او إيداع أموال وقع الحصول عليها من نشاط غير مشروع أو المساعدة في ذلك بأي طريقة كانت بقصد اخفاء حقيقة مصدر هذه الأموال...» مضيفا في ذات السياق ان هذه الظاهرة قديمة ترتبط أساسا بالجريمة المنظمة وخاصة بجرائم المخدرات وتهريب الأسلحة وتجار الرقيق الابيض... وبأن اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة في 15/12/2000 والمعروفة باسم اتفاقية (باليرمو) قد نصت على أن يطبق تجريم غسل الأموال على جرائم المشاركة في جماعة اجرامية نظامية وجرائم الفساد وجرائم تزييف أو تزوير العملة وجرائم الارهاب والقرصنة... والذخائر والمتفجرات وسائر المواد ذات الصلة بها أوصنعها أو الاتجار بها بصورة غير مشروعة وخطف الاشخاص والاتجار بالأطفال والنساء وسرقة واختلاس الاموال العامة والاستيلاء عليها بطريق السطو أو السلب بوسائل احتيالية... الجريمة الارهابية... وجريمة غسل الأموال وبخصوص العلاقة القائمة بين جريمتي غسل الأموال والارهاب أوضح المداخل أنه بالنظر الى اتساع نطاق العلاقة بين الجريمتين المذكورتين وبروز علاقة تكاملية فقد نصت الاتفاقيات الدولية على ادراج جرائم الارهاب ضمن جرائم غسل الأموال بهدف تجفيف منابع الارهاب. هذا وأشار الاستاذ «محجوب الجبالي» في هذا الاطار الى أن جريمة تمويل الارهاب قد ساهمت في تقارب جريمتي الارهاب وغسل الاموال وهو الامر حسب وصف المتحدث الذي ألغى من أجله المشرع التونسي مقتضيات الفصل 52 مكررا من المجلة الجزائية ليكرس بسنه للقانون عدد 75 لسنة 2003 تجريم غسل الأموال في اطار قانون مكافحة الارهاب وذلك للقضاء علىمصادر تمويله... تجريم تمويل الارهاب وفي مستوى تجريم تمويل الارهاب كآلية من آليات الردع لاحظ المتدخّل بأن قرار مجلس الامن الدولي رقم 1373 يُعد من أهم الآليات التي تم وضعها لغاية التصدي للارهاب ومصادر تمويله... مضيفا بأن الفصل 68 من قانون 10 ديسمبر 2003 قد حجر توفير كل أشكال الدعم والتمويل للأطراف أو للأنشطة التي لها علاقة بالجرائم الارهابية وغير المشروعة منها على حدّ سواء... وبأن جريمة تمويل الارهاب تقوم بتوفير الأموال او بجمعها بأية وسيلة كانت لفائدة أشخاص أو تنظيمات او انشطة لها علاقة بالجرائم الارهابية. وقد يكون ذلك التوفير بالجمع كما أوضح، ذلك الفصل من ذات القانون المذكور آنفا. وفي تحديده للعلاقة القائمة بين مصدري تمويل الارهاب وغسل الاموال لاحظ المحاضر ان الفصل 62 المعرف لغسل الأموال قد جاء منسجما مع تجريم تمويل الارهاب إذ اعتبر عملية غسل الأموال: «كل فعل قصدي يهدف بأي وسيلة كانت الى التبرير الكاذب للمصدر غير المشروع لأموال منقولة أو عقارية أو مداخيل متأتية بصفة مباشرة او غير مباشرة من جنحة أو جناية... وكل فعل أيضا قصدي يهدف الى توظيف أموال متأتية بصفة مباشرة أو غير مباشرة من جنحة أو جناية او الى ايداعها او اخفائها او ادارتها أو ادماجها او حفظها أو المساعدة في ذلك. وتجرى أحكام الفقرتين المتقدمتين ولو لم ترتكب الجريمة المتأتية منها الأموال موضوع الغسل داخل تراب الجمهورية... وفي ما يتصل بالعقوبات أفاد المحاضر بأن المشرع التونسي قد ارتأى تشديد العقاب ضمانا للوقاية ومعاضدة للمجهود الدولي المتصل بمقاومة الارهاب وتجفيف مصادر تمويله وذلك عبر إقرار تجريم كل أشكال الدعم. كما جعل منها جرائم مستقلة بذاتها واعتبرها من قبيل الجنايات... حيث تناهز عقوبة مرتكب تمويل الارهاب بالتبرع او الجمع طبق الفصل 19 بالسجن من خمسة أعوام الى اثني عشرة عاما وبخطية من خمسة آلاف دينار الى خمسين ألف دينار... نظامان للمصادرة والتجميد وفي ما يتعلق باجراء التجميد كآلية من آليات المنع علاوة على الرقابة والتقصي قال السيد: «محجوب الجبالي» القاضي بناحية مجاز الباب إن قانون 2003 تضمن نظامين نظاما أول قائما على التصريح بعملية مسترابة أو غير اعتيادية الامر الذي يترتب عنه قانون تجميد الاموال الى حين تقصي حقيقتها بمقتضى اذن من لجنة التحاليل المالية. أما النظام الثاني فيصدر بإذن عن رئيس المحكمة الابتدائية بتونس بناء على طلب من الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس...