تونس 27 جويلية 2010 (وات) - يستدعي إنجاز منوال التنمية للخماسية المقبلة تحقيق معدل نمو بنسبة لا تقل عن 5ر5 بالمائة سنويا والنهوض بالقطاعات المجددة وذات المحتوى المعرفي القادرة على تشغيل أكبر عدد ممكن من خريجي مؤسسات التعليم العالي. ويتيح اعتماد الدولة للمخططات التنموية "المتحركة" مواكبة التغيرات المستمرة والمتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي واتخاذ الإجراءات اللازمة لامتصاص الآثار السلبية لهذه المتغيرات على الاقتصاد التونسي. كان ذلك أبرز ما تم التطرق إليه خلال الحوار المفتوح مع السيد محمد النوري الجويني، وزير التنمية والتعاون الدولي الذي بثته قناة تونس 7 والإذاعة الوطنية يوم الثلاثاء. وأشاد المشاركون في الحوار بالقدرة التي أظهرها الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة على التأقلم مع مختلف الأزمات التي هزت الاقتصاد العالمي متسائلين عن التدابير والإجراءات التي وقع إقرارها للتوقي من آثار هذه الأزمات ولتحقيق الأهداف الطموحة للمخطط الثاني عشر للتنمية 2010-2014 مخطط يواكب المتغيرات وفي إجابته أفاد السيد محمد النوري الجويني، أن توجه الدولة نحو اعتماد آلية المخطط المتحرك أملته التغيرات التي تطرأ من حين لآخر على الاقتصاد العالمي وضرورة التعاطي معها والتقليص من تأثيراتها على الاقتصاد الوطني أكثر ما يمكن. وبين الوزير أنه لم يعد مناسبا اليوم اعتماد مخطط تنموي ثابت دون مراجعة وتعديل ومواكبة للمتغيرات مبرزا ما يتيحه المخطط المتحرك من إمكانيات لتقييم السياسات المنتهجة واتباعها بالتصويبات الضرورية. ووصف الأهداف التنموية للمخطط الثانى عشر بأنها طموحة لأنها تأتي في وقت لم يتعاف فيه الاقتصاد العالمي نهائيا من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مشيرا إلى أن تحقيق هذه الأهداف، وبالنظر إلى الظرف الاقتصادي الدولي المتسم بنسق متباطىء، يعتبر صعبا لكنه ممكن. تسريع نسق النمو واستأثر معدل النمو الذي تضمنه منوال التنمية للخماسية القادمة وحجم الاستثمارات الجملية المبرمجة بالمخطط 12 والاعتمادات اللازمة لتمويلها ومصادر التمويل باهتمام عدد من تدخلات الحاضرين. وفى ردوده أوضح الوزير أنه يتعين خلال الخماسية المقبلة تحقيق معدل نمو سنوي لا يقل عن 5ر5 بالمائة لتلبية كامل طلبات الشغل الإضافية للخماسية القادمة والمقدرة بنحو 420 ألف موطن شغل. وذكر أن إنجاز المشاريع التي يتضمنها المخطط يتطلب تمويلات جملية بقيمة 120 مليار دينار ستكون حصة الادخار الوطني منها في حدود 73 بالمائة مبرزا في هذا السياق أهمية الاعتماد على القدرات الذاتية للبلاد والتقليص قدر الإمكان من اللجوء إلى الاقتراض الخارجي. وأعلن أنه سيتم خلال الفترة المقبلة اختيار مكتب خبرة عالمي لوضع خطة عمل تمكن من النهوض بالاقتصاد الرقمي والإسناد الخارجي في هذا المجال. وأوضح أن جهود الدولة ستتركز خلال الخماسية القادمة على دفع الاستثمار في القطاعات المجددة والرفع من عدد خريجي التخصصات العلمية والتقنية الواعدة إلى 39 ألف خريج سنة 2014 مقابل 26 ألفا فقط سنة 2009. التنمية الجهوية وتساءل عدد من الحاضرين عن أهم المشاريع المبرمج إنجازها في الجهات خلال فترة المخطط الثاني عشر، (2010-2014)، مقترحين منح الجهات مزيدا من الصلاحيات عند وضع وإنجاز المشاريع التنموية الجهوية بما يراعي خصوصياتها وإمكانياتها. وقدم السيد محمد النوري الجويني، أهم التدخلات المبرمجة خلال الفترة القادمة فى الجهات حيث أوضح أنه سيتم تخصيص 4 مليارات دينار لإقامة طرق سيارة ووصلات تربط مختلف جهات البلاد و8 مليارات دينار لإنجاز مشاريع تهم البنية الأساسية والتجهيز والاتصالات والنقل غيرها مبرزا أهمية هذه المشاريع في دفع العمل التنموي بالجهات الداخلية للبلاد. وسيتم خلال فترة المخطط استكمال إنجاز برامج التنمية المندمجة لفائدة 90 معتمدية ذات أولوية يقطنها مليونان و700 ألف ساكن إضافة إلى وضع خطة جديدة لتنمية الجهات الحدودية تهدف إلى تثبيت السكان بمناطقهم عبر إنجاز مشاريع متكاملة تسهم في تنويع القاعدة الاقتصادية وتحسين ظروف عيش المتساكنين. وفي هذا المجال ينتظر تكثيف الدراسات الاستراتيجية حول الطاقات الكامنة في الجهات وسبل تثمينها وتوسيع صلاحيات الجهات وتعزيز دورها على مستويات تصور وتحديد وإنجاز المشاريع ذات الصبغة الجهوية وإعطاء دور أكبر للعمل الجمعياتي في دفع التنمية بالجهات من خلال إمضاء عقود شراكة بين الجمعيات والمجالس الجهوية والمجالس البلدية. وردا عن استفسار متدخل حول برامج الدولة للنهوض بالطاقات المتجددة تطرق الوزير إلى المخطط الشمسي التونسي مفيدا أنه سيتم تكليف مكتب خبرة دولي بإعداد دراسات من أجل تطوير الأنشطة الاقتصادية الصديقة للبيئة. كما ذكر في سياق متصل بأن تونس ترتبط اليوم بعدة اتفاقيات مع دول رائدة عالميا في مجال الطاقات المتجددة مثل اليابان وألمانيا فرنسا وإسبانيا. التعاون الدولي وحظى باب التعاون الدولي وعلاقات تونس الاقتصادية بالخارج بنصيب وافر من اهتمامات المتدخلين الذين تساءلوا بالخصوص عن تداعيات أزمة منطقة الأورو على تونس ومفاوضات الشريك المتقدم مع الاتحاد الأوروبي وآفاق التوسع التجاري التونسي في الخارج وتطوير التعاون الفني مع البلدان الصديقة والشقيقة. وفي رده أبرز السيد محمد النوري الجويني قدرة تونس على "التعامل الإيجابي" مع هذه المتغيرات مشيرا إلى أنه من الطبيعي أن تكون لأزمة الأورو تأثيرات على تونس باعتبار أن البلاد تجري 75 بالمائة من مبادلاتها التجارية الخارجية مع الاتحاد الأوروبي شريكها الاقتصادي الأول. ولاحظ أنه بالرغم من أهمية هذه المبادلات فإن حصة تونس في السوق الأوروبية لا تتعدى 1 بالمائة مما يعني أن هناك هامشا وإمكانيات كبيرة للتوسع التجاري في السوق الأوروبية واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأوروبية الكبرى نحو تونس وتطوير التعاون الفني والبحث العلمي مع دول الاتحاد الأوروبي. وأضاف أن تونس تعمل على تنويع شركائها وعلاقاتها الاقتصادية مع عديد الدول والمناطق في العالم حتى لا تبقى علاقاتها مرتبطة بشريك اقتصادي واحد. وبخصوص مفاوضات تونس مع الاتحاد الأوروبي للحصول على مرتبة الشريك المتقدم للاتحاد أفاد الوزير أن الملف الذي قدمته تونس منذ أشهر إلى الاتحاد الأوروبي كان محل إشادة من قبل المفوضية الأوروبية. وفي سياق متصل أشار الوزير أن نحو 10 آلاف إطار تونسي يعملون في الخارج ضمن اتفاقيات تعاون فني مع دول شقيقة وصديقة وأن الكفاءة التي أظهرتها الإطارات التونسية دفعت كثيرا من المؤسسات العالمية إلى التعامل مع تونس ضمن برامج تعاون ثلاثي مضيفا أنه يتم في تونس تأطير كثير من كوادر دول صديقة وشقيقة. وأكد الوزير فى الختام أهمية تجند كل الفاعلين من حكومة ومجتمع مدنى ومواطنين لتحقيق الأهداف الطموحة التي يتضمنها المخطط الثاني عشر للتنمية الذي يمثل أداة لتجسيم برنامج رئيس الجمهورية "معا لرفع التحديات" الذي ستدخل به تونس مرحلة جديدة بأهداف نوعية تؤمن استحثاث مسيرة التطوير والتحديث وتسريع نسق الإنجاز في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.