تونس 11 سبتمبر 2010 (وات- تحرير بهيجة بلمبروك) - تتميز تجربة تونس في مجال النهوض بالمرأة والتشريع لحقوقها بالريادة والفرادة في محيط البلاد الحضاري والثقافي مثلما تشكل تلك التجربة بفضل الإرادة السياسية الثابتة لقيادة البلاد مسيرة متكاملة من الإثراء المتواصل والدعم المطرد لمكاسب المرأة ومكانتها في الأسرة والمجتمع وفي الحياة العامة. وضمن مسيرة الإثراء تلك تتنزل الأهداف والمشاريع الطموحة التي أدرجها الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه للمرحلة القادمة "معا لرفع التحديات" والذي يشكل خارطة طريق لكسب رهانات المستقبل والمضي بوتيرة أسرع في مسار الارتقاء بتونس إلى مراتب الأمم المتقدمة وفرصة متجددة لتثبيت النقلة النوعية التي تعيشها المرأة التونسية وتعزيز مكانتها في شتى المجالات في ظل المشروع الحداثي لتغيير السابع من نوفمبر المبني على قيم الشراكة والمساواة وتكافؤ الفرص. وقد خص البرنامج الرئاسي للفترة 2009-2014 المرأة بمكانة متميزة تفتح أمامها آفاقا أرحب للارتقاء إلى مواقع القرار والاضطلاع بمسؤولياتها وفي توطيد روابط الأسرة وتماسك المجتمع والمشاركة النشيطة في الحياة العامة. ويمثل تجسيم أهداف هذا البرنامج في حد ذاته تحديا تقع مسؤولية رفعه على مختلف الأطراف والهياكل المتدخلة. وضمن هذه الديناميكية تم في إطار العمل على دعم حضور المرأة في مواقع القرار لبلوغ نسبة 35 بالمائة على الأقل عوضا عن 30 بالمائة، بالنسبة للقطاع العمومي، تكليف مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة "الكريديف" بانجاز دراسة حول واقع حضور المرأة بالإدارة فضلا عن وضع برنامج لتقليص الفجوة بين الجنسين مبني على مبدأ تكافؤ الفرص. كما ينصرف العمل في ذات الإطار إلى تحيين سجل الكفاءات النسائية في القطاع العمومي بصفة دورية للاستئناس بها عند إسناد المسؤوليات والعمل على الارتقاء بنسبة حضور المرأة في اللجان الإدارية المتناصفة الى نسبة 35 بالمائة على الأقل مع موفى سنة 2014 فضلا عن العمل على تحسين تواجد العنصر النسائي في مجال الادارة ومجالس المؤسسة بالمؤسسات والمنشآت العمومية لبلوغ نسبة 35 بالمائة على الأقل مع موفى سنة 2014 . وفي إطار ترسيخ ثقافة النوع الاجتماعي تتجه الجهود إلى اعتماد مبدا تكافؤ الفرص بين الجنسين في مجالي التكوين والرسكلة لأعوان وإطارات الوظيفة العمومية على امتداد المسار المهني إضافة إلى الارتقاء بقدرات آلية رصد أوضاع المرأة بالكريديف وتكليفها بمتابعة تنفيذ السياسات الوطنية في مجال تكافؤ الفرص بين الجنسين. وأقرالبرنامج الرئاسي من ناحية أخرى ضرورة حفز القطاع الخاص والمجتمع المدني على مزيد دعم دور المرأة ومكانتها على مستوى المسؤوليات، لذا سيتم انجاز دراسة تكون جاهزة اواخر سنة 2011 حول تواجد المراة في مواقع القرار للاستئناس بنتائجها من قبل الهياكل المهنية بما يساعد على تقليص الفجوات بين الجنسين ووضع سجل للكفاءات النسائية في القطاع الخاص وفي الحقل الجمعياتي. ومن جهة أخرى وبنفس الحرص شهدت أوضاع المرأة الريفية خلال العشرية الأخيرة (1999- 2009) تطورا ملحوظا بفضل العناية التي تلقاها من لدن رئيس الدولة والتي تجسمت خاصة في إقرار خطة وطنية للنهوض بأوضاعها إضافة إلى الإجراءات والآليات الميسرة لإدماجها في التنمية مما أسهم في تطور نسبة النشاط لدى النساء في الريف الى حدود 20 فاصل 1 بالمائة وارتفاع حجم التمويلات لبعث مشاريع اقتصادية لفائدة المرأة الريفية لتستأثر سنة 2009 بنسبة 26 فاصل 8 بالمائة من اجمالي تدخلات البنك التونسي للتضامن على مستوى المشاريع المنتجة مع العمل على بلوغ 35 بالمائة في أفق سنة 2014 . وجاء البرنامج الرئاسي للفترة القادمة ليعزز هذه المكانة ويدعم المنجز من خلال وضع خطة متكاملة لمزيد النهوض بالمراة الريفية تعتمد بالأساس على الحد من التسرب المدرسي لدى الفتيات في الريف من خلال إنجاز دراسة على امتداد سنتي 2010-2011 حول الانقطاع المدرسي للوقوف على أسبابه ووضع برنامج تدخل بالمناطق ذات الأولوية للحد من هذه الظاهرة في هذه الأوساط ودعم الجمعيات لمعاضدة جهود الدولة للتعهد والإحاطة بالتلاميذ في المناطق الريفية ذات الأولوية. أما في إطار تقليص نسبة الأمية لدى المرأة الريفية يتم العمل على ملاءمة التأهيل المهني لفائدة المنتفعات بالبرنامج الوطني لتعليم الكبار لتمكينهن من بعث مشاريع وتعميم تأهيل مراكز الفتاة الريفية بما يدعم اندماجها الاجتماعي والاقتصادي وانجاز تقييم دقيق لبرامج التكوين المهني بها من حيث مواكبتها لتطور حاجيات سوق الشغل وذلك قبل موفى سنة 2011. كما أكد البرنامج الرئاسي على إيلاء عناية أكبر لصحة الأم والطفل في الوسط الريفي من خلال دعم الجمعيات الناشطة في الوسط الريفي للعمل على توعية المرأة الريفية في المناطق ذات الأولوية. أما في إطار تكثيف برامج التثقيف بالمناطق الريفية لنشر ثقافة حقوق المرأة والأسرة فإنه يجري العمل على وضع خطة إعلام واتصال وتثقيف لنشر ثقافة حقوق المرأة والأسرة في الوسط الريفي تهدف بالخصوص الى دعم وتطوير قدرات المتدخلين الميدانيين في مجال نشر ثقافة حقوق المراة في التعلم والصحة والشغل وتكافؤ الفرص بين الجنسين. ومن شأن مختلف هذه الإجراءات أن تعزز المكاسب التي تحققت لفائدة المرأة التونسية واهلتها لاقتحام مختلف الميادين والقطاعات بكفاءة واقتدار وأتاحت لها فرص الإسهام الفاعل في دفع مسيرة التنمية وتكريس شراكتها الكاملة مع الرجل، وهو ما يعد مبعث فخر واعتزاز لكل التونسيين. وإنها لمزية كبرى تحسب للمرأة التونسية تتمثل في كونها قد برهنت على أنها أهل للمنزلة الرفيعة التي بلغتها، وأكدت قدرتها على النجاح والتألق وتوفقت في الأخذ بأسباب الحداثة والتطور في انسجام كامل مع خصوصياتها ومقومات هويتها الوطنية بما جعل النموذج التونسي في هذا المجال محل إعجاب وتقدير إقليميا ودوليا. ويعد في هذا السياق التعاطي النوعي للرئاسة التونسية لمنظمة المرأة العربية في شخص السيدة ليلى بن علي حرم رئيس الدولة، مع قضايا المراة العربية وما تميزت به من مبادرات وانجازات، خير مترجم لتألق التجربة التونسية وريادتها في مجال النهوض بالمرأة وتعزيز اسهامها في مسارات التنمية.