تونس 27 أكتوبر 2010 (وات/تحرير بهيجة بلمبروك) - يستأثر موضوع التنمية المستدامة منذ سنوات عديدة بأهمية متزايدة على الصعيد العالمي نتاج وعي دولي متنام بأن التنمية الحقيقية هي تلك التي تخدم الانسان في الحاضر وتصون حظوظ أجيال المستقبل بما يعنيه ذلك من استخدام رشيد لموارد الطبيعة وحرص على حماية البيئة من افات التلوث والتدهور المضر بمحيط عيش الإنسان. وتجاوزت التنمية المستدامة في مفهومها وابعادها الجوانب البيئية لتشمل الجوانب البشرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وخاصة تلك المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وبالصحة والنهوض الاجتماعى والتعليم والتصرف فى الموارد وتحقيق الامن والسلام كمتطلبات جوهرية لتثبيت مقومات التنمية المستدامة. وتزامن تطور مسار التنمية المستدامة مع ما سجلته العقود الاخيرة من تنام لمكانة المراة في التنمية وتفاعلها مع كل المستجدات ذات العلاقة بقضايا النهوض بها كشريك اساسي في عملية التنمية بكل ابعادها شريك في الانجاز وفى اتخاذ القرار وفى الاستفادة من ثمار التنمية. وقد واكبت المجتمعات العربية مختلف هذه المسارات في ديناميكية حثيثة وشهدت المنطقة حركية ملموسة في هذا الاتجاه خاصة منذ انعقاد اول قمة للمراة العربية بالقاهرة خلال شهر نوفمبر 2000 وانشاء منظمة المراة العربية الا ان مقاربة هذه المواضيع من منظور المراة كفاعل اساسي في رفع رهانات التنمية المستدامة يكتسى اهمية خاصة وملحة سيما في هذه المرحلة الدقيقة التي يشهد فيها العالم والبلدان العربية تحولات عميقة وتواجه فيها الانسانية تحديات كبيرة خاصة على أصعدة الحد من الفقر ووقف النزاعات المسلحة وتكريس المساواة بين الجنسين. ومن هنا تتجلى اهمية اختيار موضوع //تشريك المراة العربية شرط اساسي في استدامة التنمية// شعارا للمؤتمر الثالث لمنظمة المراة العربية الذى تحتضنه تونس باعتباره عنوان ارادة في دعم مكانة المرأة كشريك رئيسي في التنمية بأبوابها المختلفة. ويعد اختيار هذا الموضوع برهانا على تنامي الوعي العربي بان اوضاع المراة بالمنطقة بلغت درجة من التطور تؤهلها للاضطلاع بادوار اكبر في الشأن العام والتنموى. كما يبرز هذا الاختيار ايمان المجموعة العربية مجتمعة بان تعزيز مشاركة المراة السياسية والتنموية يقتضي التزاما اكبر على مستوى تعميم المقاربة حسب النوع الاجتماعي وممارسة تمييز ايجابي لصالح المراة يرفع من مستوى مشاركتها في الحياة العامة والسياسية وفي مجهود التنمية. وتبرهن مصادقة الاجتماع الرابع للمجلس الاعلى للمنظمة يوم 25 جوان 2009 بتونس على موضوع المؤتمر الثالث باقتراح من السيدة ليلى بن علي على ادراك الرئاسة التونسية للمنظمة للاهمية الحيوية للقضاء على كافة اشكال التمييز ضد المراة وتجاوز العقبات التي ماتزال تحول دون تمكينها من ممارسة حقوقها واداء واجباتها في كنف المساواة والشراكة مع الرجل باعتبار أنه //لا معنى ولا استدامة للتنمية دون تساو في الحظوظ بين الجنسين// كماتقول سيدة تونس الاولى. وتكتسي مسالة تشريك المراة في مسارات التنمية اهمية خاصة في العالم العربي باعتبار محدودية فرص النساء العربيات في هذا المجال مقارنة بنظيراتهن في انحاء كثيرة من العالم فعلى الرغم من ان النساء يمثلن 50 بالمائة من سكان الاقطار العربية فان مشاركتهن في الحياة السياسية والعامة وفرص ارتقائهن الى مواقع القرار والمسؤولية لاتزال متدنية. ولعل غيابهن الكلي او النسبي عن البرلمانات من اجلى مظاهر ذلك اذ لايزال معدل تواجدهن في البرلمانات العربية في حدود 5 فاصل 8 بالمائة وهي من اقل النسب في اسيا وافريقيا والمحيط الهادى كما لاتزال مشاركتهن في هيئات صنع القرار العربية دون المامول. كما تتعرض المراة العربية الى معوقات تشريعية تحد من فرص مشاركتها المتكافئة في الحياة العامة والسياسية وتواجه فجوات عديدة على مستوى التشريع والممارسة اضافة الى انها تعد ضحية صورة نمطية دونية لاتزال الكثير من وسائل الاعلام تكرسها وتساهم في ديمومتها. وقد كانت تونس واحدة من اوائل الدول العربية التي استجابت للدعوة التي وجهتها الاممالمتحدة لبعث اليات حكومية تعمل على ارساء المساواة بين الجنسين وأدركت مبكرا التلازم المتين بين ثنائية التنمية والديمقراطية وتسنى لها بفضل نهج اصلاحي نير التزمت به تنقية التشريعات الوطنية من كل اشكال التمييز ضد المراة وضمان تكافؤ الفرص امام العنصر النسائي. ويهدف هذا المؤتمر الذى سيمثل منطلقا لبلورة رؤية عربية مستقبلية موحدة حول المستوى المطلوب لمشاركة المرأة العربية في مسار التنمية الشاملة الى التوعية بالابعاد المتصلة بمفهوم التنمية المستدامة ومسارتها كأولويات ضرورية لاستمرار بقاء الانسان وتحقيق المساواة والعدالة بين الاجيال والافراد وترسيخ مبدا الشراكة من خلال ابراز اهمية دور المرأة ومكانتها سواء على صعيد صياغة القرار او التصرف في الموارد والاستفادة من ثمار التنمية.