مدنين 10 مارس 2011 (وات /تحرير روضة بوطار) جمعتهم نفس الظروف فمن جوع يتهددهم وموت يداهمهم هربوا تاركين كل شيء وراءهم ليلتقوا في نفس المكان في مخيم للاجئين بعد ان عبروا من ليبيا الى تونس عبر منفذ راس جدير بالجنوب التونسي. كانت مدة اقامة بعضهم قصيرة اقترنت بسرعة رد فعل حكوماتهم وبحجمها اقتصاديا وسياسيا فلم يعيشوا حياة المخيم بظلمة لياليه وطول نهاره . ولكن الكثيرين من اللاجئين فقد طالت اقامتهم بمخيم "الشوشة" لتصل الى 6 ايام بالنسبة للمصريين في الايام الاولى لبداية توافد اللاجئين عبر معبر راس جدير ليتجاوز هذه المدة حاليا الصوماليون والبنغال الذين يمثلون 88 بالمائة من عدد لاجئي المخيم. وتتشابه وتيرة حياة اللاجئين داخل المخيم فاما ملازمة الخيمة واختيار البحث عن الراحة البدنية امام تعب نفسي يعانونه او الاصطفاف في طوابير طويلة لاجل اخذ ما ياكلونه ولترقب اسمائهم للرحيل نحو بلدانهم. وقد اختار البعض الاخر ان يجعل لحياته داخل المخيم مشغلا يلهيه وينسيه ظروفه القاسية فالتحق بجموع المتطوعين يمد يد المساعدة في أي عمل يفيد المجموعة ليشارك في نظافة المحيط وجمع الفضلات في اكياس من البلاستيك وضعت بكثافة على الذمة او في تنظيم الطوابير والدعوة الى حسن التنظيم واحترام قواعد النظافة وحفظ الصحة. وهذا هو حال "محمد اسلام" البنغالي الذي ميزه عن ابناء جاليته اتقانه اللغة العربية لينسق مهمة التواصل غير مكترث لموعد رحيله او حتى بقائه بل هو مستعد لان يتنازل عن دوره في الرحيل لغيره وان اقتضى الامر ان يبقى الاخير في العودة . وخلافا ل"محمد" فان كثيرين يعيشون هاجس الرحيل وهو ما خلق لديهم تازما نفسيا دفع ببعضهم الى الالتحاق بطبيب نفسي للمعالجة ويقول الدكتور المغربي "قاسم مصطفى" عن الوضعية النفسية لمن يفد عليه من اللاجئين انها "حالات اكتئاب حاد نتيجة معاناة متراكمة من ليبيا لما تعرضوا له من نهب وسطو وعنف وسجن تفاقمت مع حيرتهم في الرحيل". ورغم تشابه الاوضاع تظل نفسية عديد اللاجئين كما عاينت ذلك نراسلة /وات/ بمدنين مستقرة بحسب قوة شخصياتهم لتقف في هذا المخيم على عدة سلوكيات وتصرفات فترى من يلعب كرة القدم في مباراة تجمعهم في ملعب وضعه على ذمتهم الجيش الوطني واخرون في الهواء الطلق يستحمون رغم وجود الادواش وبعضهم مستلقى على الارض تحت شجرة يتامل الحركة وهي غير منقطعة اما المراة في مخيم اللاجئين بالشوشة فلها عالمها الخاص داخل الخيمة الواحدة او بين الخيام المتقابلة فهي لا تغادر خيمتها الا لمرات قلائل في اليوم ف"فاطمة" الصومالية تقول "اننا نلازم خيمتنا ولا نبرحها الا لزيارة الطبيب فنحن هنا لا نجد ماذا نفعل ولا اين نذهب فهذه الخيمة تجنبنا حرارة اشعة الشمس والرياح فنخير البقاء فيها نتبادل الحديث او النوم". المراة او الرجل او الطفل او المسن في مخيم الشوشة كغيره من مخيمات اللاجئين ظروفهم واحدة وهدفهم واحد هو العودة الى ارض الوطن لكن يختلف كل لاجئ في تعامله وتعايشه مع الوضع فهو اما متفائل في المستقبل او متشائم منهار وعلى حسب طريقة التعامل مع الوضع تسير نسق الاحداث داخل المخيم .