تونس 13 ماي 2011 (وات) - طرح خبراء اقتصاديون في البنك الافريقي للتنمية يوم الخميس في اللقاء الذي نظمه البنك حول "أي آفاق اقتصادية لتونس ما بعد الثورة " ثلاث فرضيات رجحت الاكثر تفاؤلا منها بلوغ نسبة نمو الناتج الداخلي الخام 6ر3 بالمائة سنة 2011 فيما توقعت الاشد تشاؤما نموا بطيئا بنسبة 5ر2 بالمائة سلبي بينما تنبأت الفرضية الوسطى والتي يؤيدها البنك نموا بنسبة 1ر1 بالمائة هذه السنة. وذكر السيد مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي التونسي "ان تونس ما بعد الثورة تمر بمرحلة تتسم بعدم وضوح الرؤية وتتعدد فيها الاسباب منها السياسية والجيوسياسية والاقتصادية /الوطنية والدولية/". ويتعين حسب رايه اعتماد المقاييس المعمول بها عند التصرف في المخاطر المتصلة بالسياسات النقدية والميزانية مضيفا ان تونس "مقبلة على مرحلة حاسمة خلال الاشهر الثلاثة القادمة.. ولا بد من الاستعداد لتحليل كل الاخطار المحتملة تفاديا لكل الانزلاقات..خاصة وان الحكومة اعتمدت كل الوسائل المتوفرة لديها والمتعلقة بموارد الميزانية والنقدية وكذك بميزان الدفوعات والقدرة التمويلية للبنوك" . واكد في رده على سؤال حول المديونية، "ان ابواب القروض ستغلق في وجه تونس في حال عدم تسديد ديونها واعتبر ان الجهود في الظروف الراهنة تتركز على خلاص هذه الديون". واوضح محافظ البنك المركزي في تعليقه على التساؤلات العديدة التي اثارت مسالة القطاعات ذات نسبة النمو المرتفعة في تونس "ان هناك مشكلة تتعلق بتحديد انموذج النمو في البلاد" و"ان تونس بلغت درجة من النضج تمكنها من تامين انتقالها نحو منوال تنمية جديد". وابرز السيد متولي نكوبا، نائب رئيس البنك الافريقي مكلف بالشؤون الاقتصادية، الامكانيات الهامة التي تتوفر عليها تونس على مستوى المؤسسات الصغرى والمتوسطة قائلا "ان البلاد تمتلك تجربة كبيرة في مجال التكنولوجيات الحديثة لا سيما منها شركات الاعلامية المتمركزة في قطب الغزالة". واضاف ان البنك الافريقى للتنمية يتعهد بتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة الناشطة في هذا الميدان اضافة الى المشاريع الكبرى في مجال البنية التحتية /طرقات وطرقات سيارة وتنوير/. ولاحظ من جهة اخرى، ان تراجع تصنيف تونس في مجال القروض اثر سلبا على قدرة البنوك على الترفيع في خطوط اعتماد القروض وفي الاثناء سجل انخفاض في مطالب القروض على المستوى المحلي. واعرب نائب رئيس البنك الافريقي عن تفاؤله بخصوص ارساء الديمقراطية في تونس مقترحا ان يتم تبنى نظام مماثل لنظام افريقيا الجنوبية لانجاح هذا المسار. وأبدى السيد عبد العزيز درغوث، رئيس مركز الباعثين الشبان "حيرته" لإحداث عدد كبير من الأحزاب السياسية في تونس معبرا عن الامل في أن يتم في المقابل بعث عدد كبير من المؤسسات الاقتصادية. واشار الى أن رؤساء المؤسسات الاقتصادية عملوا خلال فترة حكم الرئيس المخلوع لفائدة عائلتين في الحكم. ولدى تطرقه إلى الوضع الاجتماعي لاحظ أن "كثيرا من ارباب العمل أخطؤوا لأنهم لم يتحاوروا قط مع مواردهم البشرية" متسببين في إحداث "هوة" بين الجانبين. وأشار إلى ان بناء المستقبل مرتبط بدرجة الثقة بين مختلف الشركاء الاجتماعيين (العمال والمؤسسات والاداراة...) ولخص نقاط ضعف الاقتصاد الوطني في صناعة قائمة على المناولة وسياحة تمر بصعوبات وفلاحة تقليدية وقطاع خدمات بصدد التشكل وإدارة فاسدة وموارد بشرية غير مؤهلة بالشكل المطلوب. واعتبر أن بناء تونس ديمقراطية ومنفتحة يستدعي خلق الثروة وتجديد المؤسسات المهنية ونشر قيم الحوكمة والشفافية وتنقية مناخ الاعمال. وقال "بفضل بورقيبة استثمرت تونس في المرأة، ولبناء المستقبل يجب المواصلة على هذا الدرب". وتحدث السيد ألويسيوس أوردو نائب رئيس البنك الافريقي للتنمية عن الوضع المعقد السائد في تونس اليوم مؤكدا اهمية احداث المؤسسات سواء العمومية أو الاقتصادية والاجتماعية وتلك الناشطة في مجال تقديم الخدمات للمواطنين. وفي ما يتعلق بمؤسسات التنمية تطرق الى الشراكة القائمة بين الحكومة التونسية والجهات المانحة (البنك العالمي والاتحاد الاوروبي وفرنسا ودول اخرى صديقة لتونس...) لافتا إلى أن ما تحصل عليه تونس من مساعدات من هذه الجهات يتم توجيهه لتمويل مشاريع بنية تحتية ولحل مشاكل التهميش والبطالة في المناطق الداخلية. من جانبه قال محمود بن رمضان استاذ جامعي في العلوم الاقتصادية إن فترة الانتقال الديمقراطي تبعث على "القلق" باعتبارها مرحلة "تحطيم نظام قديم". وذكر بأن الثورة صنعها شباب الجهات المحرومة وأن تحقيق السلم الاجتماعية يمر عبر ايجاد حلول (تنموية) لمشاكل أبناء هذه الجهات. وختم بأن مستقبل تونس رهين ثلاثة عوامل هي تطور الوضع في ليبيا المجاورة والقدرة على اجراء انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في ظروف طيبة ومضي تونس قدما في سياسة الانفتاح الحضاري والاقتصادي.