* الرفع من حجم المساعدات الإنمائية الموجهة إلى الدول النامية * تشجيع الاستثمار في الفلاحة وفي مجال البحث العلمي روما 16 نوفمبر 2009 (وات) توجه الرئيس زين العابدين بن على بكلمة إلى مؤتمر القمة العالمي حول الأمن الغذائي والوضع الغذائي في العالم الملتئم ايام 16 و 17 و 18 نوفمبر بالعاصمة الايطالية روما. وفى ما يلى نص هذه الكلمة: "بسم الله الرحمان الرحيم السيد رئيس المؤتمر أصحاب الجلالة والفخامة أصحاب المعالي والسعادة السيد الأمين العام للأمم المتحدة السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة السيد المدير العام لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة إن من دواعى الارتياح والسعادة ان نلتقى مجددا في هذا المؤتمر المتميز الذي يمثل امتدادا لقمتين كنا عقدناهما سنتى 1996 و2002 لنواصل النظر في قضية الأمن الغذائي باعتباره تحديا جسيما للبشرية قاطبة وأحد أهم مقومات الاستقرار والتنمية في العالم. وأود في البداية أن أتوجه بعبارات التقدير والثناء الى الدكتور جاك ضيوف المدير العام لمنظمة الاممالمتحدة للاغذية والزراعة لما يبذله من جهود قيمة على رأس المنظمة ولمبادرته بالدعوة الى عقد هذه القمة. كما اتقدم بالشكر الى الحكومة الايطالية الصديقة على حفاوة الاستقبال. أصحاب الجلالة والفخامة حضرات السادة والسيدات ينعقد مؤتمرنا هذا في ظرف يتسم بتراجع أوضاع الأمن الغذائي في العديد من مناطق العالم حيث بلغ هذه السنة عدد السكان الذين يعانون من نقص في التغذية قرابة مائة مليون نسمة وتجاوز عدد الجوعى لأول مرة في التاريخ عتبة المليار نسمة. ولاشك أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية كانت من بين العوامل التي زادت في تفاقم هذه الأوضاع وأدت إلى تقلص الاستثمارات الخارجية المباشرة وانخفاض الطلب في الأسواق التي تستقطب نسبة كبيرة من صادرات البلدان النامية. يضاف الى ذلك ارتفاع مشط لأسعار المنتوجات الفلاحية أعاق هذه البلدان عن توفير الغذاء الكافي لسكانها. ولئن سجلت أسعار المواد الأساسية تراجعا نسبيا خلال السنة الحالية فإنها بقيت مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل اندلاع الأزمة. ونحن مدعوون الى تكثيف جهودنا وتنسيق برامجنا من أجل تعزيز الآليات الكفيلة بمواجهة الأزمات الغذائية الطارئة. وفي هذا السياق نجدد دعوتنا الى تفعيل الصندوق العالمي للتضامن الذي كنا اقترحناه على الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم إقراره بالاجماع سنة 2002 لكى يسهم بدوره في الحد من مظاهر الفقر والجوع في العالم. ويتيح لنا هذا المؤتمر فرصة سانحة لتقويم ما تم تحقيقه في مجال الأمن الغذائي العالمى ولا سيما في ما يتعلق بالاهداف التي رسمناها لأنفسنا خلال القمة العالمية للأغذية وقمة الالفية للتنمية حتى نتمكن من اتخاذ القرارات المناسبة التي تساعدنا على دعم الانجازات الحاصلة والرفع من نسقها وارساء تنمية فلاحية مستدامة في كل انحاء العالم. إن أوضاع الغذاء في عصرنا تبعث على الانشغال وتحفزنا إلى تشجيع الاستثمار في الفلاحة وتطوير آلياته على غرار ما تم اقراره في قمة الدول الافريقية بمابوتو سنة 2003 عندما وقع تخصيص ما لا يقل عن 10 بالمائة من ميزانيات هذه الدول لفائدة القطاع الفلاحي. كما أن الدول المانحة والجهات الممولة مدعوة الى الرفع من حجم المساعدات الإنمائية الموجهة الى الدول النامية أسوة بالقرارات الجريئة التي اتخذتها قمة مجموعة الثمانية في لاكيلا خلال شهر جويلية 2009 والقاضية برصد عشرين مليار دولار على امتداد ثلاث سنوات لدعم النشاط الفلاحي بالدول المعنية. ونحن نتطلع الى ان تفضى المفاوضات الجارية في اطار المنظمة العالمية للتجارة حول تحرير تجارة المنتوجات الفلاحية الى فتح آفاق جديدة امام الدول النامية للنفاذ الى الأسواق الخارجية. ونظرا الى التأثيرات المباشرة للتغيرات المناخية وما تحدثه من خلل في توازن المنظومات البيئية والسياسات الزراعية والأمن الغذائي العالمي عامة فإننا نؤكد الحاجة الى تكثيف الاستثمار في مجال البحث العلمي حتى يواكب هذه التغيرات ويوجد الحلول المناسبة لها. كما نأمل ان يتوصل المؤتمر الخامس عشر للدول الأعضاء في اتفاقية الاممالمتحدة للتغيرات المناخية والاجتماع الخامس للدول الاعضاء في بروتوكول كيوتو المزمع عقدهما بكوبنهاغن في ديسمبر المقبل الى بلورة برنامج تدخل حاسم يساعد على معالجة آثار هذه الظاهرة. ونحن ندعم المقترح المتعلق بالارتقاء بلجنة الأمن الغذائي العالمي الى المستوى الوزاري. كما نعبر عن تأييدنا لإقامة شراكة عالمية من اجل فلاحة متطورة ومزدهرة وامن غذائي شامل ودائم. وقد وضعت تونس قضية الأمن الغذائي في صدارة أولوياتها وقامت بإصلاحات عديدة في المجال أهمها ما تعلق بتحسين الأوضاع العقارية للمستغلات الفلاحية وحفز الاستثمار الفلاحي وتطوير مؤسسات البحث والإرشاد والتكوين والنهوض بحياة السكان بالمناطق الريفية ودعم دور المرأة التنموي في هذه المناطق مع تعبئة الموارد المائية وترشيد استعمالها واقامة شبكة من السدود والبحيرات الاصطناعية. وقد سجلت تونس نتائج متميزة في القطاع الفلاحي فبلغ معدل النمو 3 بالمائة في السنوات الاخيرة وحافظ قطاع الفلاحة على مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 12 بالمائة وعلى تعزيز دوره فى النمو الاقتصادي وفي خفض نسبة الفقر الى 3 فاصل 8 بالمائة بعد ان كانت في حدود 12 بالمائة خلال الثمانينات فضلا عن رفع معدلات الاكتفاء الذاتي وتعزيز الامن الغذائي. السيد الرئيس حضرات السادة والسيدات إن تونس شديدة الحرص على دعم التعاون والتضامن الدوليين من اجل تجسيم الاهداف الطموحة التي رسمتها المجموعة الدولية وفي مقدمتها الأمن الغذائي باعتباره غاية إنسانية مصيرية نعمل جميعا على تحقيقها خدمة للسلام والاستقرار والتنمية في العالم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."