باستثناء حكومتي محمد الغنوشي اللتان لم تعمرا طويلا إثر الثورة التونسية، تداولت على السلطة سبع حكومات تشكّلت من ستة أحزاب، فضلا عن العشرات من الشخصيات السياسية المستقلة. وتراوح التزام هذه الحكومات بالتصريح بالممتلكات، وفق الوثائق التي حصلت عليها منظمة "أنا يقظ" من دائرة المحاسبات التي أصدرت تقريرا في الغرض نورده، بين حد أدني ناهز 12% وحد اقصى بلغ 86.% (مع ما تخلل بعض النسب المائوية، والتي تبدو مرتفعة، من إخلالات بتجاوز التصريح بالمكاسب للآجال القانونية سواء عند تولي الوزراء مهامهم أو عند مغادرتهم). أما الأحزاب التي تعاقبت على الحكم فقد آلت أعلى نسبة تصريح بالممتلكات لحركة النهضة، وذلك ب 80%، في حين احتل حزب الاتحاد الوطني الحر اخر الترتيب بنسبة 25% فقط. واعتبرت "أنا يقظ" أن حكومة الباجي قائد السبسي هي الأقل تصريحا بالممتلكات ولم يهتم أعضاء الحكومة الاثنين والثلاثين بمسألة التصريح بالممتلكات، إذ عدا أربعة وزراء (وزير العدل لزهر القروي الشابي ووزير الشؤون الدينية العروسي الميزوري ووزير أملاك الدولة أحمد عظوم وكاتب الدولة المكلف بالبيئة سالم حمدي)، المصرحين بمكاسبهم، وذلك بنسبة 12.5% فقط، لم يكلف أي وزير آخر نفسه للتصريح بمكاسبه بما فيهم رئيس الحكومة آنذاك الباجي قايد السبسي. بل شابت تصريحات هؤلاء الوزراء الأربعة اخلالات قانونية بما ان اثنين منهم (الازهر القروي الشابي والعروسي الميزوي) اكتفيا بالتصريح عند المباشرة فقط، في حين تجاوز احمد عظوم الآجال القانونية للتصريح بالممتلكات عند المباشرة بسبعة أشهر كاملة، ما يعنى احترام وزير وحيد (سالم حمدي) للآجال القانونية عند التصريح. وأوضحت المنظمة أنه يفترض أن يقيل رئيس الحكومة نصف وزرائه بسبب عدم تصريحهم بممتلكاتهم عند المباشرة مع اجراء رقابة على تصرفات اكثر من نصف تشكيلته الحكومية جراء خرقهم قانون عدد 17 المنظم للتصريح بالمكاسب. الملاحظ أيضا في حكومة الباجي قايد السبسي، تضمنها وزراء التحقوا فيما بعد بحزب نداء تونس الذي اسسه قايد السبسي، واشتركوا جميعهم في خرق القانون عدد 17 المتعلق بالتصريح بالممتلكات، فلا وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك محمد الناصر أو وزير التربية الطيب البكوش أو وزير التشغيل والتكوين المهني سعيد العايدي أو الوزير المعتمد لدى الوزير الأول رافع بن عاشور أو كاتب الدولة المكلف بالسياحة سليم شاكر او كاتب الدولة لدى الوزير الأول رضا بالحاج بادروا بالتصريح. كما لم يلتزم وزراء اخرون في نفس الحكومة بقانون التصريح بالمكاسب، على غرار فرحات الراجحي الذي التحق بوزارة الداخلية خلال حكومة محمد الغنوشي الثانية قبل ان يقيله الباجي قايد السبسي، ووزير النقل الأسبق ياسين إبراهيم الذي أسس حزب افاق تونس فيما بعد ليساهم الى اعادته الى الحكم إثر الانتخابات التشريعية لسنة 2014.. من جهة أخرى لم يصرح بالممتلكات سوى 78.5% من حكومة الاثنين والأربعين وزيرا ( بما فيهم رئيس الحكومة حمادي الجبالي) في الترويكا ، كما تجاوز عشرون من هؤلاء المصرحين الآجال القانونية خاصة بعد مباشرتهم الحكم، بما ان قرابة نصف أعضاء الحكومة صرحوا بممتلكاتهم بعد أكثر من سنة، أي قبل سقوط الحكومة بأشهر معدودة. اما حكومة علي العريض التي عمرت ما لا يقل عن 9 أشهر (من 15 مارس 2013 الى 29 جانفي 2014) فتشير وثائق دائرة المحاسبات، التي حصلت منظمة "أنا يقظ" على نسخة منها، الى مبادرة 86.8% من وزرائها إلى تقديم كشف عن مكاسبهم، ولكن 27% من هؤلاء المصرحين تجاوزوا آجال الشهر والنصف التي حددها القانون عدد 17 المؤرخ في 10 فيفري 1987. عدا الستة وزراء الذين اكتفوا بالتصريح عن الشرف بالمكاسب عند المباشرة فقط (وزير الشؤون الخارجية منجي حامدي ووزير الفلاحة لسعد لشعل ووزير التعليم العالي توفيق الجلاصي ووزير الشؤون الدينية منير التليلي وكاتب الدولة المكلف بالشؤون المحلية عبد الرزاق بن خليفة وكاتب الدولة لدى وزير الخارجية فيصل قويعة)، في حكومة مهدي جمعة فقد بلغ التزام الحكومة بالتصريح بمكتسبات أعضائها نسبة 79% ، في حين تجاوز 8.6 %من هؤلاء الوزراء الآجال القانونية، وهم على التوالي: * الوزير المكلف بمتابعة الشؤون الاقتصادية نضال الورفلي، وزير التربية فتحي جراي، الوزير المكلف بالأمن رضا صفر. وناهز التزام حكومتي الحبيب الصيد الأولى والثانية بالتصريح بالممتلكات نسبة 52.3 % فقط بما ان مجموعة من الوزراء اكتفت بالتصريح بالمكاسب عند مباشرة المهام دون ان تصرح بالممتلكات بعد مغادرة المناصب الوزارية، وهم على التوالي: وزير الداخلية ناجم الغرسلي، وزير الشؤون الدينية الأسبق عثمان بطيخ، وزير المالية سليم شاكر، وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي ياسين إبراهيم، وزير البيئة والتنمية المستدامة نجيب درويش، وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي نعمان الفهري، وزير الشباب والرياضة ماهر بن ضياء، وزير التجارة محسن حسن، الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب الازهر العكرمي، كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية محمد الزين شلايفة، كاتب الدولة المكلف بتأهيل المؤسسات الاستشفائية نجم الدين الحمروني، كاتب الدولة مكلف بشؤون الهجرة والادماج الاجتماعي بلقاسم صابري، الوزير المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب والناطق الرسمي للحكومة خالد شوكات، اما كاتب الدولة المكلف بالشؤون الأمنية رفيق الشلي فلم يصرح بمكاسبه سواء عن توليه مهامه او عند مغادرته ووزارة الداخلية. وبتشكيلة حكومية بلغت ما لا يقل عن 40 وزيرا استلم يوسف الشاهد الحكم في 27 اوت 2016، ليسارع كل الوزراء الملتحقين بالحكومة الى التصريح بمكاسبهم قبل انقضاء شهر عن مباشرة مهامهم، في حين انقسم الوزراء المتنقلين من حكومة الصيد الى الشاهد بين مكتف بالتصريح القديم على الممتلكات عند انضمامهم الى الفريق الوزاري للحبيب الصيد وإعادة التصريح بالممتلكات عند المباشرة مرة أخرى. على خلاف الوعود الانتخابية المسهبة في التمسك بالشفافية وبالحوكمة المفتوحة وبمحاربة الفساد، لم يكن التزام الأحزاب الحاكمة عقب الثورة التونسية بالتصريح بمكاسب وزرائها ونوابها عاليا. حزب نداء تونس الفائز بأغلبية نيابية في انتخابات 2014، دفع ب18 وزيرا له الى دفة الحكم سواء في حكومتي الحبيب الصيد 1 او الحبيب الصيد 2 او في حكومة يوسف الشاهد، تقيد 11 وزيرا فقط منهم بالتصريح بالممتلكات أي بنسبة ناهزت 61 %، في حين رفض 7 وزراء تقديم تصريح بالممتلكات الى دائرة المحاسبات، بل هناك من هؤلاء الوزراء من كانت له سوابق في عدم التصريح بالحكم منذ حكومة الباجي قائد السبسي في 2011 على غرار: * سليم شاكر، القروي الشابي، رضا بالحاج، الازهر العكرمي. كما عمد خمس وزراء من نداء تونس الى التصريح بالمكاسب بعد الآجال القانونية. أما حركة النهضة التي كان لها نصيب الأسد في عدد الحكومات التي شارك فيها وزراؤها (18 وزيرا في حكومات حمادي الجبالي وعلي العريض والحبيب الصيد 1 والحبيب الصيد 2 ويوسف الشاهد منذ 14 جانفي 2014)، فقد التزم 85% من وزرائها بالتصريح بممتلكاتهم، لكن اكثر من نصفهم (53.8%) اودعوا تصاريحهم لدى دائرة المحاسبات بعد أجل الشهر والنصف الذي حدده قانون عدد 17 المتعلق بالتصريح بالمكاسب. وفيما يلي وزراء النهضة الذين لم يصرحوا بمكاسبهم: * وزير الخارجية رفيق عبد السلام، وزير التعليم العالي منصف بن سالم، وزير مكلف بالتجارة والصناعات التقليدية بشير زعفوري، كاتب دولة مكلف بالمالية سليم بسباس، وزير التكوين المهني والتشغيل نوفل الجمالي، كاتب دولة مكلف بتأهيل المستشفيات نجم الدين الحمروني وحقق الشريكان السابقان في الحكم (المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات) نسبا متفاوتة في تصريح وزرائهما بالممتلكات. اذ التزم 80 % من وزراء المؤتمر بالتصريح فيما تجاوز 40 % منهم الآجال القانونية, وصرح 60% فقط من وزراء التكتل بمكاسبهم فيما تجاوز ثلثهم الآجال القانونية. أما عن وزراء حزبي افاق تونس والاتحاد الوطني الحر المشاركين في حكومات الحبيب الصيد ويوسف الشاهد، فقد ترواحت نسبة التصريح بين 50% لوزراء افاق تونس (صرح كل من رياض المؤخر وسميرة مرعي بممتلكاتهما في حين لم يصرح كل من ياسين ابراهيم ونعمان الفهري) و25% بالنسبة للاتحاد الوطني الحر،( صرّح حاتم العشي وتخلّف كل من ماهر بن ضياء ونجيب دريش ومحسن حسن).. وقد تمكن نصف الوزراء المصرحين من احترام الآجال القانونية في افاق تونس، كما كان وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية السابق حاتم العشي الوزير المحسوب على الاتحاد الوطني الحر الوحيد في الموعد للتصريح بمكاسبه في الآجال القانونية. بعيدا عن الأحزاب كان للوزراء المستقلين حضور لافتا في مختلف الحكومات المتعاقبة منذ الثورة. وقد اكتفى 55 % من هؤلاء الوزراء بالتصريح بمكاسبهم على خلاف العديد من زملائهم على غرار: * وزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي، وزير الداخلية الأسبق فرحات الراجحي، وزير الشؤون الخارحية الأسبق المولدي الكافي، وزير المالية الأسبق جلول عياد، وزير الثقافة الأسبق عز الدين باش شاوش، كاتب الدولة السابق رفيق الشلي وقد تجاوز 14% من هؤلاء الوزراء المستقلين الآجال القانونية عند التصريح بمكاسبهم.