أفادت وزارة الشؤون الخارجية أنه منذ دخول تونس في مرحلة متقدّمة من التوقي من انتشار جائحة كورونا العالمية، وما رافقها من اجراءات سيادية مشدّدة تمثّلت في غلق الحدود الجوية والبحرية والبرية، سعت الدولة التونسية وبحرص سياسي في أعلى مستوى، من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، إلى تكثيف الإحاطة بالجالية التونسية المقيمة في الخارج ومضاعفة الجهود لتأمين عودة آلاف التونسيين العالقين من غير المقيمين ومن الطلبة ومن المقيمين الذين فقدوا مورد رزقهم وانتهت عقود تشغيلهم في عديد دول العالم. وأضافت الوزارة في بلاغ لها أن تونس تعدّ من الدول القليلة التي أولت ملف الإجلاء مكانة متقدّمة في سلم أولوياتها من منطلق حرصها على الدفاع عن حقوق كافة التونسيين وكرامتهم في الداخل والخارج دون استثناء، موضحة أنه ورغم تعقيدات عمليات الإجلاء وما رافقها من إكراهات لوجستية ثقيلة وكلفة مالية كبيرة، إضافة إلى صعوبة تحقيق معادلة تأمين عودة العالقين من ناحية والحفاظ على أمن تونس الصحي من ناحية أخرى في ظل الظروف الاستثنائية التي تعرفها كل بلدان العالم، نجحت تونس منذ 21 مارس الماضي إلى حدود يوم 29 ماي 2020، في تنظيم 274 رحلة إجلاء وتأمين عودة 24.812 مواطنا- (17.802) جوا و(7.010) برا - تمّ ايوائهم في فضاءات مهيأة وخاصة بالحجر الصحي على نفقة الدولة. واعتبرت أن هذا النجاح يعد ثمرة التنسيق المحكم والاجتماعات المكثفة التي تمّت بين عديد الأطراف المتدخلة في إطار اللجنة الوطنية لمتابعة الحجر الصحي الشامل وعودة التونسيين التي أشرفت على وضع كافة الاستعدادات اللوجستية وتوفير فضاءات للحجر الصحي الإجباري للتونسيين العائدين وتأمين المرافقة الطبية والأمنية لهم، والدفع الذي وجدته هذه اللجنة من الاجتماعات الوزارية المتتالية المنعقدة بوزارة الشؤون الخارجية والتي ضمّت رئاسة الحكومة ووزراء الداخلية والخارجية والنقل والصحة والسياحة والتعليم العالي وممثلين عن الإدارة العامة للطيران المدني والناقلة الجوية الوطنية وغيرهم من إطارات الدولة وهياكلها، هذا بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي قدّمته المؤسسة العسكرية بتعليمات سامية من رئيس الجمهورية بتوفير طائرات عسكرية للوجهات البعيدة التي تعذّر على الناقلات الجوية المدنية تنظيم رحلات إليها. وذكر البلاغ أن رحلات الإجلاء تطلّبت جهودا حثيثة ومتواصلة من قبل بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية التي أمّنت التواصل والإحاطة بالتونسيين المعنيين بالعودة وتنسيقا على أعلى مستوى مع السلطات المختصة في عدد من البلدان الشقيقة والصديقة، مستفيدة من شبكات علاقاتها ورصيد الثقة والاحترام الذي تحظى به بلادنا في الخارج. كما كان للسيدات والسادة أعضاء مجلس نواب الشعب اسهامات قيمة في تسهيل الرعاية والإحاطة الموجهة لأبناء تونس في الخارج، هذا بالإضافة إلى مساهمة عدد من التونسيين وهياكل المجتمع المدني التونسي في الخارج الذين كانوا سندا حقيقيا وقدموا مثالا إنسانيا رائعا في التضامن والتآزر الاجتماعي. وبالتوازي مع هذا الجهد خصصت الحكومة التونسية، رغم الضغوط المالية الكبيرة على ميزانية الدولة، اعتمادات إضافية لبعثاتنا في الخارج قدرت بمليون دينار في إطار المساعدات الموجهة للتونسيين الذين يواجهون وضعيات مادية واجتماعية صعبة. كما أولت الحكومة اهتماما خاصا بالطلبة التونسيين وأمنت بعثاتنا الدبلوماسية والقنصلية بالتنسيق مع البعثات الجامعية في الخارج التواصل المستمر معهم والعمل على إيجاد الحلول الملائمة لوضعياتهم.