النعوت التي تستعمل للحديث عن الهجرة، مرة يقال إنها غير شرعية ومرة غير نظامية. كثيرون يتحدثون عن الحلول الأمنية، ولكن واضح أن الحلول الأمنية ليست بالكافية. لو أنهم (المهاجرون) وجدوا أملا في الحياة، وتحققت أحلامهم، ووجدوا الإمكانيات المتاحة في الضفة الشمالية، لكان الموضوع غير مطروح على الإطلاق. ومن الأفضل معالجة الأسباب عوض معالجة الظواهر. الهجرة التي توصف بأنها غير نظامية وتنطلق من تونس أو من عدد من دول شمال إفريقيا نحو أوروبا، هناك من يُيسر لهم هذه الهجرة في الشمال. هناك شبكات إجرامية تتاجر بالبشر، تتاجر بهؤلاء، يعملون في الظلام، يعملون بدون أوراق، دون حقوق، وهي طريقة من طرق الاتجار بالبشر. يجب أيضاً أن نتحدث عن الهجرة النظامية لعدد من العلماء ومن الكفاءات. في السنة الماضية تقريباً أكثر من 500 طبيب توجهوا إلى أوروبا. الشبكات الموجودة في تونس، ولكن الموجودة أيضا في الشمال. من يستقبلهم في الشمال؟ حينما يتحولون إلى الحقول أو إلى بعض المصانع ويعملون فيما يسمى العمل الأسود أو بدون أوراق. من يستغلهم؟ من يستفيد منهم؟ هنا أيضاً لا بدّ من محاربة الشبكات التي تتاجر بالبشر في الشمال. ولن يكون هناك أمن ولن يكون هناك سلام ما لم نقضِ على الأسباب التي أدت إلى هذه الهجرة التي توصف بأنها غير نظامية أو غير شرعية. من يهاجر لا يهاجرُ حباً في الهجرة، ولكن لأنه مكره على ذلك، لأن الأمل مفقود، بل إن الحلم أصلاً مفقود.