السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    بمشاركة حوالي 3000 رياضي ورياضية: ماراطون "تحدي الرمال" بمنزل جميل يكسب الرهان    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم الوعود التنموية ومحاولة «سالفيني» التنصل من تصريحاته: إيطاليا تفشل في فرض مقاربتها الأمنية لملف الهجرة غير النظامية مع تونس
نشر في الصباح يوم 28 - 09 - 2018

رغم الضجة الإعلامية الكبيرة التي سبقت زيارة وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني (زعيم حزب رابطة الشمال اليميني المتطرف)، أمس إلى تونس وهو الذي عرف بعدائه للمهاجرين، وتوعد قبل أسابيع من الزيارة في تصريحات مثيرة للجدل بإيقاف ما وصفها ب«فلول المهاجرين المجرمين وإعادة ترحيلهم».. إلا انه فشل في «انتزاع» اتفاق جديد مع الحكومة التونسية بخصوص ملف الهجرة كما وعد بذلك، بل إن السلطات التونسية نجحت نسبيا في «لجم» لسان سالفيني وإعادته إلى الجادة وإلى منطق الصواب خصوصا بعد تراجعه عن تصريحات سابقة مهينة لتونس حين قال «إن تونس تصدر مهاجرين مجرمين»، وقال إنها تصريحات أخرجت من سياقها.
واكتفى وزير الداخلية الايطالي في لقائه أمس بنظيره التونسي هشام الفراتي، بتقديم وعود تنموية ومساعدات استثمارية إلى تونس، وبإيجاد سبل للتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر خلق فرص عمل للشباب التونسي. وقال أمس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التونسي: «اتفقنا على ضرورة إيجاد حلول لمعالجة موضوع الهجرة حتى لا تحدث كوارث في البحر»، مضيفا:»إذا توصلنا إلى إيقاف الهجرة غير الشرعية فإننا نستطيع توفير جهودنا للتنمية والاستثمارات الجديدة».
وتابع: «سأعمل على هذه النقطة، وأود أن أوفر مشاريع على الحدود وتوفير الأموال لمساندة الحكومة التونسية لخلق فرص شغل، خاصة في جنوب تونس، للشباب».
وأكد سالفيني أن تصريحه الإعلامي الذي قال فيه إن تونس تصدّر المجرمين إلى إيطاليا أخرج من سياقه، وقال ان إيطاليا «ترحّل المهاجرين غير النظاميين التونسيين بطريقة لائقة».
وكان سالفيني قد أدلى فور توليه منصبه على رأس وزارة الداخلية الايطالية في جوان الماضي، بتصريحات قال فيها أن «تونس، البلد الحرّ والديمقراطي لا يرسل إلى إيطاليا أشخاصا شرفاء بل في أغلب الأحيان وبصفة إرادية مساجين سابقين»، ووعد بطرد المهاجرين غير الشرعيين من البلاد، وقال إن هذه القضية ستكون من إحدى أولويات الحكومة الجديدة. وقام بحملة من أجل ترحيل حوالي 500 ألف مهاجر غير شرعي، مقترحا تحويل مراكز استقبال المهاجرين إلى مراكز احتجاز، واستخدام الأموال المخصصة لإيوائهم في عمليات الترحيل الجماعي.
تراجع ومغازلة..
تصريحات، وتهديدات تراجع عنها في الفترة الأخيرة خاصة مع بدء التحضير لزيارته إلى تونس محاولا تلطيف عباراته وانتقاء كلماته بعناية شديدة، خاصة بعد رفض الجانب التونسي لهذه التصريحات وامتعاضه منها.
فقد اعتبر في تصريحات مغازلة لتونس «إن تونس نموذج للديمقراطية في إفريقيا ولهذا السبب فإن إيطاليا مستعدّة لمساعدتها بكل عزم حتى في مواجهة التهديدات الإرهابية، ولتكثيف العلاقات بين البلدين عن طريق تعزيز الاستثمارات»، حسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الإيطالية «أنسا».
بدوره شدد وزير الداخلية هشام الفراتي خلال المؤتمر الصحفي المشترك على ما تبذله تونس من جهود للسيطرة على الحدود البحرية، وقال إن «الحكومة التونسية ستبذل أقصى جهدها لكي يعيش الشباب التونسي بكرامة في وطنه»، لافتا إلى أنه «منذ بداية 2018 وحتى 20 سبتمبر الجاري تم إيقاف 500 شخص متهمين بالاتجار بالبشر».
وهو بذلك يضع حدا لاتهامات السلطات الايطالية لتونس بتقاعس الحرس البحري التونسي عن منع أو إيقاف منظمي الرحلات غير الشرعية عبر البحر في اتجاه السواحل الايطالية، وموجها رسالة واضحة للجانب الايطالي بشأن الموقف التونسي تجاه ملف الهجرة الذي يتعارض مع طموحات إيطاليا وبعض الدول الأوربية مثل ألمانيا خصوصا في ما يتعلق بتركيز معسكرات إيواء وفرز للمهاجرين المرحلين من أوروبا بتونس، وهو أمر رفضته بشدة تونس في مناسبات عديدة. كما أكد الفراتي للوزير الإيطالي أن معالجة موضوع الهجرة غير الشرعية لا يمكن أن يقتصر على الحلول الأمنية، بل يستوجب مقاربة شاملة وطويلة الأمد تقوم على الشراكة وفق منظور تنموي يستند إلى مبادئ حقوق الإنسان.
وتابع أن الهجرة غير الشرعية تستوجب كذلك فتح قنوات رسمية للهجرة المنظمة وبعث مشاريع مشتركة بين البلدين. ورغم تسرب خبر تداولته وسائل إعلام محلية نقلا عن مصدر مطلع، عن رفض يوسف الشاهد رئيس الحكومة استقبال سالفيني، على خلفية تصريحاته المعادية للمهاجرين، إلا ان وزير الداخلية هشام الفراتي سارع إلى نفي الخبر موضحا أن برنامج زيارة وزير الداخلية الإيطالي لم يتضمن لقاءً مع يوسف الشاهد نظرا لضيق الوقت والتزاماته في إيطاليا وأن لقاءه اقتصر عليه باعتباره وزيرا للداخلية وعلى رئيس الجمهورية.
الديبلوماسية التونسية في الموعد
في الواقع، تميز تعامل الديبلوماسية التونسية مع تصريحات وزير الداخلية الايطالي المعادية للمهاجرين منذ تعيينه، بالحذر والانتظار. وتعاملت بندية مع تلك التصريحات خاصة أنه تعمد في مناسبات عديدة إحراج ايطاليا والاتحاد الأوربي وشركائه من بلدان جنوب المتوسط، على غرار تونس والجزائر، من خلال رفض استقبال مهاجرين غير نظاميين وتعريض العشرات منهم للخطر أو التسبب في موتهم وغرقهم، مجبرا سفن إنقاذ تابعة لمنظمات حقوقية أوروبية على البحث عن بلدان بديلة تستقبل المهاجرين العالقين..
وكانت الحكومة التونسية قد عبرت عن غضبها من التصريحات المهينة لسالفيني لتونس ونددت بها بشدة في بيان أصدرته وزارة الخارجية التونسية، مع دعوة السفير الايطالي بتونس يوم 4 جوان 2018 للاحتجاج، ليتصل السفير - إثر اللقاء- ويؤكد أن وزير الداخلية الإيطالي كلفه بإبلاغ السلطات التونسية أن تصريحاته أخرجت من سياقها وأنه حريص على دعم التعاون مع تونس في مجالات اختصاصه.
لكن قبل أيام، أوقفت السلطات الايطالية مركب صيد تونسي في المياه الدولية الإقليمية بسبب إنقاذه مهاجرين غير نظاميين من الغرق، ووجهت لطاقم المركب تهمة المشاركة في الاتجار بالبشر. وكان يمكن أن يحاكم البحارة التونسيون ويتم سجنهم في إيطاليا لولا تدخل السلطات التونسية وبعد ضغوطات قوية من المجتمع المدني بكل من تونس وايطاليا، حتى تم الإفراج عن الصيادين يوم السبت المنقضي بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاز.
رسالة
وتتهم منظمات حقوقية تونسية وإيطالية السلطات الايطالية بمعاملة المهاجرين معاملة سيئة وعدم توفير ظروف إيواء محترمة، ومن بينها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي وجه أول أمس رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية الايطالي ذكر فيها بالخصوص بأن تجريم إيطاليا لعمليات الإنقاذ في البحر ستكون له مخلفات وعواقب خطيرة وكارثية. كما ندد المنتدى بظروف الاحتجاز القاسية لمهاجرين في مراكز إيواء، ودعا المسؤول الايطالي إلى التفاوض مع تونس حول اتفاق يسهل هجرة العمال الموسميين مما يمكن من الحد من ظاهرة اضطهاد العمال من طرف شبكات الاتجار بالبشر بإيطاليا، وتقليص عدد الغرقى بالمتوسط وتخفيض عدد عمليات الهجرة غير النظامية المنطلقة من الشواطئ التونسية.
ورغم أن تونس وإيطاليا وقعتا على اتفاقية ثنائية غير معلنة سنة 2017 تسمح بترحيل مهاجرين تونسيين غير شرعيين بعد التثبت من هوياتهم، إلا أنه ومع وصول وزير الداخلية سالفيني سعت ايطاليا إلى الضغط على الجانب التونسي من أجل تغيير محتوى الاتفاقية التي تضع قيودا وشروطا لترحيل المهاجرين، في اتجاه عمليات ترحيل أكثر مرونة مع الترفيع في العدد المسموح به شهريا مع تجريم الهجرة غير النظامية من الجانبين التونسي والايطالي، وذلك على الرغم من اعتراف سالفيني في تصريح له بأن الاتفاق الثنائي مع تونس حول الهجرة هو «الوحيد الذي يعمل في الوقت الحالي»، حين قال: «نعيد إليها 80 مهاجرا في الأسبوع»، وحتى «إذا قمنا بطرد 100 شخص، فإننا نرَّحل 80 منهم فقط».
يشار إلى أنه سبق زيارة وزير الداخلية الايطالي إلى تونس ترتيبات مشتركة من الجانبين التونسي والإيطالي، وكان من المفترض ان يحضرها وزير الداخلية التونسي هشام الفراتي في زيارة كانت مبرمجة لروما وأعلن عنها الجانب الايطالي مطلع سبتمبر الجاري، لكن الفراتي ألغى الزيارة في آخر لحظة، ولم يصدر عن الحكومة التونسية أي بلاغ لتبرير ذلك، لكن بعض وسائل الإعلام ذكرت أن إلغاء الزيارة كان بسبب احتجاز إيطاليا لمركب صيد تونسي بتهمة إنقاذ مهاجرين غير نظاميين. وربما أيضا بسبب تصريح آخر لوزير الداخلية الإيطالي في حوار صحفي بتاريخ 10 سبتمبر الجاري قال فيه: «سأزور تونس لمعرفة سبب وصول أكثر من 4 آلاف مهاجر منها رغم عدم وجود حرب ولا مجاعة أو طاعون فيها».
◗ رفيق بن عبد الله
وقفة احتجاجية ترافق زيارة وزير الداخلية الايطالي إلى تونس
ترافقت الزيارة التي أداها أمس وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الايطالي ماتيو سالفيني إلى تونس مع وقفة احتجاجية شارك فيها نشطاء من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمجتمع المدني وعائلات شبّان مفقودين بإيطاليا أمام مقرّ وزارة الداخلية على اعتبار أن الوزير «الإيطالي معاد للهجرة والمهاجرين» بالنظر إلى تصريحاته التي يصفها البعض ب»العنصرية» تجاه التونسيين.
وكان الوزير الايطالي قد اعتبر في تصريحات إعلامية سابقة أن تونس بصدد تصدير المجرمين إلى بلاده من خلال الهجرة غير المشروعة فضلا عن تصريحه الشهير والقائل بأن «أكثر من 4 آلاف مهاجر، وصلوا من تونس، وليس هناك حرب أو مجاعة أو طاعون في هذا البلد، ولا أحد يفهم السبب».
وبالتوازي مع الوقفة الاحتجاجية الملتئمة أمس فقد توجه المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أول أمس برسالة مفتوحة الى وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني بمناسبة زيارته لتونس عبر من خلالها عن قلقه من تصريحاته الإعلامية حيث جاء في نص الرسالة ما يلي: «في ظل الظروف الراهنة واستمرار الأزمة العالمية، دعا وصولكم الى السلطة الى جانب تصريحاتكم الإعلامية الى القلق سواء في أوروبا أو في دول الضفة الجنوبية من المتوسط..
أولا، ورغم انخفاض عدد الواصلين الى الشواطئ الايطالية بنسبة 80 % منذ سنة 2017 بعد توقيع معاهدة بين ماركو مينيتي والسلطات الايطالية (حسب إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة التي تفيد بأن عدد الأشخاص البالغين الشواطئ الايطالية الى حد تاريخ 23 سبتمبر 2018 يقدر ب21204 شخص مقارنة ب119369 في سنة 2017)، تزعمون بأن الاتحاد الأوروبي يواجه «غزوا» من المهاجرين، رغم أن عدد المهاجرين واللاجئين الذين استقبلهم أقل بكثير من عددهم في دول أخرى من العالم وخاصة بدول الجنوب.
ومع ذلك، وهو ما يحيلنا الى النقطة الثانية، «أجدادكم المهاجرون الايطاليون» كما اخترت تسميتهم، هاجروا بعدد كبير خلال أوائل القرن العشرين باحثين عن دولة تستقبلهم لبناء مستقبل أفضل: هم أيضا وجدوا أنفسهم في وضعيات غير نظامية، بدون تأشيرة دخول كما تعرضوا لعديد الاعتداءات والانتهاكات.». «ورغم أنكم تأملون في ترحيل عدد أكبر من المهاجرين الى تونس، نذكركم بأن دولتكم تعاني من نقص كبير في اليد العاملة في عديد القطاعات فلعله من الأجدر التفاوض مع تونس حول اتفاق يسهل هجرة العمال الموسميين مما يمكن من الحد من ظاهرة اضطهاد العمال من طرف شبكات الاتجار بالبشر بايطاليا وتقليص عدد الغرقى بالمتوسط وتخفيض عدد عمليات الهجرة غير النظامية المنطلقة من الشواطئ التونسية».
ليختم المنتدى رسالته بالقول: «أخيرا يجدر التذكير بأن تجريمكم لعمليات الإنقاذ في البحر سواء المنفذة من طرف المنظمات كمركب آكواريوس الذي تم إرغامه على نزع علم بنما بضغوط حكومية، أو المنفذة من طرف البحارة كما حدث مع مركب الربان بوراسين وطاقمه الذين تم الإفراج عنهم يوم الجمعة الفارط بقرار من محكمة أغريغانتو، ستكون له مخلفات وعواقب خطيرة وكارثية بل وإجرامية. اذ أن الإحصائيات تفيد بأنه رغم انخفاض عدد المنطلقين إلى ايطاليا من الشواطئ الليبية، فان عدد الغرقى خلال هذه الرحلات لا ينفك يرتفع خلال الأشهر الأخيرة حيث بلغ 1 شخص من بين كل 18 شخصا مقارنة ب1 شخص من بين كل 42 شخصا في سنة 2017»:
سياسة لتجريم الإنقاذ
في تقديمه لإيضاحات أكثر حول دواعي هذه الرسالة أورد مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح ل»الصباح» أن هذه الرسالة كانت تنديدا بموقف الوزير الايطالي من قضيتي الهجرة وإنقاذ المهاجرين. وفسر الرمضاني أن أوروبا تتجه باتجاه اليمين فبقدر ما تكون معاد لقضية الهجرة كلما تتاح لك أبواب النجاح وهذه مسالة تعتبر مغلوطة من وجهة نظره مستنكرا في السياق ذاته السياسة التي تنتهجها أوروبا والتي تتمثل حتى في منع مسالة إنقاذ المهاجرين قائلا: «هناك سياسة حتى لتجريم عمليات الإنقاذ في البحر».
وأضاف الرمضاني أننا في تونس لدينا دستور ونحترم المعاهدات الدولية ونحترم مواطنينا بالأساس ومن هذا المنطلق فقد عبرنا عن اشمئزازنا من هذه المواقف ومن هذه التصريحات معتبرا أن عقلية عدم الإنقاذ هي في حد ذاتها جريمة.
وأضاف: «الوزير الايطالي لا بد أن تتناهى إلى سمعه هذه المواقف من خلال هذه الرسالة المفتوحة وقد نتوجه برسالة أخرى إلى الحكومة التونسية» موضحا أن أوروبا هدفها تركيز قاعدة للمهاجرين في تونس وهو ما ترفضه تونس إلى حد اللحظة ونأمل أن تواصل في هذا الرفض.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قد التقى أمس بقصر قرطاج وزير الداخلية الايطالي ماتيو سالفيني. وأبرز سالفيني وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية أنه حرص على زيارة تونس لتأكيد عمق علاقات الصداقة التاريخية بين البلدين ولتجسيم حرص حكومة بلاده على تعزيز علاقات التعاون القائمة ومزيد تنويعها لاسيما في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية لمواجهة التحديات المشتركة في الفضاء المتوسطي. وقال الوزير الايطالي أن التعاون وثيق ومستمر بين تونس وايطاليا في التصدي للهجرة غير الشرعية ومكافحة ظاهرة الإرهاب معتبرا ان تعزيزه يتطلب تكاتف الجهود المشتركة وتسخير كل الإمكانيات لإيجاد الحلول الجذرية الكفيلة بالقضاء على هذه الظواهر التي تهدد استقرار وأمن البلدين والفضاء المتوسطي الذي يتقاسمانه.
وقد شدّد رئيس الجمهورية خلال هذا اللقاء على أن مجابهة التحديات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة المتوسطية وتعيق الجهود التنموية فيها تستدعي إحكام التنسيق وتوثيق التعاون للتغلب عليها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.