قال وزير الدفاع الوطني عماد ممّيش، إنّ القارة الإفريقية تمثّل اليوم موضوع صراع وتنافس بين مختلف القوى الاقتصادية العظمى، بالنظر لثرواتها ومواردها الطبيعية الهائلة، مبرزا أن تونس كما كانت دائما وعبر التاريخ ملهمة القارة وأنه لا غرابة أن تحظى بدور الرّيادة في حلّ النزاعات بها بالطرق السّلمية من خلال مساهمتها في مهام حفظ السلام في العالم. وبيّن لدى إفتتاحه اليوم الثلاثاء 30 نوفمبر الجاري الدّورة التاسعة والثلاثين لمعهد الدّفاع الوطني بعنوان "البعد الاستراتيجي لافريقيا: مقاربة شاملة لإرساء إستراتجية وطنية للتعاون التونسي الإفريقي في ظل تنامي الاهتمام الدولي بهذا الفضاء"، أن ازدياد اهتمام تونس بالشأن الإفريقي تأكّد ديبلوماسيا وإقتصاديا، حيث كان من الضروري بذل مجهودات إضافية لتوسيع شبكة التمثيل الديبلوماسي حتى يرتفع عدد السفارات لتقترب من العدد الجملي لبلدان القارة الإفريقية، وهو ما يفرض تعزيزًا للنقل البحري الى جانب النقل الجوّي الذي يحتاج لمضاعفة خطوطه الحالية وتنويع وجهاته ليمتد إلى عمق القارة الإفريقية بما من شأنه أن يدعم التبادل التجاري. ولاحظ في افتتاحه الدورة الموجهة لثلة من ضباط الجيش الوطني ولمجموعة من الاطارات العليا بالدولة أن الإهتمام بإفريقيا للإستفادة من فرص التعاون والإستثمار مع بلدان هذه القارة لا يمكن تصوره إلا في إطار إستراتيجية وطنية إستشرافية للتعاون التونسي الإفريقي. وأشار إلى أنه يمكن التركيز على عناصر ثلاثة بالنسبة لمقومات هذه الإستراتيجية، أولها تثمين واقع التعاون التونسي الإفريقي كمّا ونوعًا تمهيدًا لتصور جديد، فضلا عن الإحاطة بالوضع الجيوسياسي الإقليمي والدولي على ضوء مختلف تحديات القارة الإفريقية في علاقة بالنمو الديمغرافي أو بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية أو كذلك بالخيارات الديمقراطية والحوكمة، إضافة إلى ضبط مجالات التعاون وأطره وآلياته في علاقة بالأمن المائي والغذائي والصحي وخاصة الدفاعي، إلى جانب التركيز على الجانب العلمي والتكنولوجي ببعده الرقمي خاصة. وقال وزير الدفاع إن "مثل هذه المقاربة من شأنها أن تساعد على وضع رؤية شاملة للتعاون التونسي الإفريقي ليس فقط من حيث البعد المؤسساتي وإنما كذلك من حيث القيم والمبادئ التي من شأنها أن تساعد على خدمة المصالح المشتركة في إطار قانوني ملتزم بضوابط الحوكمة الرشيدة مراعيا لأولوية الالتزامات الوطنية" واعتبر أنه يجب التفكير في كيفية الاستفادة من التجمعات الإفريقية، مؤكدًا على عدم التغافل عن مدى الحاجة إلى انشاء منصّة الكترونية تقوم مقام الدليل الاقتصادي والتشريعي وكذلك على ضرورة الإستفادة من الكفاءات الوطنية المنتشرة بمشاريعها في مختلف بلدان إفريقيا، والاستفادة أيضا من الرصيد الثقافي والحضاري الذي يميز الشخصية التونسية. ولاحظ في هذا السياق "أهمية إتباع سياسة لتنظيم الهجرة في الإتجاهين حتى تكون عامل منفعة وتيسّر اندماج الأفارقة وتضمن حمايتهم يما يبعث برسالة طمأنة عن التزام تونس بمبادئ حقوق الإنسان". وأكد في هذا الصدد أن المؤسسة العسكرية تعتبر معنية بدرجة أولى بهذه الإستراتيجية التي هي في تكامل مع الإستراتيجية الدفاعية التي تأخذ في الاعتبار أهمية الكفاءات المدنية والعسكرية في مجال المعرفة ومختلف الإختصاصات الصناعية والتكنولوجية، وتوفير الموارد البشرية، ورسم معالم كيفية بلوغ أهداف الإستراتيجية، بالإضافة إلى الالتزام بالحوكمة بما تقوم عليه من متابعة وتقييم ومراجعة وما تفرضه من وضع خطة اتصالية للتعريف بمضمون الإستراتيجية والتذكير بمكتسبات البلاد في جميع المجالات.