واصلت أمس الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف العسكرية بتونس النظر في قضية شهداء الثورة وجرحاها بتالةوالقصرين والقيروان وتاجروين. تونس «الشروق» وقد خصصت الجلسة لسماع شهادة كل من المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الداخلية ووالي القصرين السابق. ثم قررت إثر ذلك تحديد موعد جديد لانعقاد الجلسة على أن يقع سماع كل من المجني شوشان كاتب الدولة المكلف بالشؤون الجهوية والجماعات المحلية ومحمد عياض الودرني مدير الديوان الرئاسي ووزير العدل الأسبق الأزهر بوعوني. قبل الانطلاق في سماع الشهود تدخل الأستاذ شرف الدين القليل نيابة عن ورثة شهداء تالةوالقصرين وتطرق إلى ما تم نشره من معلومات حول اتهام القاعدة بقنص شهداء تالةوالقصرين وذلك بمساعدة دول اجنبية وقدم مطلبا للمحكمة طالب من خلاله سماع شهادة صاحب المقال في جلسة أخرى. كما جدد طلبه في توفير فضاء أوسع للقضية حتى يتمكن كل من يرغب في متابعة سير المحاكمة من الحضور. في جانب آخر اقتصر الفريق التلفزي التابع للقناة الوطنية بتسجيل اقتتاح الجلسة ثم غادر القاعة وذلك استجابة لطلب النيابة العسكرية والقائمين بالحق الشخصي منذ الجلسة الفارطة على اعتبار أن التلفزة الوطنية غير محايدة في بثها لاطوار المحاكمة بل هناك توظيف في عملية البث. أي دور للمدير العام للشؤون السياسية؟ بعد أدائه اليمين القانونية وتحذيره من مغبة شهادة الزور صرح الشاهد علي الجليدي المدير العام للشؤون السياسية بوزارة الداخلية (سابقا وحاليا) انه يشتغل بالمنصب منذ 2009 وسبق له أن عمل بديوان وزير الداخلية لمدة 20 سنة. بسؤاله عن هيكلة الإدارة العامة للشؤون السياسية والإدارات الفرعية التابعة لها والموكولة اليها أفاد أن هناك إدارة الحريات والجمعيات والأحزاب التي تتكفل بتنظيم الانتخابات ويشرف عليها كاتب الدولة المكلف بالشؤون الجهوية والجماعات المحلية المنجي شوشان وهناك إدارة الإعلام. موضحا أن الإدارة ليس لها تأثير على المستوى الجهوي. وبخصوص الجهة التي ترفع لها التقارير صرح الشاهد انه ليس على اطلاع بذلك بحكم عدم خضوع إدارة الحريات والجمعيات والأحزاب لإشرافه. وقال إن مهمته تقتصر على متابعة نشاط وزير الداخلية والمقالات الصحفية ذات البعد الأمني. وخلال أحداث الثورة تولى إعداد حوصلة لأهم المواضيع التي تناولتها الصحف الوطنية والقنوات الأجنبية. إلا أن المحكمة أبدت استغرابها من المهام التي يقوم بها الشاهد خاصة وأنه يتمتع بامتيازات مدير عام في حين أن ما كان يقوم به حسب تصريحاته ليست من مهام مدير مركزي. ولم تقتنع بما صرح به. ممثل النيابة العسكرية من جانبه طلب سماع شهادة المنجي شوشان للتأكد من تصريحات الشاهد المذكور. ثم توجه ببعض الأسئلة. حيث سأله عن طريق المحكمة بخصوص التعليمات التي كان يتلقاها من وزير الداخلية الأسبق رفيق الحاج قاسم وعن موقف هذا الأخير من الأحداث التي كان يوافيه بها صلب تقاريره. فأجاب الشاهد انه لم يتعرض إلى مسألة القتلى والجرحى في تقاريره. مضيفا أنه كلف في الأثناء بإصدار بيان صحفي عند سقوط أولى ضحايا منزل بوزيان. وقد قدم له الوزير المادة الخام لذلك. بمزيد التحرير عليه بخصوص التنصيص على «الدفاع الشرعي» بايعاز من وزير الداخلية أوضح أن تلك العبارة تم إدراجها فعلا صلب البيانات. استفسر ممثل النيابة العسكرية كذلك ما إذا أصدر وزير الداخلية توصيات إلى رئاسة الحكومة أو إلى علي السرياطي أو إلى قاعة العمليات أو التفقدية العامة؟ أفاد الشاهد أن ذلك لم يحدث. فيما تعلق بسقوط القتلى ليلة 8 جانفي 2011 توجه ممثل النيابة العسكرية بسؤال للشاهد لمعرفة إن كان بادر من تلقاء نفسه بإصدار بيان أو تلقى تعليمات في ذلك فأجاب الشاهد انه لا يتذكر ملاحظا أن يكون هناك نسبة 80 % من كونه أصدر بيانا في الغرض. وبسؤاله أيضا إن بلغ إلى علمه أن المنجي شوشان رفع تقارير إلى الرئيس السابق بن علي فنفى علمه بالموضوع. وقال انه كان باتصال مباشر مع وزير الداخلية ولم ينسق بتاتا مع بعض الجهات المنتمية لحزب التجمع.. وعن علاقته بوكالة الاتصال الخارجي أوضح الشاهد أن علاقته بها كانت بخصوص متابعة الصحفيين الأجانب والجهات التي سيتصلون بها ويتولى أعلام وزير الداخلية بذلك. بفسح المجال للقائمين بالحق الشخصي توجهت الأستاذة ليلى الحداد بسؤال حول مدى علم الشاهد بلجنة مساء يوم 13 جانفي 2011 التي تولت إعداد المنشور الذي أمضاه أحمد فريعة. إلا أنه نفى علمه بذلك وقال إن مهمته إعلامية فقط كما أنه لم يكن يحلل أي مقال لعدم توفر المعطيات. من جانبه تدخل الأستاذ حسن الغضباني نيابة عن أحد المتهمين وتوجه بسؤال طريف للشاهد ‹› بأي روح يتعامل مع نفس المنصب؟ وماهي وجاهة استمراره في تلك الوظيفة؟ هذا السؤال استفز الشاهد الذي أكد أنه عمل بنفس الطريقة ونفس الروح الوطنية مع مختلف الوزراء في العهد السابق واثر الثورة كما أنه قدم نصائحه كتابيا وشفاهيا لهم. إثر الانتهاء من تدوين ما جاء هذه الشهادة رفعت الجلسة لبعض الوقت ثم استؤنفت الانتصاب لسماع شهادة والي القصرين السابق. وال دون صلاحيات!!! أثارت تصريحات والي القصرين السابق محمد حافظ الشريفي استغراب المحكمة وكذلك النيابة العسكرية والقائمين بالحق الشخصي. إذ جرد نفسه من جميع الصلاحيات التي منحها له القانون بل استفسرته المحكمة وبصفته واليا عن كيفية متابعته لأحداث الثورة فأجاب انه كان يستقي المعلومات من العمد ورئيس المنطقة ورئيس إقليم الحرس الوطني. وبخصوص سقوط القتلى يومي 8 و 9 جانفي هل تنقل بصفته واليا إلى تالة؟ فأجاب بالنفي وقال إن هناك استحالة أمنية للقيام بأعمال التفقد.. في المقابل اتصل به وزير الداخلية عند سقوط أولى الضحايا للاستفسار عن حقيقة الواقعة فاتصل بدوره بالمتهم حسين زيتون الذي أعلمه بدوره انه خالي الذهن. وصرح أن العميد يوسف عبد العزيز اتصل به للتدخل لدى البلدية قصد إزاحة الجواجز التي وضعها الأهالي في الطريق. ولمزيد التأكد من صحة خبر سقوط قتيل اتصل بمدير المستشفى المحلي الذي أكد له الخبر عندها هاتف وزير الداخلية ليعلمه. أفاد الوالي السابق أن وزير الصحة الأسبق المنذر الزنايدي أدى زيارة إلى تالة لتهدئة الوضع وقد التقى ببعض عائلات الضحايا في مقر الولاية وقد التقاه كل من خالد بن سعيد المدير المركزي للإرهاب والاطارين الأمنيين التابعين لمنطقة الأمن بباب سويقة والمهدية وقد تم التطرق إلى ما تبثه القنوات الأجنبية حول الأحداث ثم اقترح المتهم خالد بن سعيد على وزير الصحة القيام بزيارة إلى المغازة العامة ومقر مركز الأمن الذين تعرضا إلى الحرق. بمزيد التحرير عليه بخصوص طبيعة اتصاله بالمتهم حسين زيتون رئيس المنطقة أجاب الوالي السابق انه كان باتصال مباشر ويومي معه خاصة في الأيام الأولى من اندلاع الاحتجاجات لكنه قلص من الاتصال به بعد أن أصبحت المعلومات شحيحة. وبسؤاله أيضا عن سبب قدوم المدير المركزي للإرهاب إلى القصرين نفى علمه بذلك. مضيفا في نفس السياق أن العميد المنصف كريفة حل بدوره بالقصرين بعد سقوط الضحايا. إلا أن المحكمة تمسكت بكون الوالي هو المسؤول الأول عن المنطقة باعتباره يمثل الحكومة ولا بد أن يكون على علم بكل ما يدور فيها وبكل من يأتي اليها خاصة في تلك الفترة. ثم واجهته بتصريحات المتهم العادل التويري الذي صرح أن هناك تنسيقا مع وحدات الجيش للحيلولة دون سقوط ضحايا وقد تم إرسال تعزيزات في الغرض لكن تم إعادتها لتونس فافاد كذلك أنه لا علم له بالموضوع. ورغم مواجهته بالصلاحيات التي يضمنها له القانون لكن الوالي السابق قدم نفسه فاقدا لتلك الصلاحيات وأنه كان مغيبا لمعظم المعطيات. لم توفت المحكمة الفرصة لتستفسر من الوالي السابق بخصوص مسألة «القناصة» التي ظلت اللغز المحير في قضايا الشهداء وقد صرح الشاهد انه علم بذلك من قبل الأهالي وحاول التثبت من الحقيقة لكنه لم يظفر بإجابة وإثبات. وهنا تدخلت والدة أحد الشهداء وأكدت للمحكمة ان المرأة التي أشيع أنها قنصت الأبرياء من أبناء تالةوالقصرين موجودة فعلا وقد شاهدها العديد من الأهالي. النيابة العسكرية أبدت أسفها عند إعطائها الكلمة لمواجهة الشاهد. باعتباره واليا لكن للأسف لا يدرك صلاحياته. ثم توجه إليه بسؤال لمعرفة إن قام بإعداد إحصائيات تخص الولاية إبان تعيينه واليا. فأجاب بكونه تولى فعلا عقد اجتماعات للتباحث في مشكلة البطالة والعمل على إيجاد حلول. و استفسرته النيابة كذلك بخصوص ما إذا بلغته تشكيات حول مداهمة منازل الأهالي فافاد انه علم بحالة واحدة عن طريق نقابي. حينها واجهه ممثل النيابة العسكرية بعدد القتلى والجرحى واستغرب من عدم علمه بذلك في الابان. وأفاد الشاهد انه لم ترد عليه أي برقية تتعلق بسقوط قتلى مستخلصا انه لم يطلب من وزير الداخلية أي تعزيز كما أن الوزير لم يقترح عليه ذلك. ولم يعطه أي تعليمات. جابهه ممثل النيابة العسكرية بمقتضيات الفصل المتعلق بالجنة الجهوية لمتابعة المخاطر والكوارث التي تنص على أن الوالي يترأسها فأجاب أن تلك اللجنة تنعقد كلما حدثت كارثة طبيعية ولا تتعلق بالاحتجاجات. واصل النيابة العسكرية استفساراتها وتوجهت بسؤال للشاهد حول إعداده مخططات آنية أو اقتراحات زمن الأحداث لكن إجابته لم تكن واضحة حيث صرح انه تعرض لمشكلة البطالة صلب تقاريره. بمزيد التحرير عليه حول وجود توجه لقتل المتظاهرين وقمعهم أفاد الوالي السابق انه كلما اتصل بوزير الداخلية ليعلمه بسقوط قتيل ينزعج أما بخصوص الجرحى فقد كان يؤكد في سؤاله عن موطن الإصابة. وحول مدى علمه بمنع سيارات الإسعاف من نقل الجرحى نفى الوالي السابق علمه بذلك إلا أن المحكمة عرضته وجابهته بشهادة سائقي السيارات الذين أكدوا الأمر. صرح الوالي السابق أيضا أنه لا علم له بوجود عناصر إرهابية ضمن المتظاهرين ولم يبلغ لعلمه كذلك سقوط ضحايا على يد عناصر غريبة. وأكد أنه كان على اتصال مباشر مع وزير الداخلية لكنه في المقابل لم يتصل بالرئيس السابق بن علي. وهنا استغربت المحكمة من ذلك التصرف و قالت إن الأمر يستدعي ذلك واستشهدت ببعض الأطراف التي هاتفت الرئيس مباشرة على غرار عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني. إثر ذلك تدخل الأستاذ شرف الدين القليل وتوجه ببعض الأسئلة للشاهد لمعرفة تاريخ آخر جلسة لمجلس الأمن إلا أن الشاهد لم يعد يستحضر التوقيت وحول ما إذا وقع التطرق لمسألة تسلل عناصر إرهابية عبر الحدود فنفى علمه بالموضوع. طلبات النيابة العسكرية : طالبت النيابة العسكرية صلب تقرير تقدمت به إلى المحكمة بضرورة مكاتبة مؤسسة التلفزة الوطنية لموافاة المحكمة بتسجيل خطابي مجلسي النواب والمستشارين الأخيرين. ومكاتبتها أيضا بخصوص الندوة الصحفية المنعقدة يوم 17 جانفي. طالبت كذلك بمكاتبة المصالح المختصة لمعرفة أنواع الأسلحة والجهات التي تحصلت عليها ولمعرفة نوع الأسلحة. إلى جانب مكاتبة شركة الاتصالات المشغلة لمد المحكمة بمراسلات حول المكالمات الهاتفية. الجلسة المقبلة من المنتظر أن تشهد تطورات جديدة عند سماع ما سيدلي به الشهود الجدد المنجي شوشان كاتب الدولة المكلف بالشؤون الجهوية والجماعات المحلية ومحمد عياض الودرني مدير الديوان الرئاسي ووزير العدل الأسبق الأزهر بوعوني. وربما ستنكشف حقائق جديدة لم تظهر في الطور الابتدائي.