تعرضنا على امتداد حلقاتنا الماضية الى كيفية عمل الجسم والأسباب التي تساعد أعضاءه على اقيام بوظائفها والأسباب التي تعيق على العكس مختلف أنشطتها. وركزنا جميع الحلقات على دور الأعشاب والنباتات الطبية في وقاية الجسم من ناحية ومعالجته من ناحية أخرى مستندين إلى نظرية «باطن الحياة والوراثة السريري» التي ابتكرها ووضع أسسها الدكتوران الفرنسيان «دورافور» و»لبراز». ويرى أغلب الخبراء أن هذه النظرية ستحتل المقام الأول في الطب المستقبلي نظرا لجدواها العلاجية ولكن هذا لا يمنعنا من تأكيد النقاط التالية : إن دور الطبيب الأكاديمي «الذي يعالج في المستشفى أو العيادة أو المصحة» لن يتأثر وسيبقى فعالا في نجدة المرضى واسعاد البشرية. لا يوجد طب بديل قادر على تعويض الطب العادي «الأكاديمي» والصحيح هو وجود وسائل علاجية مكمّلة أو مساعدة مثل التداوي بالأعشاب والنباتات الطبية. يمكن اللجوء الى العلاج بالأعشاب الطبية في حالات ثلاث هي: 1 قبل التداوي بالأدوية العادية «التي تباع في الصيدليات» ويكمن دور الأعشاب الطبية في هذه الحالة في تحضير الجسم وتهيئته لتقبل المواد الكيمياوية الموجودة في تلك الأدوية فلا يتأثر بها كثيرا. 2 أثناء التداوي بالأدوية يكون هذا مكملا لذلك أو مساعدا له في تحقيق الشفاء. 3 بعد الأدوية تلعب الأعشاب الطبية دورا مهما في ازالة مخلفات المواد الكيمياوية وإعادة التوازن للجسم. لكن المهم أن نفرّق بين نوعين من العلاج بالأعشاب والنباتات الطبية. - بين العشوائية والتنظيم يوجد العلاج بالأعشاب والنباتات الطبية في تونس وفي سائر أنحاء العالم منذ عهود طويلة وقد كانت في السابق ملاذ المريض الوحيد أو الرئيسي لكن دور هذا النوع من العلاج تقلص بالتوازي مع ظهور الطب الأكاديمي. وقد حافظ هذا النوع من العلاج على وجوده الى اليوم لكن مشكلته الأساسية تبقى في طابعه العشوائي وعدم تمكن بعض المعالجين من هذه المهنة الانسانية. وهناك على العكس نوع ثان من العلاج بالأعشاب والنباتات الطبية وهو نوع منظم ويتطور في العالم من يوم إلى آخر. ويتولى هذا النوع أطباء عاديون يكملون أولا دراستهم الطبية العادية ثم يتخصصون في العلاج بالأعشاب والنباتات الطبية فلا يعرضون المريض الى أي مشكل جانبي. وقد تحمست هيئات عديدة «تونسية وأجنبية» لهذا المنهج الجديد والمنظم وهو ما يظهر في الجهود الجبارة والمساعدات القيمة التي تقدمها كلية الصيدلة بالمنستير والجمعية الفرنسية للمعالجين بالأعشاب «SFEM». ونختم حلقاتنا بدعوة كل من يغير على وطنه الى الاهتمام بهذا المنهج الجديد في الطب والاستثمار فيه فبلادنا تعجّ بالأعشاب الطبية وإذا فكرنا في تصنيعها فإننا نحقق عدة أهداف أهمها خلق مواطن شغل جديدة وعديدة وتنشيط الاقتصاد الوطني. ولعل ما لا يعلمه الكثيرون أن نباتاتنا تصدر الى الخارج «أوروبا» بأسعار بخسة ثم تعود إلينا في شكل أدوية باهظة جدا فلمَ لا نستغلّ أعشابنا بأنفسنا فنفيد بها صحتنا واقتصادنا.