قال أصحاب مراكز تجميع الحليب من جهات سيدي بوزيد وقفصة والقصرين وصفاقس إنهم اضطرّوا هذه الايام الى الالقاء بكميّات هامة من الحليب الطازج في الطبيعة بعد أن عجزت مركزيات الحليب بجهات الوسط وصفاقس عن استيعابها. وأضاف أصحاب مراكز التجميع المذكورة في اتصال ب «الشروق» صباح أمس ان هذه الوضعية سبق ان تكررت في السابق في سنوات 2001 و2005 و2007 عندما ارتفع الانتاج في تلك السنوات بشكل ملحوظ كما هو الحال في هذا الموسم، وهو ما يسبب لهم صعوبات مالية كبرى بحكم إلتزاماتهم المادية لدى البنوك ولدى مربيي الابقار وباعة العلف والمعلوم ان الفترة الحالية هي فترة ذروة الانتاج،وهي التي يعوّل عليها مربو البقر الحلوب وأيضا مراكز التجميع لتكثيف نشاطهم وتحقيق مرابيح اضافية. كما تعوّل عليها مركزيات الحليب (مصانع الحليب المعلب والمشتقات) لتخزين كميات اضافية من الحليب الطازج واستغلالها خلال فترة نزول الانتاج(أكتوبر نوفمبر ديسمبر جانفي)... غير أنه وبالرغم من تطور الانتاج على مستوى مربيي الابقار بعد الترفيع منذ أشهر في سعر لتر الحليب، وبالرغم من تطور نشاط مراكز التجميع والتحسن الملحوظ في جودة امكاناتها وتجهيزاتها (بفضل منحة التجميع المسندة إليهم من الدولة) إلا أن كل ذلك لم يرافقه على حد قول أصحاب مراكز التجميع أي تطور على مستوى طاقة مركزيات الحليب (المصانع) التي بقيت محدودة ومخازنها غير قادرة على استيعاب كل فائض في الانتاج يقع تسجيله من سنة الىأخرى... وهو ما يدفع بأصحاب مراكز التجميع الى الالقاء بكميات من الحليب في الطبيعة بعد أن يشتروها من الفلاح المربي ويدفعوا ثمنها. 25 ساعة قال أحد المتحدثين ل «الشروق» إنّ مراكز التجميع بالجنوب والوسط أصبحت تلجأ الى مركزيات الحليب بالشمال لتسليم منتوجها بعد أن يلقوا كل الرفض من مركزيات جهاتهم. غير أن ذلك يتطلب منهم تمضية 5 ساعات تنقل في الذهاب وانتظار ما لا يقل عن 20 ساعة أحيانا أمام احدى المركزيات الكبرى المعروفة بجهة الوطن القبلي حتى يحين الدور وذلك بسبب الطابور الطويل من الشاحنات. وطوال هذه المدّة، تتعكر جودة الحليب، بسبب الحرارة وقد ترفض المركزية المذكورة قبوله مما يدفع بصاحب الشاحنة (مركز التجميع) الى التخلص من تلك الكمية في الأودية المحاذية والعودة الى جهته بشاحنة فارغة وبجيوب فارغة أيضا بما أنه لم يجن أي مليم عن مجهوده هذا. وعند العودة، يجد كميات اخرى في انتظاره جمّعها المربون، فيعيد الكرّة وينقلها مجدّدا الى المركزية على أمل قبولها هذه المرّة حتى يتفادى ولو نسبيا خسائر الحمولة الاولى...لكن في كل مرّة تتكرر العملية دون جدوى وهو ما أصبح يسبب لهم صعوبات مادية كبرى فضلا عن الالتزامات المادية الكبيرة التي تربطهم مع المربين والبنوك. حلول يقترح المتحدثون على الجهات المعنية أن تتدخل الدولة لبعث مركزيات تجميع حكومية تستوعب فائض الانتاج كل سنة... كما اقترحوا أيضا مساعدة المركزيات الحالية على توسيع طاقة استيعابها للحليب الطازج حتى تقدر بدورها على تلبية كل الحاجيات كما اقترحوا أيضا إعادة النظر في مسألة تصدير الحليب السائب دون انتظار تعليبه خاصة أن الدول المجاورة على استعداد لتقبّل كميات هامة من حليبنا سنويا. وكل ذلك حتى لا تضيع هذه الثروة التي وهبها ا& لبلادنا ويقع الالقاء بها في الطبيعة والأودية، على حد ما ذكره أحد أصحاب مراكز التجميع.