رغم مرور أكثر من 5 أشهر على إندلاع ثورة 14 جانفي لم تتخلص البلاد من بعض السلوكات السلبية التي رافقت الثورة مثل ظاهرة الإنتصاب الفوضوي التي شملت مدنا كبرى وقضت على خصوصية العاصمة وجمالها المعماري. فأينما تحركت وسط العاصمة وشوارع باريس وشارل ديغول والأنهح الفرعية مثل نهج إسبانيا وفرنسا ومرسيليا وبالمنطقة التي تعرف «بالباساج» تحاصرك عربات الباعة ومنتوجات أدوات التجميل والعطورات المقلدة الصنع وعلب السجائر وأواني الطبخ وفي بعض الأحيان يتم عرض الملابس المستعملة «الفريب» في إعتداء صارخ على مرأى ومسمع من مصالح وهياكل البلدية وتحت أنظار الحكومة المؤقتة. وإضافة إلى مظاهر الإعتداء على جمالية المدن وخاصة العاصمة فإن أصحاب المحلات التجارية ضاقوا ذرعا بظاهرة الإنتصاب الفوضوي إذ يؤكدون أن هؤلاء التجار إستغلوا هشاشة الوضع الأمني وغياب المراقبة للزحف عليهم ومنافستهم بأسلوب غير نزيه من ذلك أنهم مطالبون بتسديد الآداءات (باتيندا، أجرة الكراء، رواتب العمال، فواتير إستهلاك الكهرباء) في حين أن تجار العربات غير مطالبين بذلك. وقد تتطور الأوضاع إلى أكثر من ذلك لتتحول بعض الأنهج إلى مصدر توتر وتكثر الإشتباكات والتخاصم على أماكن عرض المنتوج والسبّ والشتم والتلفظ بعبارات منافية للأخلاق لم نتعود عليها وسط سوق أغلب حرفائه من النسوة والأطفال وتخلف مظاهر الفوضى التي إكتسحت شوارع العاصمة وأنهجها وزحفت على قارعة الطريق وشوهت ملامح تحضرها وعمرانها وأتت على أسس تمدنها العديد من الأسئلة مفادها لماذا تغضّ الحكومة المؤقتة الطرف وتغمض المصالح البلدية أعينها على ظاهرة الإنتصاب الفوضوي ولا تعمل على معالجتها وإيجاد طرق وبدائل أخرى توفر للمنتصبين موارد رزق دون الإعتداء على فضاءات أخرى؟ أم أن الحكومة المؤقتة احتارت في معالجة مسائل أخرى مثل التنمية في الجهات والتحضير للإنتخابات التي قد تعتبرها ذات أولوية وترجىء ظاهرة الإنتصاب الفوضوي إلى وقت لاحق.