رحلة عذاب يعيشها التونسي يوميا مع وسائل النقل العمومية. وقد زادت أزمة النقل الجماعي في الصائفة وخاصة خلال هذه الأيام التي يقبل فيها المواطن على التسوّق استعدادا لشهر رمضان وعلى ارتياد البحر. لكن أمام زيادة الإقبال على الحافلات والمترو والقطارات لم نرصد زيادة في عدد السفرات ولا عدد العربات المستعملة للغرض. الاكتظاظ الرهيب في وسائل النقل العمومي ينعش بدوره ظاهرتين موجودتين في وسائل نقلنا بطبعها لكنها تنتعش في مثل هذه الظروف وهي السرقة والتحرّش..
أين الأمن؟
في أكثر من مناسبة كنا شهود عيان على محاولات نشل في المترو او الحافلة هذه الظاهرة التي «ازدهرت» خلال هذه الايام لأن «الضحايا» جيوبهم ممتلئة بالأموال التي خصصوها ل «قضية رمضان».
المصادر الرسمية تذكر ان هناك فرق أمن في وسائل النقل لكن الواقع الذي يعيشه التونسي لا يعكس هذه الحقيقة مطلقا ولا أدل على ذلك من حالات النشل المتواترة يوميا..
اخلالات
الغريب ان وزارة النقل تدعو منذ سنوات المواطن الى استعمال النقل العمومي واستعمال محطات الربط بين السيارة والمترو او الحافلة لتجنّب الاكتظاظ «المزمن» لطرقاتنا لكن ما الذي تم إعداده من وسائل النقل العمومي الذي تدعو الوزارة لاستعماله؟ ثم لماذا لا تتكثف وسائل النقل العمومي لتشجيع اصحاب السيارات وغيرهم على استعمال النقل الجماعي خاصة في فترة مماثلة لما نعيشه من إقبال على التسوّق لرمضان وعلى البحر بسبب ارتفاع درجات الحرارة وعلى التزوّد بحاجيات الأفراح والمناسبات الصيفية.
لا وجود لسفرات إضافية بالنسبة الى المترو اما الحافلات فإن جزء منها يدخل في الصيانة خاصة منها تلك الحافلات التي كانت مخصصة للطلبة والتلاميذ. كما انه حاليا توجد 100 حافلة جديدة معطلة تم استيرادها في إطار مشروع ألف حافلة (الصفقة وراءها بلحسن الطرابلسي). هذه الحافلات بها قطع غيار لا تعمل ومشاكل كثيرة متعلقة بالسلامة مما اضطر الشركة الى رفع قضية عدلية في الغرض.
وفي خصوص القطارات تم استيراد 12 عربة جديدة من الصين وينتظر ان تدخل حيّز الاستغلال في أكتوبر المقبل اي بعد انتهاء موسم الصيف. سألنا مصادر من وزارة النقل عن التناقض بين دعوة المواطن الى استعمال النقل العمومي وعدم إعداد الأسطول للغرض وتواتر سفرات ملائمة لتحمّل ضغط الإقبال، فأجابت: «ان الدعوة الى اعتماد وسائل النقل العمومي هو برنامج مستقبلي والجهات المعنية تعي جيّدا ان النقل البري ليس في المستوى المأمول والهدف هو بلوغ مستوى معقول للنقل البري، وذلك بفضل المشاريع المستقبلية التي ستحلّ ازمة النقل منها القطارات السريعة».
لكن حتى يكون المشهد واضحا على المواطن اليوم ولسنوات أخرى ان يتحمل مشاكل النقل والاكتظاظ والنشل والروائح الكريهة والتحرّش ذلك ان انجاز هذه المشاريع المستقبلية سيطول هذا إذا لم تظهر عيوب في الصفقات الجديدة التي سيتم ابرامها..