أثارت تصريحات «الأمين العام» لأحد الاحزاب السياسية المعترف بها بعد الثورة، الداعي للزواج بالقاصر من سن الثالثة عشرة استهجانا وتقزّزا من مكونات المجتمع التونسي سياسيا ومدنيا، وتمثل هذه التصريحات دعوة صريحة للاغتصاب يعاقب عليها القانون. بالرجوع الى الفصل الخامس من مجلة الأحوال الشخصية فاننا نجد أن السن القانونية التي وضعها المشرع التونسي لا يجب ان تقل عن 18 سنة كاملة، وينص الفصل الخامس على أنه « يجب أن يكون كل من الزوجين خلوا من الموانع الشرعية، وزيادة على ذلك فكل من لم يبلغ منهما ثمانية عشرة سنة كاملة لا يمكنه أن يبرم عقد الزواج. وابرام عقد الزواج دون السن المقرّر يتوقف على اذن خاص من المحاكم. ولا يعطى الاذن المذكور الا لأسباب خطيرة وللمصلحة الواضحة للزوجين». ويعتبر القانون التونسي ان سن الرشد القانونية عشرين عاما.
المبدأ الاول هو ان عقد الزواج دون سن الثامنة عشرة سنة هو عقد باطل، الا أن المشرع في هذا الفصل قدم استثناء للنزول دون سن الثمانية عشرة سنة بشرط صدور اذن قضائي، لكن هل أن السن الدنيا مفتوحة، أي يمكن صدور اذن قضائي مثلا للزواج بطفلة عمرها ثلاث عشرة سنة?
السماح بالزواج عبر الاذن القضائي مرتبط بما يعرف بالترشيد، اي جعل احد الزوجين راشدا بموجب قرار قضائي والترشيد حسب الفصل 153 من مجلة الاحوال الشخصية هو 17 سنة.
اذن هل يعتبر ابرام عقد في مادون 17 سنة عقد زواج صحيح؟
بالرجوع الى الفصل 227 من المجلة الجزائية فاننا نجده ينص على أنه « يعاقب بالاعدام: 1- كل من واقع أنثى غصبا باستعمال العنف او السلاح او التهديد به. 2- كل من واقع انثى سنها دون العشرة اعوام كاملة ولو بدون استعمال الوسائل المذكورة. ويعاقب بالسجن بقية العمر كل من واقع أنثى بدون رضاها في غير الصور المتقدمة. ويعتبر الرضا مفقودا اذا كان سن المجني عليها دون الثلاثة عشر عاما كاملة». اذن بالنسبة الى المشرع فان مواقعة انثى سنها دون 13 عاما هو جريمة حتى وان كان برضا المجني عليها لان ركن الرضا لا يتوفر في مثل هذه الحالة. وبالتالي فان الزواج بمن سنها دون 13 سنة هو اغتصاب على معنى احكام الفصل 227 من المجلة الجزائية وبالتالي فان كل من يدعو الى ذلك هو بمثابة من يحرض على الاغتصاب.
لكن كيف يتعامل المشرع مع من يواقع انثى سنها يساوي او يفوق 13 سنة ودون 17 سنة
بالرجوع الى الفصل 227 مكرر من المجلة الجزائية فاننا نجده ينص على انه « يعاقب بالسجن مدة ستة أعوام كل من واقع أنثى بدون عنف سنها دون خمسة عشر عاما كاملة. واذا كان سن المجني عليها فوق الخمسة عشر عاما ودون العشرين سنة كاملة فالعقاب يكون بالسجن مدة خمس اعوام. والمحاولة موجبة للعقاب». اذن في كل الحالات فان الزواج بقاصر هو نوع من الاغتصاب حتى في صورة توفر الرضا الذي لا يؤخذ به وفقا للحالات المنصوص عليها حصريا في القانون. وبالتالي فان الدعوة للزواج بمن سنها 13 عاما هو دعوة للاغتصاب وتحريض عليه، وفعل يجرم القانون التونسي التحريض على الاغتصاب.
بالرجوع الى الفصل 51 من المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية بحرية الصحافة والطباعة والنشر فانه ينص على انه « يعاقب بالسجن من عام إلى ثلاثة أعوام وبخطية من ألف إلى خمسة آلاف دينار كل من يحرّض مباشرة بواسطة وسيلة من الوسائل المبيّنة بالفصل 50 من هذا المرسوم على ارتكاب جرائم القتل أو الاعتداء على الحرمة الجسدية للإنسان أو الاغتصاب أو النهب وذلك إذا لم يكن التحريض متبوعا بمفعول دون أن يمنع ذلك من تطبيق الفصل 32 من المجلة الجزائية أما إذا كان التحريض متبوعا بمفعول فيرفع أقصى العقاب إلى خمسة أعوام سجنا».
وبالتالي فان التحريض على الاغتصاب يعاقب مرتكبه في هذه الحالة بالسجن من عام الى ثلاثة اعوام. وبالتالي فان الامين العام للحزب السياسي الذي دعا الى الزواج بمن سنهن 13 يكون قد ارتكب جريمة التحريض على الاغتصاب ويعتبر من ابرم العقد مشاركا في الجريمة.
ومع ذلك فانه من الاشكاليات التي يمكن طرحها هو اعتبار ابرام عقد الزواج في هذه الحالات مخالفا للقانون وبالتالي يتم تطبيق قانون سنة 1957 المتعلق بالحالة المدنية واعتبار الجريمة الزواج على غير الصيغ القانونية وينطبق على عقد الزواج ما ينطبق على بقية العقود بالنسبة الى من ابرم العقد وهذا توجه قد لا يجد ما يدعمه قانونا وواقعا.