بين تصريحات السياسيين والوزراء ضاع ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر، رغم تأكيد سمير ديلو أن الموضوع لن يخرج عن العدالة الانتقالية. يبدو أن هذا الملف الخطير سيكون رقما ضمن 1200 قضية فساد ستعرض أمام القطب القضائي الذي بعثته وزارة العدل وهيئت له مقرا جديدا بشارع محمد الخامس وعين له قضاة تحقيق وموظفون من النيابة العمومية وهدفه معالجة ملفات الفساد ومساءلة المتهمين. وحسب مصدر ل«الشروق» فإن ملف رجال الأعمال سيكون من أولويات هذا القطب.
قال رئيس الحكومة حمادي الجبالي في بيت رجال الاعمال في مؤتمرهم الانتخابي أن قانون العدالة الانتقالية سيمكن من التسريع في نسق التعاطي مع ملف الممنوعين من السفر وكان تصريحه ردا على رئيسة منظمة الاعراف التي أطلقت صيحة فزع على وضع مؤسسات هذه الفئة من رجال المال بتونس وما نتج عنه من خسائر بآلاف المليارات من مؤسساتهم.
اتحاد الأعراف
رئيسة اتحاد الأعراف أكدت ان رجال الاعمال حين أطلقوا صيحة فزع لم يبالغوا متسائلة هل من المعقول ان يُحرم رجال الاقتصاد من جوازات سفرهم لحوالي سنتين وترك مؤسساتهم الاقتصادية للضياع دون ايجاد حلول لهذه القضية وللمتضررين مقترحة في هذا السياق تعويض اجراءات تحجير السفر بأخرى لا تعطل عمل المؤسسات الى حين البت في هذه القضايا بشكل نهائي واعطاء كل ذي حق حقه مضيفة ان الوضع الاقتصادي الراهن يحتاج الى جميع رجاله للنهوض به بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها على خلفية الاحتجاجات وقلة اليد العاملة وفقدان المواد الأولية والتجارة الموازية وغيرها من المصاعب أمامه.
بين عدالتين
بين عدالتي وزارتي حقوق الانسان والعدالة الانتقالية والعدل لم يجد ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر حلّا ينفذ على أرض الواقع وبقي يقتصر على تصريحات عدد من الوزراء، فالوزير سمير ديلو طمأنهم بأن العدالة الانتقالية ستنظر في وضعياتهم حالة بحالة بلا تشف ولا ظلم، في حين أكدت وزارة العدل من خلال تصريحات عدد من مسؤوليها أن لا أحد فوق القانون وأن هذا الملف الاقتصادي سيكون أمام القطب القضائي وسيعالج عن طريق القضاء داخل الاطار القانوني.
من 460 الى 300 وصولا الى 70 رجل أعمال منعوا من السفر وبلغت الخسائر المالية حوالي 5000 مليار منذ سنتين والوضع لم يتغيّر ولم يحصل هذا العدد من أصحاب المؤسسات الاقتصادية على جوازات سفرهم وكل المؤشرات تدل على أن هذا الملف خلق صراعا بين عدد من الوزارات وسينتهي به المطاف في شارع محمد الخامس داخل غرف القطب القضائي الذي تنتظره حوالي 1200 قضية فساد في جميع القطاعات حسب ما صرّح به وزير العدل نور الدين البحيري.
تسيس
لم يعد ملف رجال الأعمال الممنوعين من السفر قضية اقتصادية بل تحول الى ملف سياسي بحت يحاول كل حزب ان يفتكه ويعالجه بطريقته الخاصة بل وتذكر في عدد كبير من الاجتماعات السياسية ومن المنتظر ان تكون سنة 2013 موعد الانتخابات حيث يرى البعض ان هذا الملف سيكون أداة انتخابية هامة نظرا لأموال رجال الأعمال التي ستساعد في الحملات الانتخابية. رغم ان عدد من الحلول وضعت أمام سلطة الاشراف لرفع اليد عن هذا العدد الهام من رجال الأعمال إلا أن كل وزارة متمسكة بأحقيتها في هذا الملف وبين هؤلاء السياسيين ضاع هذا الملف منتظرا رصاصة الرحمة لعلها تنقذ ما تبقى من خسارة المؤسسات الاقتصادية.