أيّ مستقبل ل»الترويكا» ما بعد التحوير الوزاري؟ هل سيتعزّز هذا التحالف أمّ سينفرط عقده لتنتهي بذلك أوّل تجربة لائتلاف حكومي في تونس ما بعد الاستقلال؟ يُطرح هذا السؤال بشدّة ساعات قبل توجّه رئيس الحكومة حمّادي الجبالي الى المجلس التأسيسي لتقديم مقترحه المتعلّق بالتحوير الوزاري. فالرجل سيحمل في ورقته إمّا إعادة ترتيب للحقائب الوزارية بين الأحزاب الحاكمة أو تسميات جديدة لحلفاء جدد سينضمون للائتلاف الحاكم.
إرضاء ومغازلة
ويرى مراقبون أنّ حمادي الجبالي مطالب بإرضاء حليفيه حزبي التكتل والمؤتمر أوّلا ومغازلة المعارضة ثانيا من خلال إجرائه تعديلا في الوزارات السياديّة لا يضم أسماء نهضاويين حتّى يستطيع تمرير مقترحه والحصول على مصادقة النوّاب ففي عدم المصادقة على تشكيلته الجديدة سحب للثقة منه بصفته مكلّفا بتشكيل حكومة وبالتالي تكليف شخص آخر بتشكيل حكومة-يكون من الحزب الأغلبي.
وبعيدا عن مدى سحب الثقة من الجبالي يتساءل المتابعون للشأن السياسي حول مستقبل الترويكا كتجربة سياسية هي الاولى من نوعها في تونس هل تستمر أم تنهار؟. قبل توجّهه للتأسيسي من المفروض أن يعرض حمّادي الجبالي تشكيلته الحكوميّة الجديدة على أنظار التنسيقيّة العليا للترويكا التي قد تكون اجتمعت عشّية أمس فمن الصعب على رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة أن يذهب الى التأسيسي دون أن يعلم حلفاءه بأسماء المرشحين لحكومته لأنّ غير هذا سيعرّض الترويكا الى الاختلاف من جديد وربّما انهيارها.
الجورشي: أزمة ثقة
المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي اعتبر أنّ التحوير الوزاري عرّض الترويكا الى أزمة ثقة حادة بين مكوناتها بالرغم من الشعارات ومحاولة الطمأنة إلاّ أنّ حقيقة ما يجري داخل أحزاب الترويكا كشف عن خلافات جوهريّة سواء في تقييم الاداء العام أو في تصوّر المستقبل.
ويرى الجورشي أنّ التحوير الذي سيتم الإعلان عن نتائجه سيؤدّي إمّا الى معالجة ظرفيّة ووقتيّة لأزمة الثقة أو يؤدّي الى انهاء الترويكا والبحث عن صيغة جديدة للحكومة مؤكّدا أنّ أزمة الثقة داخل الترويكا أفقد هذا الائتلاف قيمته السياسيّة لدى الرأي العام.
وحول تجربة الائتلاف الاولى من نوعها في تونس ما بعد الاستقلال قال الجورشي قد يتغيّر اللاّعبون والاطراف لكن يبقى احتياج الاحزاب لبعضها لتشكيل حكومة هو الغالب إذ لا يوجد الآن في تونس حزب قوي قادر بمفرده أن يكسب أغلبيّة تمكّنه من الانفراد بتشكيل حكومة. وإذا ما تأكدت نتائج استطلاعات الرأي القائلة بأنّ حجم حركة النهضة تراجع فإنّ ذلك سيؤكّد بأنّ التحالفات الحزبيّة ستبقى الصيغة الوحيدة الممكنة ما دمنا في مسار انتقالي.