قضت مؤخرا احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإدانة شخص في الأربعين من العمر والقضاء في شأنه بالسجن لمدة أربعة أعوام من أجل اتهامه بالسرقة الموصوفة من محل معدّ للسكنى باستعمال التسوّر والخلع. وحسب وقائع القضية فإن المتهم لوحظ من قبل بعض متساكني أحد الأحياء الشعبية، وهو بصدد التجول حول محيط المنزل المسروق ومراقبته. في تاريخ الواقعة توجه المتهم ليلا الى موضوع سرقته، فتسوّر الجدار الخارجي، حسبما أفادت به ملفات الابحاث، بعدما تأكد من خلو المكان وقلّة الحركة، ثم تولّى لاحقا البحث عن منفذ يمكنه من الدخول، فلم يجد من حل غير قطع بعض الأسلاك الحديدية التي كانت تستعمل لحماية احدى النوافذ، ثم تعمّد خلع النافذة فالولوج الى بهو المنزل، الذي كان على ملك شخص ثري لذلك ميّزت الفخامة أثاثه الرفيع. قام زائر الليل بجولة داخل أرجاء المكان، ثمّ بدأ في اختيار فتجميع ما أثار رغبته، اثر ذلك، أخذ المسروق الذي تمثل في خزانة حديدية تستعمل خزينة لحفظ المال وجهاز لاقط فضائي وأجهزة الكترونية وأخرى منزلية ومبالغ مالية وأدباش وبعض الأثاث ثم غادر المكان وأخفى ما استولى عليه على أمل التفريط فيه بالبيع لاحقا. صاحب المنزل المتضرر علم بتعرض محل سكناه للسرقة بينما كان في احدى الدول الأوروبية بصدد معالجة زوجته، ففوّض أمره للمحققين وعاد الى أرض الوطن وطلب تتبع من ستكشف عنه الأبحاث قضائيا. وبعد ابلاغ ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس، أذن بفتح محضر تحقيقي في الغرض، فانطلقت الأبحاث والتحريات التي أودت الى الكشف عن هوية الجاني بعدما قدم بعض أهالي الحي الكائن به المنزل المسروق شهاداتهم في شأن الشخص الذي ظل يراقب المحل ويتجول حول أرجائه واستطاع أعوان الأمن القاء القبض على المظنون فيه، ثم تمّ جلبه الى مركز التحقيق حيث أنكر بادئ الأمر ما نسب اليه مدعيا خلوّ ذهنه من وقائع الجريمة، كما أفاد بأنه لم يقض زمنا طويلا منذ خروجه من السجن بعد اقامته به لمدة تسعة أعوام كاملة، الا أنه تراجع عن انكاره ليعترف بالسرقة ويدلّ على مكان بعض المسروق. وبعد انهاء الأبحاث في شأنه أحيل على أنظار أحد قضاة التحقيق، حيث تراجع المتهم عن تصريحاته التي سجلت عليه لدى باحث البداية مؤكدا من جديد خلو ذهنه مما نسب اليه متمسكا بالبراءة إلا أن اعترافاته الأولية وشهادة الشهود ومساعدته أعوان الضابطة العدلية على الكشف على البعض من المسروق، مثل بالنسبة الى النيابة العمومية أركان جريمة السرقة الموصوفة من داخل محل مسكون باستعمال التسور والخلع، ليتجه مع ذلك الأخذ بالادانة واصدار بطاقة ايداع بالسجن ضد المتهم، وتمت احالة ملف القضية على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي أيدت قرار ختم الأبحاث ولائحة التهم وفصولها القانونية على معنى أحكام الفصول 259 و261 و262 من المجلة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة. مثل المتهم خلال الايام القليلة الماضية أمام هيئة المحكمة، حيث تمسك بأقواله التي كان قد أدلى بها لدى قلم التحقيق فيما تراجع عما سجل عليه لدى باحث البداية مصرحا أثناء استنطاقه من قبل المجلس القضائي، بأن أعوان الضابطة العدلية وبعض الشهود استرابوا في أمره باعتبار سوابقه، وأفاد بأنه قضّى بالسجن مدة تسعة أعوام كاملة، جعلته محل شبهة وموضوع شك، وهو ما جعلهم يتهمونه بسرقة منزل المتضرّر، وعن جولانه حول المحل المعني أفاد بأنه يقطن بحي مجاور للحي الكائن به المنزل وأنه تعود المرور من نفس المكان. وسانده في أقواله لسان الدفاع الذي شكك في تصريحات بعض الشهود وشكك في موضوع السرقة أصلا، مؤكدا أنه من غير المنطقي أن يتمكن منوبه من نقل المسروق الذي كان من بينه خزانة حديدية تستخدم لحفظ المال، وهي من النوع الرفيع الذي لا يقل وزنها عن الألف كلغ، خاصة أن منوبه لا يملك شاحنة لنقل المسروق ولم يرد في محاضر البحث وملفات الاستنطاق ما يفيد استعماله ذلك، وطلب لسان الدفاع من هيئة المحكمة الطعن في الدعوى القضائية ضد منوبه وفي شهادة بعض الجيران، وطلب على أساس ذلك القضاء ببراءة موكله والاذن بإخلاء سبيله فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبق القوانين التي أحيل بها المتهم، لتعلن اثر ذلك هيئة المحكمة ختم الترافع في القضية وحجزها للمفاوضة والتصريح بالحكم لتقضي بالادانة وسجن المتهم من أجل ذلك مدة أربع سنوات.