الأمين النهدي: السلطة إذ تتاجر بألمه وآلام الآخرين
تونس - الحوارنت - لا شك أنّ الفنان الأمين النهدي قد ترك بصماته على الركح وصنع ما أراد في عوالم فن المسرح والتمثيل، كما يشهد لهذا الفنان أنّه انتقل من مسرحي محترف إلى حالة مسرحية قائمة بذاتها، ورغم اختلاف البعض مع مضامينه فإنّ الرجل يكون قد أسس لقاعدة شعبية نادرة بل وفريدة من نوعها في تونس، هذا الممثل الذي يرقد في أحد مصحات العاصمة والذي أجريت له عملية جراحية على القلب كللت والحمد لله بالنجاح ، تعرض إلى حركة صَبْينة سياسية تمثلت في محاولة ركوب أزمته الصحية من طرف أعلى هرم السلطة حيث دخل بن علي على الخط مستغلا الأضواء المسلطة هذه الأيام على الأمين في محاولة مكشوفة للاستفادة من هذا التزاحم الإعلامي ولي عنق الصحافة والمتابعين للفت الانتباه إليه والغريب في الأمر أنّ النافذة التي ولج منها صانع التغيير نافذة مضحكة تبعث على السخرية كيف لا وقد أعطى تعليماته بأن تتحمل رئاسة الجمهورية كامل نفقات علاج الفنان وكأنّ النهدي فقيرا معوزا غمره الرئيس بحنانه وعطفه.
وإذا كان ديوان الرئاسة صادقا متجردا في لفتته الكريمة هذه فما بال جحافل المرضى تقتات على حبوب الأسبرين ليس لها إلا الصبر وانتظار الموت الزاحف من كل صوب؟! وما بال مرضى السرطان يشحنون إلى بيوتهم تحت تعلة "خليه يموت في دارو خير"، وما بال الآلاف من الجرحى وأصحاب الحروق البليغة تعطى لهم أدوية منتهية الصلاحية بدائية المفعول يبرر صرفها أنّ الصندوق الوطني للتأمين على المرض"الكنام" لا يغطي الأدوية الأخرى الصالحة للغرض.. ثم ما بال أعلى الفرق الطبية كفاءة في البلاد والمستشارين الصحيين لحامي حماها لا يتجولون في أحزمة الفقر والمرض والموت ؟! ما بالهم لا ينتبهون إلى الملايين الذين لا يستطيعون المرور أمام مصحة خاصة ناهيك عن حلم الدخول إليها والتطبب فيها...
إذا كنا نتمنى للأمين وكل المرضى الشفاء العاجل ونحن على مشارف العشرة الأواخر من هذا الشهر الكريم، فإننا نتمنى كذلك على أعلى الهيئات المختصة في التجارة السياسية في البلاد أن تحيد معاناة المرضى من أجندتها ولا تستعملها أوراق مزايدة ولا تستهلك آلام الناس في مستنقع الدعاية الآسن.