في كل مرة يحاول عبد الكريم بن عتيق إثارة الانتباه، بلجوئه إلي طرق غير مألوفة في قاموس الأحزاب بالمغرب. فمن حشد حوالي 8000 شاب في تجمع خطابي، إلي رفع الأحذية كنوع من الاحتجاج علي قانون الانتخابات، وصولا إلي استقطاب قرابة 7000 امرأة في منتدي نسائي حزبي. البعض يري في مثل هذه التخريجات مجرد استعراض للقوة، بينما يراها البعض الآخر أساليب حديثة في العمل الحزبي. وبن عتيق هذا، وزير مغربي سابق كان يدير قطاع التجارة الخارجية أوائل العقد الحالي، ودخل الاستوزار تحت جبة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان من كوادره الأساسية، قبل أن ينسحب منه ويؤسس العام الماضي حزبا جديدا باسم الحزب العمالي ، ويصبح بذلك الحزب ال34 في قائمة الأحزاب بالمغرب. الأحد الماضي، استطاعت قيادة هذا الحزب جمع 6700 امرأة من مختلف بقاع المغرب، وجيء بهن إلي قاعة رياضية مغطاة حيث استمعن إلي خطب وكلمات حول أهمية المشاركة السياسية. وبدأ القيل والقال، وكثرة السؤال: ما الهدف من هذه الخطوة؟ من أين أتي الحزب بالأموال التي خصصت لنقل النساء في الحافلات وتغذيتهن؟ صاحب هذه المبادرة السياسي الشاب بن عتيق (47 عاما) قياسا إلي أعمار قادة الأحزاب المغربية، يقول إن حزبه يعتمد وسائل جديدة في العمل السياسي لا تعتمد التأطير (التوجيه) الإيديولوجي. وفي تصريح لصحيفة أوجوردوي لوماروك (المغرب اليوم) نفي أن يكون يقوم بحملة انتخابية سابقة لأوانها، وإنما مجرد تحسيس للمواطنين بالمشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة. علينا أن نفوت الفرصة علي فئتين من الناس: الطامعون في الفوز عن طريق الانتخابات، والإسلاميون الذين يستغلون الدين لأغراض سياسية ، علي حد تعبيره. أما عن مصادر تمويل التجمع النسائي المشار إليه، فقال إنهم بعض أصدقائه وأعضاء من الحزب ممن حصلوا علي التزكية للترشح للانتخابات وعدد من المحسنين الذين قدموا للحزب صدقة مستورة مفضلين عدم الإعلان عن أسمائهم. هذه المبادرة التي لا تخلو من طرافة، أغاظت الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي خرج من رحمه الحزب الجديد، فسارع أحد برلمانييه، إدريس لشكر، إلي وصف المولود الجديد ب الحزب السري ، وقال في تصريح لصحيفة التجديد : من الصعب أن تستقطب آلاف النساء من كل مناطق المغرب، وأن توفر لهم التغذية والتنقل . ولم تفوت صحيفة المساء هذه الفرصة، فعلّقت علي تصريح البرلماني المذكور ساخرة بالمثل المغربي: المش اذا ما وصلش للقديد كيقول خانز (حين لا يصل القط إلي لحم القديد يقول: فاسد!) ومن جديد، هاجمت صحيفة الاتحاد الاشتراكي الحزب الفتي علي هامش تنظيمه لقاء مع النساء، فقالت إن السلطة هي التي نظمت التجمع النسائي، وتحدثت الصحيفة نفسها عن زعيم الحزب المذكور قائلة عنه: الرجل الذكي الذي تعود أن يخطط للمشاريع الفاشلة، يتحكم أيضا في الإعلام المرئي والمسموع والرسمي. إنه يفكر مباشرة في استغلال هذه الوسيلة، التي يؤدي مصاريفها الشعب، لمصلحة مخططه المفضوح ، وذلك في إشارة إلي استضافة بن عتيق في برنامجين حواريين في التلفزيون المغربي بقناتيْه. صحيفة النهار المغربية رأت أن أعضاء حزب الاتحاد الاشتراكي وجهوا صواريخ الكلام إلي حزب تأسس حديثا، مؤسسه ابن الدار، وكان وزيرا باسمهم. ذنبه أنه جمع عباد الله بشكل كبير. وعلقت الصحيفة نفسها علي وصف حزب بن عتيق بالحزب السري، بالقول: إذا كان حزبا سريا ويعتمد وسائل غير قانونية وغير أخلاقية، فهذه القضية تعود إلي محمد بوزوبع وزير العدل (المنتمي إلي الاتحاد الاشتراكي ) الذي ينبغي أن يحرّك المتابعة في حق حزب سري ومخالف للقانون . و الاتحاد الاشتراكي حزب مشارك في الحكومة، وبالتالي هو مسؤول عن أي انفلات وانزياح عن القانون. لكن الذي ينبغي التأكيد عليه هو أنه من حق كل الأحزاب التعبير عن آرائها بكل الوسائل الممكنة .